يقوم النظام البيئي والنظام الزراعي بالأساس على جُملة من العوامل الطبيعية التي تُسهم في اتساقهما وسلامتهما، الأمر الذي ينعكس بالتالي على خصوبة التربة ونضارة المحاصيل الزراعية بطبيعة الحال، إلا أنه ومع التلوث البيئي واختلال النظام الزراعي الطبيعي؛ قد ينجم ضعفاً في سلامة الإنتاج الزراعي وكفاءة المحصول وفقاً لأفضل المواصفات، مما قد يذهب بالمزارعين والجهات المختصة بالشؤون الزراعية إلى استخدام مسمدات التربة الاصطناعية وغيرها من العناصر التي تساعدهم على توفير محصول زراعي ذو خصائص ومواصفات أجود نسبياً، إلا أن هذا المحصول الزراعي قد يحتمل أضراراً على صحة المستهلكين نظراً لتأثره بالخصائص الكيميائية للمركبات الاصطناعية المُستخدمة في تسميد وتقوية التربة والمزروعات، تِبعاً لخروجها عن طريقة الزراعة العضوية التي تُمثل النهج الطبيعي والأقوم والأمثل للزراعة.
وفي ضوء ما سبق؛ فإننا نتناول في هذا المقال؛ موضوع الزراعة العضوية، عبر تبيان ما هي الزراعة العضوية، والحديث عن الأسمدة العضوية وأهميتها للتربة الزراعية، وتوضيح الفرق بين الزراعة العضوية والغير عضوية.
وذلك جنباً إلى جنب مع الحديث عن الزراعة العضوية في السعودية، بما يشمل المراكز والشركات المختصة بذلك، كما نستعرض بعضاً من المنتجات العضوية في السعودية، ونوضح كيفية التسجيل في مراكز الزراعة العضوية بالسعودية أيضاً.
ما هي الزراعة العضوية؟
يُمكن تعريف الزراعة العضوية على أنها أسلوب زراعي حديث صديق للبيئة، تتجلى الغاية منه في إنتاج غذاء آمن للناس، ويشمل الإنتاج النباتي والحيواني العضوي، إذ تعتمد الزراعة العضوية على عناصر نباتية وحيوانية متوفرة في الطبيعة كمصادر لتسميد التربة وحمايتها هي والنباتات من الآفات أو الأضرار البيئية التي قد تصيبها، وتتجلى العلاقة بين الأسمدة العضوية وأهميتها للتربة الزراعية في الحفاظ على القدرة الطبيعية للتربة والنبات والحيوان كأساس لإنتاج غذاء بصفاتٍ صحية وجيدة، وذلك عن طريق مراعاة التوازن الطبيعي والبيئي.
ويبتدّى الفرق بين الزراعة العضوية والغير عضوية في طريقة إنتاج المحاصيل بكُلٍ منها؛ إذ تستخدم الزراعة العضوية؛ مخلفات النباتات والحيوانات في تسميد التربة، جنباً إلى جنب مع زراعة البقوليات كالبرسيم والفول والفاصوليات وغيرها، وتُخلط هذه العناصر والمُخلفات مع بعضها بعضاً ثم تُخمّر لتنتج ما يُعرف “بالسماد المُخمّر”، وذلك من أجل دورة زراعية متنوعة تهدف إلى زيادة خصوبة التربة، في حي تُمثّل الزراعة غير العضوية؛ الطريقة المناقضة لما سبق عبر استخدام المبيدات الحشرية والمواد الكيميائية والأسمدة الاصطناعية في زراعة المحاصيل والمُنتجات التي ستُقدّم للاستهلاك البشري والحيواني، وفي حين تُشير بعض الدراسات الحديثة إلى الفرق بين الزراعة العضوية والغير عضوية من حيث المنتجات أو المحاصيل قد يكون ذو تأثيرٍ طفيف في ما يخص التغذية، إلا أن دراسات أخرى تشير إلى تأثيرات كبيرة لكُلٍ منها على الصحة العامة للناس والحيوانات، جنباً إلى جنب مع التأثيرات الجسيمة على النظام الطبيعي والبيئي والزراعي أيضاً.
الزراعة العضوية في السعودية
في ضوء ما توليه المملكة العربية السعودية من اهتمام بالتطوّر والارتقاء بكُل القطاعات، لا سيما قطاع الصحة والغذاء والبيئة والمحافظة على الموارد البشرية، وتزامناً مع تزايد الوعي الغذائي والبيئي لدى شريحة كبيرة من المجتمع، وتعاظم الاهتمام بمكونات الغذاء ومصادره وطريقة إنتاجه وأثر ذلك على الصحة والبيئة والموارد الطبيعية، مع ما لوحظ من وإقبال على شراء المنتجات الغذائية العضوية المستوردة، وتوجه المراكز التجارية الغذائية الى توفيرها لتغطية الطلب المتزايد عليها من قبل المستهلك في المملكة؛ تولدت فكرة تبني نشاط الزراعة العضوية في السعودية كأسلوب زراعي يعتمد على ممارسات سليمة وفق معايير ومواصفات واشتراطات محددة يمكن من خلالها تحقيق أهداف رئيسية كالمحافظة على البيئة ومواردها الطبيعية وتعزيز الاستدامة في الإنتاج الزراعي وتنمية المجتمعات الريفية بالإضافة إلى إنتاج أغذية ذات جودة عالية وآمنة وخالية من أي متبقيات كيميائية أو إضافات مصنعة، بالإضافة إلى مواجهة الطلب على المنتجات العضوية محليا، وزيادة العائد الاقتصادي للمزارع، ونتيجة ذلك زادت حركة نمو نشاط الزراعة العضوية مما حدا بوزارة البيئة والمياه والزراعة أن تضع على عاتقها مسؤولية تنظيم هذا النشاط وتنميته وتطويره بما يتوافق مع التوجه العالمي.
