السياحة البيئية في السعودية .. جسر حضاري مع العالم

في إطار رؤية 2030 الاستراتيجية للتطوير والتحديث في السعودية؛ فإنها تسعى المملكة لإيجاد وتنمية موارد دخل لتكون بديلة ورديفة للاعتماد على الصادرات النفطية من حجم الناتج المحلي الإجمالي، وفي هذا السياق؛ فإنها تُعد السياحة البيئية في السعودية إحدى الروافد الرئيسية التي توليها المملكة اهتماماً كبيراً نظراً لما لها من أهميةٍ وتأثيرٍ في رؤية النهضة الشاملة، وما يمكنها جنيه من فائدة في تعزيز مرتكزات التقدم والتحديث في السعودية، وجلب العالم إلى المملكة، تحقيق تعويضاً بنسبةٍ كبيرةٍ ومؤثرةٍ تُقدّر بـ 10% من الناتج الإجمالي السعودي في السير نحو تنويع مصادر الدخل وتقليل الاعتماد على الموارد النفطية في المملكة العربية السعودية.

في هذا المقال؛ نستعرض أبرز اماكن سياحية بيئية في السعودية، ونوضح أهم فوائد السياحة البيئية إجمالاً بما يتضمن خصائصها وتأثيرها، ولكن ذلك ليس قبل تعريف السياحة البيئية وتبيان ما هي وما الفرق بينها والسياحة العادية.

تعريف السياحة البيئية

يشير مصطلح السياحة البيئية إلى السياحة التي تمنح لأصحابها الحريّة المسؤولة وتحد من الحرية المطلقة أثناء النشاطات السياحية، مما يعود بالنفع والفائدة على الأماكن السياحية وعلى البيئة بشكلٍ عام، ولا يقيد السُيّاح من الاستمتاع بنشاطاتهم السياحية على أكمل وجه، إذ تعتمد السياحية البيئية على أن يكون النشاط السياحي صديقاً للبيئة وغير ضارٍ بها؛ بحيث يصون السُيّاح الميراث الفطري الطبيعي والحضاري للبيئة التي يزورونها إلى أقصى حدٍ ممكن، ما من شأنه الحفاظ على عناصر ومكونات هذه الأماكن البيئية على النحو السليم والمثالي بما في ذلك كُلاً من العوامل الطبيعية الإيكولوجية التي تتمثل في العناصر والأنظمة الحيوية التي تقوم عليها الأماكن والمواقع السياحية، ومثالاً على ذلك حالة الجبال والوديان والغابات والأنهار والمغاور والصحاري والمحميات والحدائق والمتنزهات، ذلك إلى جانب رعاية العوامل المناخية التي تتبدّى بحالة الطقس وفصوله خلال السنة؛ وهو الأمر الذي يحول دون عمليات التغيّر المناخي وما قد يكون لها من آثارٍ وخيمة على هذه المواقع والأماكن، ضِف إلى ذلك أهمية المحافظة على العوامل البيولوجية التي تتجلى في ما تحوز عليه المواقع والأماكن من ثروات نباتية ومائية وحيوانية وسمكية ومعدنية وكائناتٍ بحرية وبرية متنوعةٍ ومختلفة.

أهم فوائد السياحة البيئية في السعودية 

بالرجوع إلى ما أوردناه سابقاً من توضيح خصائص السياحة البيئية بشكلٍ عام؛ فإننا نجد أنها تكمن إجمالاً في الحفاظ على العناصر والمكوّنات البيئية والطبيعية وعدم الإضرار بها تِبعاً للنشاطات السياحية غير المسؤولة والمؤذية لها، إذ يُمكن أن يُنتج يؤدي تأثير السياحة على البيئة إلى خطرٍ حقيقيٍ مؤذٍ وحتى مُدمرٍ لها إلى لم تجرِ مراعاة نُظم ومقتضيات السلامة البيئية بقدرٍ ملائم.

