بدا للمراقبين الاقتصاديين ان قطاع العقارات تعافى إلى حد كبير من أزمة الرهن العقاري التي ضربت عام 2008، فنسب الفائدة المنخفضة والمخزون المحدود خلق بيئة مثالية للبائعين في بعض قطاعات الاقتصاد. في المقابل، فإن المشترين غالباً ما يواجهون أسعاراً متزايدة وحروب مزايدات وفترات بحث مستدامة في أعقاب دخولهم لقطاع شديد التنافسية مثل القطاع العقاري. ولهذا يبرز دائماً تساؤل بالغ الأهمية لكل شخص : ما هي الآلية التي تحدد أسعار العقار؟ هذا ما سنسعى لتقديم إجابة مقتضبة عليه موضحين أهم العوامل الاقتصادية التي تؤثر على أسعار عقار السعودية عموماً.
العوامل المؤثرة على أسعار عقار السعودية
إليكم فيما يلي لمحة حول أبرز العوامل الاقتصادية التي تحكم اسعار العقار في السعودية وذلك يتضمّن شقّين، الشق الاقتصادي الكلّي والشق الجزئي:
العوامل الاقتصادية الجزئية:
موقع العقار
لا بدّ أن أي وكيل عقاري وكل شخص يهمّه العقار السعودي قد سمع مراراً وتكراراً عبارة الموقع! نعم الموقع، الموقع، ثمّ الموقع! للموقع أهمية مطلقة في التأثير على قيمة العقار، فما هي انعكاسات ذلك على سوق العقار في السعودية ؟ يمكن تلخيص أثر موقع العقار على سعره من حيث التالي:
- جودة المدارس غالباً ما تعتبر العامل الأكثر أهمية للشخص الراغب في شراء العقار خصوصاً لأرباب الأسر
- مدى فرص التوظيف المُتاحة في منطقة العقار فذلك لوحده أولوية قصوى لمعظم مشتري العقار المحتملين
- مدى قرب موقع العقار من مراكز التسوّق والترفيه، فذلك العامل لوحده يعتبر الأكثر أهميّة لأي مشتري شاب ويافع
من المنطقي الاستنتاج بأن الموقع الذي يجمع بين العوامل الثلاثة المذكورة أعلاه يملك اليد العليا في تعظيم قيمة العقار وقابلية شرائه.
تقرير المفتّش
قد يلجأ بعض الزبائن في العقارات لتفويت حقّهم في الاطلاع على تقرير المفتّش، لكن ذلك يعتبر بمثابة المخاطرة التي لا تلجأ لها الجهات المُقرضة. ولمعظم المشترين، فإن موضوع تمويل الرهن العقاري من البنك أو المؤسسة المالية يُعتبر مشروطاً بنتيجة التفتيش الإيجابية. حتى وإن كان المنزل تحت بند العقد، فإن تقرير التفتيش سيؤثر بشكل جلي على سعر المنزل، وغالباً ما يكون هذا التأثير سلبياً حيث أن المشتري يكشف مسبقاً أية مشاكل تستلزم تصليحات. وكلّما زاد عدد التصليحات الموصى بها في التقرير، كلّما امتلك المشتري هامشاً تفاوضياً أعلى في تقرير سعر الشراء. وإذا ما أخفقت الصفقة في الحدوث حريٌّ بالبائع عندئذ أن يبلغ المشترين المستقبليين بتقرير مفتّش العقار.
تحديثات وتغييرات العقار
بينما يتطلّع بعض المشترين لإحداث تغييرات وتحديثات على العقار، يفضّل معظم مشتري المنازل شراء منزل جاهز يعكس آخر التعديلات بحيث يمكن الانتقال إليه فوراً أو في أقرب وقت ممكن، ولا مانع لديهم من دفع فرقية سعر أعلى في سبيل راحتهم. فعلى سبيل المثال، فإن السقف يمكن استرداد 80% من قيمته عند بيع المنزل. ووفق احصاءات مختصي العقارات، فإن المطابخ والحمامات المعدّلة تُعتبر من بين التعديلات الأكثر الأهمية بحسب منظور مشتري المنازل نظراً لما تلقيه من تكاليف باهظة الثّمن على كاهل المشتري.
العوامل الاقتصادية الكلية:
المؤشرات الاقتصادية
تؤثّر قوّة الاقتصاد بالمجمل بشكل كبير على سوق العقارات في السعودية حيث أن قابليّة المستهلكين لدعم أسعار الإسكان تعتمد بشكل كبير على عوامل مفصليّة، من هذه العوامل الناتج المحلي الإجمالي والبطالة ونمو الدخل. لنأخذ على سبيل التوضيح الركود الاقتصادي الذي تغلغل في الاقتصاد العالمي بدءاً من أزمة 2008 ولغاية 2012، فركود كهذا يحمل في ثنيّاته ترابطاً بين العقارات والسوق في نطاقه الأوسع. فالإقتصادات المحلية التي تحفل بالكثير من الوظائف العقارية شهدت تناقصاً في أسعار العقار منذ اندلاع الأزمة.
نسبة الفائدة
تُعد نسبة الفائدة عاملاً مفصلياً في كيفية تثبيط معدّلات الرهن نظراً لدورها الرئيسي في تثبيت سعر التكلفة المترتبة عن اقتراض المال. فمعدّلات الفائدة المتدّنية تؤدي عادة لمعدّلات رهن منخفضة من البنوك، وهذا من شأنه تخفيض أقساط الرهن الشهرية التي ينبغي على مشتري العقار دفعها من إجمالي مبلغ الرهن. وكلّما قلّت قيمة الدفع الشهري بطبيعة الحال كلّما أصبح القرض متاحاً أكثر لمشتري المنازل المحتملين، وذلك من شأنه زيادة أسعار العقار في نهاية المطاف.. لكن معدّلات الرهن مجرّد متغيّر واحد من مجموعة متغيّرات أخرى تؤثر فيها نسبة الفائدة مثل تدفّق رأس المال، العرض والطلب على رأس المال، وعوائد الاستثمار اللازمة للمستثمرين.
المستثمرين
خلقت أزمة الإسكان بيئة جاذبة للمستثمرين المهتمّين بالعقار السكني، فكم العقارات المرهونة التي تم الحجز عليها وتلك التي تكون فيها صافي عوائد بيع العقار أقل من الديون المضمونة ضد العقار قد زوّدت المستثمرين المحليّين والأجانب بالفرصة لخطف العقارات غير باهظة الثمن إمّا لغرض الإيجار أو إعادة البيع بهامش ربح. فوفق الأبحاث الأخيرة الصادرة عن خبراء العقار، فإن نسبة المنازل التي تم شرائها من المستثمرين تصل إلى 20% من حجم السوق. وبينما تبدأ تلك العقارات المتضرّرة في الانحسار، فإن السوق قد يتباطىء بينما تقلّل هذه الأطراف من زخم شرائها.
وهكذا نكون قد وضحنا بعض من العوامل الاقتصادية التي تؤثر على أسعار عقار السعودية علماً بأن هذه العوامل تنطبق على عدّة بلدان حول العالم وليس السعودية فحسب. يمكنك الاطلاع مقالات شبيهة مثل الاستثمار في العقارات الصحيحة أو كيف تصبح وكيل عقاري ناجح على مدونة بيوت السعودية التي تسعى دوماً للإفادة بكل ما يخص العقار السعودي وسوقه.