تشير كلمة الميزانية في اللغة؛ إلى تحقيق التوازن والاتزان، وكذلك فإنه يُمكن تطبيق هذا المعنى في السياق الاقتصادي والمالي ليُعبّر مفهوم الميزانية أو الموازنة المالية بذلك؛ عن الخطط الاقتصادية التي تحقق التوازن والاتزان بين الإيرادات أو المداخيل من جهة، والنفقات أو المصاريف من جهة أخرى بما يشمل ما يتخلل الأمر من عمليات استثمار، واقتراض، وادّخار، وما سوى ذلك وذلك من العمليات المالية والاقتصادية الأخرى التي قد تُسهم في بناء الميزانيه أو الموازنة على النحو الأفضل بحسب الوضع القائم والحاجات أو المتطلبات بُغية الوصول إلى ذلك.
في هذا المقال؛ سنناقش بإيجازٍ وافٍ تعريف الميزانية بشكلٍ جلي، جنباً إلى جنب مع توضيح ما هي الميزانية العامة للدولة وما أهم مرتكزاتها إضافةً إلى أهم المعلومات عنها بما يشمل أنواع الميزانيات وكيفية بناء ميزانية الدولة والتخطيط لها.
ما هي الميزانية؟
تجدر الإشارة قبل الشروع في توضيح ما هي الميزانية؛ إلى التباين بين مفهوم الميزانية والموازنة الذين بات من الشائع الخلط بينهما، إذ يتبدّى تعريف الميزانية في حقيقة الأمر على أنها بيان محاسبي يضع الأصول المالية للشركات أو المؤسسات أو الجهات المعنية في كفة، مقابل التزاماتها وحقوق المساهمين المالية في الكفة الأخرى ليجري تنظيم وتوفيق العمليات المالية للشركات والمؤسسات والجهات المعنية على أساس الوضع الاقتصادي القائم.
فيما تُعرّف الموازنة بكونها الخطة التنظيمية المنصوص عليها في الشروط النقدية للشركات والمؤسسات الكبرى وكذلك الدول أيضاً، وبالتالي فيتمثل مفهوم الموازنة بتقييم الوضع المالي بناء على الموجودات وتوقعات الإيرادات، جنباً إلى جنبٍ مع حساب التزامات النفقات أو المصروفات، وكذلك صوغ التوقعات للأحداث المستقبلية ووضع الخطط للتعامل معها على الوجه الأمثل والأسلم في إطار استراتيجية مالية واقتصادية عامّة.
وبشكلٍ عام؛ فإنه غدى من الشائع إطلاق تسمية الميزانية على مفهوم الموازنة، ولعّل أبرز الميادين أو السياقات التي تتخذ هذه التسمية في هذا الإطار هي التي تتمثل في مفهوم ميزانية الدولة الذي سنأتي على الخوض فيه تالياً.
الميزانية العامة للدولة
تعرض الدول أبعادها الاقتصادية والمالية وأبرز تطوراتها في كل عام من خلال اعلان الميزانية العامة للدولة وهي التي تشتمل على توقعات الإيرادات والنفقات وإجمالي الناتج المحلي، جنباً إلى جنب مع مقاربة العجز والفائض في الهيكلة الاقتصادية للدولة.
وتتولى وزارة المالية في الدولة عادةً؛ مسؤولية إعداد الميزانية العامة بما يتضمن رسم السياسات ضمن المعايير الدولية ووضع الخطط والاستراتيجيات وتنفيذها بما يحقق الأهداف الاقتصادية والمالية المرجوّة للدولة، وبما يُشكّل تحدياً للظروف والتغيرات الاقتصادية على مدار السنة المالية، بالتوازي مع التطلعات لرفع الناتج الإجمالي المحلي وتحسين دوران عجلة الاقتصاد في الدولة.
