كيف يعكس الخط الأول والخط السعودي التطور في الخطوط العربية عبر التاريخ؟ منذ نشأة الخطوط العربية قامت بحمل الطابع الفني والثقافي الذي يعكس التراث العربي والهوية الإسلامية. ومع تطور تصميم الخطوط الرقمية، جاء هذين الخطين ليجسدا المريج بين الأصالة والحداثة. فهل يمثلا هذان الخطان أنماط خطية جديدة، أم يعيدان تعريف جمالية الكتابة العربية في العصر الرقمي؟
الخط السعودي والخط الأول من تنظيم وزارة الثقافة
عملت وزارة الثقافة السعودية بإطلاق خطين طباعيين جديدين، وذلك تحت مسمى “الخط السعودي” و “الخط الأول”. وذلك في خطوة نوعية بإحياء روح الخط العربي المستلهم من أقدم المصاحف والنقوش، بالإضافة إلى تعزيز حضوره في العصر الرقمي بشكل ينسجم مع مستهدفات رؤية المملكة 2030 في الاهتمام باللغة العربية والثقافة والفنون.
ماهو الخط الأول والخط السعودي ؟

يمثل الخطان الجديدان نموذجاً منطوراً يعكس العمق الثقافي والحضاري للمملكة، ويوفران تجربة فنية متميزة لكل من المصممين والمستخدمين.
الخط السعودي
هو عبارة عن خط حديث تم استلهامه من هوية المملكة البصرية المعاصرة والإرث السعودي. وقد تم تصميمه ليتناسب مع الاستخدامات الإعلامية والرقمية. ويعكس الخط السعودي الطابع الحداثي، إلى جانب جانب الحفاظ على أصالة وقواعد الخط العربي. ويجمع هذا الخط بين ملامح التقاليد وروح الحداثة، ويعزز من الهوية الوطنية في جميع الوسائط.
الخط الأول
استلهم الخط الأول من النقوش الصخرية التاريخية، حيث يعود للقرن الأول الهجري، وخاصة النقوش الموجودة في المناطق المختلفة من الجزيرة العربية. وتم تطوير هذا الخط ليكون خطاً طباعياً يمكن استخدامه في التطبيقات الحديثة، وذلك مع الحفاظ على روح النقوش القديمة.
مراحل تطوير الخطين
قامت وزارة الثقافة السعودية باتباع منهجية علمية دقيقة في العمل على الخط الأول والخط السعودي ، وقد مرت هذه المنهجية بخمس مراحل تتمثل فيما يلي:
- البحثية: تقوم هذه المرحلة على دراسة النقوش العربية القديمة ميدانياً، ثم تحليلها فنياً
- الأولية: يتم في هذه المرحلة تطوير نماذج أولية، والتي تعتمد على الأسلوب التراثي
- الضبط الجمالي: مرحلة يتم فيها إعادة بناء الحروف، وتحسين التناسق البصري
- الرقمنة: تحويل الخطوط لملفات قابلة للاستخدام الرقمي بسهولة
- المراجعة والاختيار: تم في هذه المرحلة الإشراف من خبراء في التصميم والخط العربي لضمان الجودة
الهوية الثقافية للسعودية في الخطوط
في التوجهات التصميمية للخط الأول، يبرز روح هذا الخط في النقوش القديمة في الجزيرة العربية في القرن الأول الهجري، وقد تم مراعاة العلامات الجمالية، وضوح الخط، الاعتماد في بناء الخط على النمط اليابس، ومحاكاة الرسم الأصلي في النقوش.
أما الخط السعودي فقد تم استلهامه من ثقافة وهوية المملكة، وقد تم في تصميمه مراعاة الأصول الفنية والقواعد الكتابية المستخدمه في الخط الأول، والقيام بتطبيقها بطريقة معاصرة، وترجمة ما وصلت إليه المملكة من نهضة ثقافية.
الخبرات القائمة على إطلاق الخط الأول والخط السعودي

شارك في تنفيذ وإطلاق الخط الأول والخط السعودي مجموعة واسعة من الخبراء المحليين والدوليين، وذلك ضمن فريق من الباحثين المساهمين في المشروع، ودعم من الهيئة السعودية للملكية الفكرية، ومبادرة مركز الأمير محمد بن سلمان العالمي للخط العربي، ودارة الملك عبد العزيز.
وقد خرج هذا المشروع بمجموعة مخرجات منها: تطوير الخط العربي بهويته الأولى، رسم هذا الخط، ترقيمه عبر تطبيقات الخط المؤصل، ووضع قواعد جمالية وفنية له، مع وضع أبجدية فنية تعليمية لأصول وقواعد الخط البسيطة ورقمنته وتوفيره، وذلك بناءً على أفضل الممارسات.
الخط العربي
تعتبر الجزيرة العربية أرض المنشأ للخط العربي، حيث مر بعدة مراحل متأثراً بالأوضاع السياسية والثقافية في المنطقة العربية. وقد أخذ الخط العربي بالانتشار بأساليب وطرق متنوعة في الكتابة، مصل الخط النبطي وخط المسند والثمودي وغيرها، وهو ما جعل وزارة الثقافة تطلق الخط الأول والخط السعودي اللذان يعكسان العمق التاريخي للمملكة.
وتهدف خطوة إطلاق الخطين الجديدين للتأكيد على قدرة فن الخط العربي وقابليته لتوحيد السمة البصرية مع الاحتفاظ بهويته الأولى في منطقة الجزيرة العربية، ومواكبة التقنيات الرقمية الحديثة، إلى جانب تحفيز وتعزيز ممارسات وتطبيقات الخطين الأول والسعودي على مستوى المؤسسات والأفراد.
يتضح لنا الخط الأول والخط السعودي ليسا أنماط خطية فحسب، بل يمثلان امتداداً لتاريخ الخط العربي. ويساهم الخطين الجديدين في تعزيز الهوية البصرية للغة العربي، إلى جانب توفير تجربة كتابية تعكس الإرث الثقافي العريق بروح معاصرة. وإن كنت من المهتمين بالخط العربي يمكنك الاطلاع على مبادرة عام الخط العربي من خلال زيارة مدونة بيوت السعودية التي تقدم لك كل جديد ويهمك.