تعد مدينة الرياض واحدة من أسرع العواصم تطورًا في العالم، وهي تمثل محركًا رئيسيًا للنمو الاقتصادي والثقافي في المملكة. ومع هذا النمو السريع، برزت الحاجة إلى مواجهة التحديات البيئية والمستقبلية المرتبطة بالتحضر السريع، مثل التلوث، وزيادة استهلاك الموارد الطبيعية، والتغيرات المناخية. ومن هنا جاءت استراتيجية استدامة الرياض ، التي أُطلقت لتحويل المدينة إلى نموذج حضري مستدام وصديق للبيئة.
تهدف هذه الاستراتيجية إلى تحسين نوعية الحياة في الرياض من خلال اعتماد حلول بيئية مبتكرة والمساهمة في تحقيق رؤية المملكة 2030. في هذا المقال ، سنتناول هذه الاستراتيجية بالتفصيل، فنكتشف متى أُطلقت، ما هي أهدافها وأبرز القطاعات التي تضمنها، إضافة إلى أهميتها بالنسبة للرياض وللمملكة بشكل عام.
ماهي استراتيجية استدامة الرياض ؟

تتمثل هذه المبادرة في كونها خطة شاملة تهدف إلى جعل العاصمة السعودية نموذجًا عالميًا في الاستدامة البيئية. تم إطلاق هذه الاستراتيجية بهدف تحسين جودة الحياة في المدينة عبر تحقيق توازن بين النمو الحضري والتزام بيئي طويل الأمد. وتشمل الاستراتيجية مجموعة من المبادرات التي تركز على تقليل الانبعاثات الكربونية، تحسين جودة الهواء، زيادة المساحات الخضراء، والحفاظ على الموارد المائية، بالإضافة إلى تعزيز التنوع البيولوجي في المدينة.
متى أُطلقت استراتيجية استدامة الرياض ؟
تم إطلاق الاستراتيجية في تاريخ 17 ربيع الأول 1443هـ الموافق لتاريخ 23 أكتوبر 2021 الميلادي، وذلك في إطار فعاليات منتدى مبادرة السعودية الخضراء الذي جرت فعالياته تحت رعاية صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان، ولي العهد السعودي. وقد كانت هذه الاستراتيجية جزءًا من رؤية المملكة 2030، التي تسعى لتحقيق تحول بيئي شامل ومستدام.
أهداف استراتيجية استدامة الرياض
تتضمن الاستراتيجية العديد من الأهداف الطموحة التي تركز على الجوانب البيئية والاجتماعية والاقتصادية في المدينة. إليك أبرز الأهداف التي تسعى الاستراتيجية لتحقيقها:
- تقليل الانبعاثات الناتجة عن أنشطة المدينة مثل النقل والصناعة والطاقة، حيث تهدف الرياض إلى تحقيق توازن بين الانبعاثات والقدرة على امتصاص الكربون، وبالتالي الوصول إلى الحياد الكربوني بحلول عام 2060.
- اتخاذ إجراءات لتحسين وسائل النقل، وزيادة الاعتماد على السيارات الكهربائية والنقل العام، المتمثل بشكل أساسي في مترو الرياض، بالإضافة إلى تعزيز استخدام الطاقة المتجددة في القطاع الصناعي والخدمي.
- تهدف الاستراتيجية كذلك إلى تحسين طرق إدارة المياه في الرياض عبر تقنيات الري الذكي واستخدام المياه المعالجة في الري والزراعة.
- كما تسعى الاستراتيجية إلى تقليل الضغط على مدافن النفايات وتحقيق استدامة أكبر في إدارة المخلفات. وذلك من خلال تنفيذ خطط لتقليل النفايات وزيادة نسبة إعادة التدوير.
- وفي سبيل ضمان تحقيق هذه الأهداف، تسعى المبادرة إلى تعزيز التوعية المجتمعية من خلال حث المواطنين والمقيمين على اتباع ممارسات صديقة للبيئة والتوعية بأهمية الحفاظ على البيئة والموارد الطبيعية.
ما هي القطاعات التي تشملها الاستراتيجية؟
تضمن الاستراتيجية إطلاق أكثر من 68 مبادرة طموحة للاستدامة تشتمل على خمسة قطاعات مختلفة، تتمثل فيما يلي:
الطاقة المتجددة والتغير المناخي
يركز قطاع الطاقة المتجددة في استراتيجية استدامة الرياض على تعزيز استخدام مصادر الطاقة النظيفة مثل الطاقة الشمسية وطاقة الرياح، وذلك لتقليل الاعتماد على الوقود الأحفوري والحد من انبعاثات الغازات الدفيئة، وذلك في إطار دعم المملكة لتحقيق أهداف مبادرة السعودية الخضراء. كما تشمل الاستراتيجية تبني تقنيات مبتكرة لمواجهة التغير المناخي وتحقيق بيئة صحية ومستدامة للمدينة.