وبالتالي؛ فيُمكننا القول في هذا الصدد؛ أنها تتجلى فوائد السياحة البيئية بشكلٍ عام، في الحفاظ على المواقع والمناطق السياحية بأبهى وأنضر حالاتها، مما يُبقي عليها كوجهةٍ تُسعد الزائرين وتهبهم نعيماً واستجماماً استثنائياً ورائعاً وفريداً من نوعه، ذلك إلى جانب المساهمة في الحرص على سلامة الكائنات الحية بما فيها من نباتاتٍ وحيوانات، ضِف إلى ذلك عدم المشاركة في إحلال التغيّر المناخي الوشيك والذي قد يأتي بمشكلاتٍ مناخيةٍ يُمكن أن تؤثر على العديد من القطاعات في المنطقة ككل. 

وإضافةً إلى ما سبق؛ فإنها تتبدّى فوائد السياحة البيئية في السعودية في هذه العناصر، جنباً إلى جنب مع تصدير الصورة المُشرقة عن المملكة العربية السعودية، واستقطاب السُيّاح والزوّار من مختلف أقطار العالم إلى ما تضمه المملكة من مواقع وأماكن ومناطق خلّابة ومذهلة ومدهشة بجمالها وفرادة طبيعتها، الأمر الذي يُعزز مكانة السعودية في هذا الجانب، ويعود عليها بفوائد وثمارٍ اقتصادية كبيرةٍ تسعى المملكة إلى إيصالها لنسبة 10% من الناتج المحلي الإجمالي، فضلاً عن المكتسبات والمغانم الاجتماعية التي يُمكن أن تجنيها المملكة من جرّاء تنمية وتفعيل السياحة البيئية في السعودية.

أبرز اماكن سياحية بيئية في السعودية

تزخر المملكة العربية السعودية بالعديد من الأماكن السياحية البيئية، كما أنها تعمل على تطوير مشاريع عملاقة تدخل في إطار الرؤية الطموحة التي تستهدف تعزيز جهود الاستدامة في القطاعات المختلفة بما في ذلك ما يتعلق بتنمية قطاع السياحة البيئية في السعودية التي تبدو ملامحه واضحة بدءً من الحملات التوسعية لزراعة الأشجار في شتى مناطق السعودية وصولاً إلى تحسين وتطوير المناطق السياحية الفريدة والجذّابة في السعودية وتقديمها للعالم بوصفها وجهات سياحة بيئية مميزة ومدهشة.

وفي هذا السياق؛ فإننا نستعرض في ما يلي بعضاً من أبرز اماكن سياحية بيئية في السعودية ونسرد إيجازاً وافياً عن كُلٍ منها: 

مشروع البحر الأحمر

يستهدف هذا المشروع تطوير الجُزر السعودية في البحر الأحمر الذي يحد المملكة من الغرب، وفيما تتركز هذه الجزر في شواطئ تبوك وما سواها من المناطق؛ فإنها تبلغ نحو 90 جزيرة يكتنفها الجمال وتترصع بالبهجة، ويتميز مشروع البحر الأحمر السياحي البيئي في السعودية؛ بخلوه من مادّتيّ الكربون والبلاستيك الضارتين بالبيئة، جنباً إلى جنبٍ مع توليد مصادر طاقةٍ متجددة ومستدامة في هذه الجُزر، وإنشاء أكبر محمية بيئيةٍ على شاطئ البحر الأحمر، ناهيك عن توفير المشروع لسبعين ألف فرصة عمل أيضاً.

وبمجرد الانتهاء من تنفيذ المشروع؛ فإنه من المُفترض أن يكون بمثابة أول وجهة متكاملة في الشرق الأوسط تقوم بحماية البيئة الطبيعية وتوفير تجربةٍ سياحية خّلابةٍ وبديعة في النهار، وأجواء غاية في المتعة والإبهار للاستمتاع بنجوم السماء في الليل.

مشروع الرياض الخضراء 

مدينة العاصمة الرياض، ستتعدى أمر التسمية إلى ما هو أبعد من وأجلّ تحقيقاً لهذه التسمية؛ إذ يُعنى مشروع الرياض الخضراء بتشجير المدينة تنفيذاً لخطةٍ تستهدف زراعة 7.5 مليون شجرة في أنحاء العاصمة كافةً، بالتزامن مع ري جميع المشاريع الخضراء بالمياه المعاد تدويرها من شبكات السقاية الجديدة والمصممة للحد من النفايات.