فقد قامت الوزارة بإنشاء مشروع تطوير الزراعة العضوية وذلك بالتعاقد مع شركة GIZ الألمانية وذلك لتوفير بيت خبرة لوضع الخطط المناسبة لتطوير نشاط الزراعة العضوية بالمملكة، حيث امتد هذا المشروع لخمسة مراحل وخلال الفترة من العام 2005 حتى العام 2017م، كان قد جرى وضع العديد من الخطط التي ساهمت في تنمية قطاع الزراعة العضوية من الناحية الإنتاجية والتنظيمية والتشريعية، وكذلك الأمر بالنسبة للحلول التسويقية أيضاً، وهذا ما يدفعنا هنا للتطرق إلى أهم القرارات والمؤسسات المُنظِمة والداعمة لنشاط الزراعة العضوية بالمملكة العربية السعودية:
- انطلاق الشركة المحلية للزراعة العضوية في العام 1414هـ الموافق للعام 1994م، وهي التي قادت إلى تأسيس وإطلاق العديد من الهيئات والشركات والمؤسسات الخاصة والعامة من بعدها، إذ كانت الشركة المحلية للزراعة العضوية أول متجرٍ متخصص بجميع مدخلات الزراعة العضوية في المملكة، إلى جانب مدخلات الزراعة العادية أو التقليدية
- تأسيس الجمعية السعودية للزراعة العضوية أو عام 1428هـ، وهي أول هيئة حكومية لتعزيز جهود ترسيخ الزراعة العضوية وإنتاج المنتجات العضوية في السعودية
- تأسيس إدارة الإنتاج العضوي بوزارة البيئة والمياه والزراعة عام 1429هـ
- تخصيص وتحويل مركز الأبحاث الزراعية بمنطقة القصيم التابع لوزارة البيئة والمياه والزراعة ليغدو اسمه مركز أبحاث الزراعة العضوية بالقصيم منذ العام 1432هـ.
- إصدار قرار مجلس الوزراء رقم (395) بتاريخ 5/9/1435هـ بالموافقة على نظام (قانون) الزراعة العضوية بالمملكة
- صدور قرار مجلس الوزراء رقم (324) بتاريخ 2/8/1437هـ بالموافقة على سياسة الزراعة العضوية بالمملكة
- الموافقة الوزارية على خطة العمل التنفيذية لسياسة الزراعة العضوية رقم (34 / 1056 / 1439 ) بعام 2018م
- صدور موافقة وكيل وزارة الزراعة على “دليل اللائحة التنفيذية لمعايير والمواصفات نشاط الزراعة العضوية في السعودية” بالعام 2023م
المنتجات العضوية في السعودية
تِبعاً لما تم بذله من جهود لتطوير قطاع الزراعة العضوية وتوفير المنتجات العضوية في السعودية؛ فلقد عقدت الهيئات الحكومية العديد من الورش والندوات التوعوية جنباً إلى جنبٍ من تزايد الاهتمام بالأمر من قِبل القطاع الخاص والمزارعين وأصحاب المزارع في هذا الشأن، وفي حين أصبح هنالك قدر وفير من الأراضي المُخصصة للزراعة العضوية في المملكة؛ فلقد أضحت المنتجات الزراعية العضوية متوفرة بين أنواعٍ مختلفةٍ من أصناف الخضار، والفواكه، والحبوب، والتمور، والورقيات، وكذلك الأمر بالنسبة لزيت الزيتون، والمخللات، والمربيات، وحتى الحليب ومشتقاته، فضلاً عن توفر منتجات عضوية من العصائر، والسكر، والقهوة، والشاي، ناهيك عن بعض المنتجات التكميلية كالصابون وغيره أيضاً.
وتجدر الإشارة هنا إلى أنه يُمكن التعرف إلى المنتجات العضوية في السعودية، والمواد الطازجة، والحبوب أو المعلبات عن طريق ملصق الشعار الوطني السعودي الذي يكون موجوداً على المنتجات العضوية في السعودية، ليدل على أن المنتج عضوي (ORGANIC) أي أن مصادر إنتاجه وتصنيعه طبيعية وليست مصنعة.