كما تكون وزارة المالية كذلك مسؤولةً عن إعداد حزمة من التقارير بما في ذلك تقارير الأداء التي تُبيّن مدى اتساق ومُضي كُلٍ من وزارات الدولة وفقاً للخطة المالية والاقتصادية التي تضمنها اعلان الميزانية العامة، وذلك بشكلٍ ربع سنوي مع عرض هذه التقارير أمام المجالس المختصة والمعنية في الدولة وإتاحة استعراضها من قِبل المواطنين أيضاً، أسوة بما يقع عليها من مسؤولية متمثلة في إتاحة إمكانية الاطّلاع على مؤشرات الأداء الحكومي، والاطّلاع على ميزانية أي وزارة على وجه الخصوص أو تفاصيل ميزانية الدولة بشكلٍ عام
أنواع الميزانية
تتعدد أنواع الميزانية المالية أو الاقتصادية وتتخذ أشكالاً وأنماطاً مختلفة لتكون متناسبة مع تحقيق الأهداف والغايات من وراء إعدادها والسير عليها، كما وتُراعي أنواع الميزانية حُزمةً كبيرة من العناصر والعوامل بما في ذلك الوقت أو المدة المستهدفة، والقطاع أو المجال، وطبيعة الجهة أو الهيئة التي تُعد لها الميزانية، والأوضاع المالية القائمة، والتطلعات الاقتصادية، والعديد مما سوى ذلك من العناصر والعوامل الأخرى، ولعلّها تتبدّى أبرز وأهم أنواع الميزانية بشكلٍ عام في ما يلي:
- ميزانية الأداء
- الموازنة الرأسمالية
- الميزانيه التشغيليه
- موازنة التشغيل والصيانة
- الموازنة النقدية
- الميزانية التقديرية
- الميزانية الثابتة
- الميزانية المرنة
- الميزانية الفعلية
- ميزانية البنود (الاعتمادات)
- ميزانية البرامج البرمجة والتخطيط
- الميزانية الصفرية
- الميزانية التعاقدية
- الميزانية القائمة على السوق
- الميزانية القائمة على التكلفة
- ميزانية القيمة العادلة والمختلطة
- الميزانية الحالية
- الميزانية طويلة الأجل
- الميزانية قصيرة الأجل
كما ترتبط الميزانية المالية أو الاقتصادية بمجموعة من قوائم البيانات تتمثل أبرزها بالتالية:
- قائمة الدخل التقديرية
- قائمة المركز المالي التقديرية
- قائمة الدخل الشامل
- قائمة التدفّقات النقدية
- قائمة حقوق المُساهمين
كيفية بناء الميزانية
يمر بناء وإقرار الميزانية المالية او الاقتصادية بجُملةٍ من المراحل والخطوات التي من شأنها أن تضبط تفاصيلها وتبحث أهم التداعيات والمآلات والأهداف والتطلعات المالية التي تسعى لها الجهة التي تُعد الميزانية، وتتمثل هذه المراحل عموماً بالتحضير والإعداد، من ثم الاعتماد، فالتنفيذ، وعادةً ما يجري التحضير للموازنة للعام المقبل بدءً من نهاية العام الحالي وفي شهر ديسمبر تحديداً، فيما تخضع بفترات لاحقة خلال العام المُقبل لمراحل من المراجعة والتحليل والمناقشة والمراجعة والتدقيق وفقاً للأنظمة والقوانين المرتبطة بالموازنة أو الميزانية، ويؤخذ بعين الاعتبار في الإعداد للميزانية كُلاً من التوقعات والتقديرات في ما يتعلق بالإيرادات والنفقات وأن تكون متساوية بشكلٍ مثالي، وكذلك فلا بُد من مراعاة جدولة التغييرات وتحليلها أيضاً، بحيث تكون الميزانية قياسية ومُحددة للنفقات ومهتمة بجميع مصادر الدخل أو الإيرادات، وفي هذا الصدد فلا شك أنه يتطلب الإعداد والتحضير للميزانية؛ وجود كفاءات مالية واقتصادية ذوي مهاراتٍ معرفية وفنية من الأشخاص القائمين على الإعداد والتحضير، جنباً إلى جنب مع قياداتٍ من المفكرين الاستراتيجيين ذو الفهم العميق للسياسات والتشريعات المالية والاقتصادية وممن يمتلكون قدرات ومهارات تحليل مالي عالية المستوى أيضاً.
وإجمالاً؛ فإنها تتجلى مراحل إعداد واعتماد وتنفيذ الموازنة العامة أو الميزانية المالية والاقتصادية بالتالية:
- تحديد الأهداف المالية والاقتصادية
- تحليل التاريخ المالي
- جمع البيانات المالية
- تقدير حجم أو قيمة الإيرادات ومصادرها أو مواردها
- تقدير حاجات ومتوسط الإنفاق
- وضع خطة الميزانية
- اعلان الميزانية
- توزيع الموارد
- متابعة ومراجعة الميزانية وتحديثاتها
- إعداد التقارير المالية المرتبطة بسير خطة الموازنة أو الميزانية
بهذا نكون قد قدّمنا لك في هذا المقال؛ معلومات وافية ومتكاملة عن الميزانية المالية أو الاقتصادية بما يشمل تعريف الميزانية، وتوضيح ما هي الميزانية العامة للدولة، واستعراض أبرز أنواع الميزانية، وكذلك شرح وافٍ وموجز عن مراحل وخطوات وكيفية بناء الميزانية أيضاً.
إذا كنت ترغب بالحصول على المزيد من المعلومات، وقراءة العديد من المقالات الأخرى المهمّة والشيّقة؛ فإننا ندعوك لتفقّد مدوّنة بيّوت السعودية والبقاء على اطّلاعٍ بكُلِ جديدٍ أولاً بأول.