وباكتمال إنجاز مشروع الرياض الخضراء؛ فإنه سيرتفع نصيب الفرد من المساحات الخضراء في العاصمة ليصل من 1.7 إلى 2.8 متر، الأمر الذي يُسهم بشكلٍ مؤثّرٍ في رفع نسب الهواء النقي وتحسين جودته، جنباً إلى جنب مع خفض درجات الحرارة في المدينة، والتقليل من أضرار دخان المصانع وعوادم السيارات، وتشجيع أساليب الحياة الصحية بشكلٍ عامٍ فيها.

مشروع نيوم

يُقصد من تسمية مشروع “نيوم” دمج كُلاً من كلمة “نيو” بالانجليزية والتي هي بمعنى جديد، مع الحرف الأول من كلمة “مستقبل” بالعربية، مما يشير إلى مصطلح “المستقبل الجديد”، وفي هذا الصدد؛ فإن مشروع نيوم يُشكّل مواجهةً لتحديات المستقبل في الحاضر لإيجاد الحلول بشكلٍ سبّاقٍ لها كما يقول القائمون على المشروع، إذ يستهدف المشروع إيجاد مدن ذكية صديقة للبيئة لا مثيل لها في العالم، بما يشتمل على مراكز ابتكار، ومعامل بحثية، ومراكز ثقافية وترفيهية، وما إلى هنالك من المواقع والمنشآت الأخرى التي يسعى القائمون عليها مجتمعةً إلى استقطاب نخبةٍ من العقول أو أفضل المواهب حول العالم، وجذب أكثر من مليون سائح سنوياً على الصعيدين المحلي والعالمي.

جزيرة جبل حسان 

تُعد الجزيرة أكبر جُزر مدينة أملج في تبوك، وتضم شواطئ مُدهشةٍ تتميز بتمازج المياه الصافية مع الرمال المتوهجة في طقسٍ معتدلٍ ورائع، كما تزخر الجزيرة بثروةٍ سمكيةٍ من الأسماك النادرة والملوّنة ذات المظهر الجذّاب، إضافةً للثروة الزراعية الكبيرة والمنوعة من المحاصيل المختلفة، والشعب المرجانية المذهلة.

محمية الحياة الفطرية في الشيبة 

تُعد هذه المحمية البديعة إحدى أكبر المحميات الطبيعية في العالم بمساحةٍ تبلغ 637 كم مربع، وهي تأتي في موقعٍ بين وادي الرمّة ووادي السهباء في جنوب شرقي السعودية لتبرز كإحدى أهم معالم السياحة البيئية في المملكة أيضاً.

شرم أبحر 

يتخذ شرم أبحر من شمال مدينة جدة موقعاً له، وهو واحداً من أجمل وأبهى السواحل البحرية في السعودية، إذ يُعد مصبّاً لمجموعةٍ من الشلالات بما فيها شلال وادي أم الحبلين، ووادي العويمر، الأمر الذي يجعله ضمن قائمة أهم اماكن سياحية بيئية في السعودية بطبيعة الحال.

جبال فيفاء 

تُعرف جبال فيفاء في منطقة جازان بوصفها إحدى الوجهات المثالية لنشاطات التسلق والسياحية البيئية في السعودية، إذ يصل ارتفاعها إلى 3500 متراً من سطح البحر، وتتميز بحدائقها المُعلّقة البهيجة وتشكّلها من حجارة الغرانيت والبازلت والكوارتز. 