وفيما يصدر هذا الملصق من إدارة الإنتاج العضوي، وتمنحه الجمعية السعودية للزراعة العضوية للمزارعين والمنتجين أو المُصنعين بعد التفتيش عليهم عبر جهات التوثيق المعتمدة والتأكد من تطبيق بنود اللائحة التنفيذية لنظام الزراعة العضوية؛ فإن هنالك رموزاً أخرى من جهات توثيق معتمدة أيضاً لدى وزارة البيئة والمياه والزراعة، وتُقدر هذه الجهات التي تمنح شهادة توثيق المنتجات العضوية في السعودية وتضع ملصقات خاصةٍ بها على هذه المنتجات بـ 576 جهة مختلفة تِبعاً لإحصائيات الحركة العالمية للزراعة العضوية، ولعلّ أبرز هذه الملصقات الأخرى التي تؤكّد للمستهلكين أن هذه المنتجات عضوية وطبيعية هي ملصقات “توثيق”، و”oko-Garantie-BCS” و”CCPb” و”CERES”.
كيفية تحويل المزارع إلى الإنتاج العضوي في السعودية
لعلّك تتسائل في هذا الصدد؛ كيف اسجل في الزراعة العضوية، أو كيف اسجل مزرعتي في الزراعة العضوية بُغية التحوّل إلى الإنتاج الزراعي العضوي الذي يلقى إقبالاً كبيراً في المملكة ويُسهم في الحفاظ على النظام البيئي والزراعي، وإجابةً عن هذا السؤال؛ فإنه يُمكن للمزارعين أو أصحاب المزارع في السعودية تقديم طلب دعم المزارع تحت التحول العضوي عن طريق المنصة الوطنية الموحّدة، وهي خدمة إلكترونية تقدمها وزارة البيئة والمياه والزراعة لتمكين المزارعين الراغبين بالتحول للإنتاج العضوي من التقدم على الدعم الحكومي إلكترونياً، كما يُمكن للمزارعين أو أصحاب المزارع في السعودية تقديم طلب التحول للإنتاج العضوي عن طريق منصة نما الإلكترونية أيضاً، وفي ما يلي نستعرض تفاصيل التقديم عبر المنصة الوطنية الموحدة، ومنصة نما، كُلاً منهما على حدة.
تقديم طلبات دعم المزارع تحت التحول العضوي عبر المنصة الوطنية الموحدة
شروط التقديم
- تعبئة حقول الطلب بمنتهى الدقة، مع الأخذ بعين الاعتبار أنه لن يُنظر في أي طلب غير مستوفي شروط الطلب
المستندات والوثائق المطلوبة للتقديم
- إرفاق صورة من وثيقة التحول المعتمدة من شركة التوثيق (jpg , pdf).
- إرفاق صورة من التقرير الفني (jpg , pdf).
- إرفاق صورة واضحة من الآيبان موضح فيها (الاسم – رقم الآيبان – ختم البنك)
خطوات التقديم
- زيارة الموقع الإلكتروني لوزارة البيئة والمياه والزراعة
- الدخول إلى خانة “خدمات إلكترونية” من القائمة الظاهرة أعلى الصفحة الرئيسية
- اختيار فئة خدمات الأفراد
- النقر على زر طلب دعم المزارع العضوية
- ستظهر لك صفحة الطلب، املأ بيانات صورة الوكالة سارية المفعول
- أرفق ما يثبت ملكية الأرض أو عقد الإيجار
- وافق قبول التعليمات والشروط التابعة للطلب
- اضغط على تقديم الطلب وانتظر الرد والموافقة
تقديم طلبات الراغبين بالتحول للإنتاج العضوي عبر منصة نما
شروط الخدمة
- تعبئة حقول الطلب بمنتهى الدقة، مع الأخذ بعين الاعتبار أنه لن يُنظر في أي طلب غير مستوفي شروط الطلب
خطوات التقديم
- الدخول إلى النظام
- اختيار الخدمة
- قبول التعليمات والشروط للخدمة
- تعبئة بيانات الطلب
- ارسال الطلب
- مراجعة الطلب من الجهة المختصة
- الموافقة على الطلب
بهذا نكون قد قدّمنا لك في هذا المقال؛ معلومات وافية ومتكاملة عن الزراعة العضوية بما يشمل التعريف عنها، والحديث عن الأسمدة العضوية وأهميتها للتربة الزراعية، وتوضيح الفرق بين الزراعة العضوية والغير عضوية، وذلك جنباً إلى جنب مع تبيان حال الزراعة العضوية في السعودية، واستعراض بعضٍ من أبرز المنتجات العضوية في السعودية وكيفية التعرّف إليها، كما أجبنا على السؤال عن كيف اسجل في الزراعة العضوية أو كيف اسجل مزرعتي في الزراعة العضوية أيضاً.
إذا كنت ترغب بالحصول على المزيد من المعلومات، وقراءة العديد من المقالات الأخرى المهمّة والشيّقة؛ فإننا ندعوك لتفقّد مدوّنة بيّوت السعودية والبقاء على اطّلاعٍ بكُلِ جديدٍ أولاً بأول.