جودة الهواء
تعد جودة الهواء أحد الجوانب الرئيسية في هذه الاستراتيجية، حيث تركز على تقليل التلوث الهوائي الناتج عن وسائل النقل والصناعات. يتم تعزيز استخدام وسائل النقل العامة المستدامة مثل القطارات والحافلات الكهربائية، إضافة إلى تقليل الانبعاثات الصناعية والحد من استخدام الوقود التقليدي.
إدارة المياه
بالنظر إلى ندرة المياه في منطقة الشرق الأوسط، تركز الاستراتيجية على إدارة المياه بشكل فعال، بما في ذلك تطوير تقنيات الري الذكي وزيادة كفاءة استخدام المياه في الزراعة والمرافق العامة. تسعى الاستراتيجية إلى استخدام المياه المعالجة في الزراعة والشوارع الخضراء، بالإضافة إلى تحسين البنية التحتية للمياه لضمان توفير إمدادات مائية مستدامة في المستقبل. كما تهدف إلى الحد من الفاقد في شبكات المياه وتحسين وسائل تخزين المياه للمستقبل.
قطاع إدارة النفايات
تضع الاستراتيجية إدارة النفايات ضمن أولوياتها الرئيسية، حيث تهدف إلى تقليل النفايات وزيادة نسب إعادة التدوير عبر نشر الوعي المجتمعي وتعزيز برامج التدوير في المنازل والشركات. كما تشمل الاستراتيجية تطبيق تقنيات مبتكرة لتحويل النفايات إلى طاقة أو مواد قابلة للاستخدام مرة أخرى، مما يقلل من الحاجة إلى مدافن النفايات ويحد من تأثيراتها البيئية.
التنوع الأحيائي والمناطق الطبيعية
تحرص الاستراتيجية أيضًا على الحفاظ على التنوع الأحيائي وحماية المناطق الطبيعية في المدينة والمناطق المحيطة بها. من خلال تعزيز المساحات الخضراء والحدائق العامة، تسعى الاستراتيجية إلى توفير بيئات طبيعية تساهم في زيادة التنوع البيولوجي داخل المدينة. كما تهدف إلى حماية النظم البيئية الحساسة من التوسع العمراني، وتوفير ملاذات للحياة البرية والنباتات المحلية. ستساعد هذه المبادرات في الحفاظ على التوازن البيئي وتحقيق استدامة طويلة الأمد للمناطق الطبيعية في الرياض.
وفي هذا النطاق، اكتشف دومة الجندل لطاقة الرياح .. نموذج جديد للاستدامة في السعودية.
أين تكمن أهمية استراتيجية حماية الرياض ؟
تتمثل أهمية استراتيجية استدامة الرياض في تحسين صحة البيئة من خلال تقليل التلوث البيئي، وخاصة تلوث الهواء والمياه، مما ينعكس بشكل إيجابي على صحة المواطنين والمقيمين. هذا بالإضافة إلى تقليل الانبعاثات الضارة وتعزيز المساحات الخضراء، الأمر الذي يجعل الرياض بيئة أكثر صحة وسلامة، مما يعزز من جودة الحياة ويساهم في الحد من الأمراض المرتبطة بالتلوث مثل الربو وأمراض الجهاز التنفسي.
دعم تحقيق أهداف رؤية المملكة 2030
تعد استراتيجية حماية الرياض جزءًا أساسيًا من تحقيق رؤية المملكة 2030، حيث تساهم في تعزيز الاستدامة البيئية والنمو الاقتصادي المستدام. من خلال التحول إلى مدينة صديقة للبيئة، تساهم الاستراتيجية في تحقيق أهداف الرؤية المتعلقة بالتحول إلى اقتصاد مستدام، وتقليل الانبعاثات الكربونية، وتعزيز التنوع البيئي، مما يدعم مكانة المملكة كداعم رئيسي للبيئة في المنطقة.
وبهذا نكون قد وصلنا إلى نهاية مقالنا حول استراتيجية استدامة الرياض ، حيث تناولنا في هذا المقال لمحة عامة حول الاستراتيجية تضمن موعد إطلاقها، أهدافها المختلفة، إلى جانب أبرز القطاعات التي تضمنها. وسلطنا الضوء أخيرًا على أهمية الاستراتيجية في تحسين جودة الحياة في مدينة الرياض، ودعم أهداف رؤية المملكة 2030.
للاطلاع على مزيد من المقالات المفيدة التي تقع ضمن هذا الإطار وغيره من المواضيع الشيقة ننصحك بزيارة مدونة بيوت السعودية لتجد فيها كل ما يثير اهتمامك. على سبيل المثال يمكنك الاطلاع على مقال مبادرة السعودية الخضراء.. الطريق نحو الاستدامة في المملكة.