مدينة العُلا 

تتميز مدينة العُلا التي تتبع محافظة المدينة المنورة إدارياً؛ باشتمالها للعديد من مواقع السياحة البيئية في السعودية، وبشكلٍ عام؛ فإنه يعود تاريخ العُلا إلى القرن الأول قبل الميلاد وتُعرف باسم مدينة الحِجر، ومدائن صالح أيضاً، ولعلّ ما لها من عراقة وتاريخ قيّم، وما فيها من معالم سياحية وضاءة ورائعة، تجعلها مركزاً سياحياً ووجهةً جذّابة بشكلٍ متفوق، إذ تضم ضمن معالمها المميزة كُلاً من مسرح مرايا البديع، وجبل الفيل المدهش، وبلدة العُلا القديمة، ومحطة سكة حديد الحجاز، وغيرها من المعالم المذهلة التي تُشكّل لوحةً فنية لافتةً ورائعة في أجواء من التقاء الصحاري والسماء والطبيعة الهادئة بمشهدٍ فريدٍ صباحاً واستثنائي مساءً مع بروز النجوم المتلألأ في الاُفق. 

حافة العالم 

فيما يبدو اسم المنطقة مُلفتاً؛ فإن طبيعتها ومشهدها أكثر دهشة وتميّزاً، إذ تُمثّل سلسلةً من الجبال شاهقة الارتفاع التي تطل على وادٍ جفت مياهه منذ مئات السنين ليغدو مترصّعاً بالمنحوتات والنقوش والشعاب المرجانية التي تُشكل منظراً استثنائياً بديعاً وآخاذاً ناهيك عن الإحساس بالسمو على قمة الجبال الشاهقة بما يخلق شعوراً فريداً ومُبهجاً لدى الاستمتاع بمشهد السماء والإطلالة المميزة.

فوهة الوعبة 

ليس معلوماً بشكلٍ دقيقٍ ما إذا كانت قد تشكلت فوهة الوعبة جرّاء انفجارٍ بركانيٍ ضخمٍ أو سقوط نيازك على هذه المنطقة التي تتبع محافظة الطائف في السعودية، إلا أنها تُعد اليوم أكبر فوهة بركانية في الشرق الأوسط، وهي تتكون من مجموعة حُفرٍ غمرتها مياه الأمطار، ما جعلها تتشح باللون الأبيض تِبعاً لترسبات المياه وأملاحها، وناهيك عن المشهد المهيب لفوهة الوعبة؛ فإنها تلاصق مساحاتٍ من عيون المياه والأشجار بما يشكل معلماً سياحياً بيئياً رائعاً ومُدهشاً داخل المملكة.

مركز الشفا 

المناخ المعتدل والنسيم العليل الذي يطغى على المكان جنباً إلى جنب مع ما يحف جباله الشاهقة من أشجارٍ ونباتات خلّابة ومظاهر طبيعية جميلةٍ ومذهلة؛ تصنع مظهراً مُبهجاً لمركز الشفا الذي يُعد أحد أهم المصايف في مدينة الطائف السعودية، وإحدى أبرز وجهات السياحة البيئية في السعودية.

الجبل الأخضر

تحفل مدينة أبها بالمواقع والاماكن السياحية الجميلة والجذّابة، ويبرز الجبل الأخضر كالطود العظيم متميزاً بين هذه الأماكن بما يحظى به من خُضرةٍ وملامح طبيعية رائعة ومُدهشة، كما يشتمل الجبل الأخضر على العديد من المطاعم  والمقاهي وأماكن الأنشطة والاستراحة والتأمل والترفيه، ويتكلل كذلك بالإضاءة الخضراء الذي تحيط به وتلفه من كل جانب.

وفيما تضم المملكة العربية السعودية مزيداً من المواقع والأماكن السياحية البيئية المذهلة والرائعة بما تحوزه من جمال وبهجة؛ فإننا اخترنا بعضاً منها في هذه القائمة فقط، وبهذا نكون قد قدّمنا لك في هذا المقال؛ معلومات وافية ومتكاملة عن السياحة البيئية في السعودية بما يشمل تعريف السياحة البيئية، وتوضيح فوائد السياحة البيئية وخصائصها وتأثيراتها، جنباً إلى جنبٍ مع استعراض بعضٍ من أهم وأبرز اماكن سياحية بيئية في السعودية أيضاً.

إذا كنت ترغب بالحصول على المزيد من المعلومات وقراءة العديد من المقالات الأخرى المهمّة والشيّقة؛ فإننا ندعوك لتفقّد مدوّنة بيّوت السعودية والبقاء على اطّلاعٍ بكُلِ جديدٍ أولاً بأول.