يُعد تقديم النفس وتكوين الانطباع الأول عنها بشكلٍ واضحٍ وحسنٍ ولائقٍ؛ أمراً في غاية الأهمية عموماً ودائماً، إذ يُكسب ذلك الأشخاص احتراماً وتقديراً وقبولاً من الطرف الآخر.
وتتجلى هذه الأهمية بطبيعة الحال أيضاً؛ في التقدم للوظائف والأعمال المهنية، إذ ينبغي الحرص على تصدير صورة انطباعية رزينة ومثالية وملائمة للمقتضيات والمتطلبات الوظيفية، الأمر الذي غدى من المفترض إبرازه بوضوحٍ في السيرة الذاتية العملية أصبحت بمثابة أول المفاتيح لأبواب الوظائف والأعمال المهنية المختلفة.
في هذا المقال؛ نُعرّف ما هي السيرة الذاتية أو الـCV ونوضح كيف تكتب سيرة ذاتية بطريقةٍ احترافية، علّنا نساعدك على أكمل وجه وبأفضل شكلٍ في تحقيق الهدف والغاية من تقديم سيرة ذاتية للجهات العملية المُشغلة والتي تطرح فرص عمل تناسب خبراتك ومهارتك.
ما هي السيرة الذاتية؟
إن المقصود بمصطلح سيرة ذاتيه عملية؛ هو الإطار أو النموذج الذي يضع فيه المتقدمون للفرص الوظيفية ما يمتلكونه من شهاداتٍ وخبراتٍ ومهاراتٍ ومنجزاتٍ عملية مُثبتةٍ في سياقٍ مهني مُعيّن، جنباً إلى جنب مع بعضٍ من أهم المعلومات الشخصية والتفاصيل العملية ذات الصلة، وبالتالي؛ فإنه يتبدّى الغرض من إعداد وكتابة سيره ذاتيه وتقديمها للجهات المُوظِفة أو المُشغّلة التي تُعلن عن وظائف شاغرة؛ في تقديم ملخص موجزٍ ووافٍ وموضّحٍ عن المعلومات الأساسية والمؤهلات والخبرات والمهارات والإنجازات العملية للأشخاص المتقدمين، وذلك بما يتناسب مع شغلهم لهذه المناصب أو الوظائف الشاغرة، رفقة تقديمهم نبذةً تعريفيةً عنهم وعن اهتماماتهم وأهدافهم وغاياتهم من التقدم لهذه الوظائف والحصول عليها، وما سوى ذلك مما يجدونه مهماً ومُعززاً لفُرص واحتماليات قبولهم من المعلومات والتفاصيل الأخرى.
كيف تكتب سيرة ذاتية
في حين أن هنالك العديد من الطرق لكتابة سيرة ذاتية والتي تختلف كًلاً منها عن الأخرى تِبعاً لاولويات ورؤية وتفضيلات صاحبها؛ فإنه يُمكن للأشخاص الذين يريدون صناعة نموذج سيرة ذاتية لأنفسهم من أجل تلخيص خبراتهم ومهاراتهم وإنجازاتهم العملية وأهم المعلومات الشخصية عنهم؛ أن يستعينوا بنموذج سيرة ذاتية جاهزة ويأخذون الإطار العام لها، من ثم يستبدلون ما في هذه السيرة الذاتية الجاهزة من معلومات بمعلوماتهم الشخصية والعملية، وبذلك فإنهم يصنعون نموذج سيرة ذاتية احترافي بوفرةٍ من الوقت والجهد.
فيما قد يُفضل آخرون بناء وتصميم إطار ومحتوى سيرة ذاتية خاصٍ بهم بشكلٍ حصري، وفي هذا الصدد؛ فإننا نستعرض تالياً بعضاً من أهم الخطوات التي من شأنها أن تساعدك وترشدك كيف تكتب سيرة ذاتية عملية خاصةً بك سواءً كان إطارها وتنسيقها مأخذواً عن سيرة ذاتية جاهزة أو كنت تود تصميم نموذج سيرة ذاتية بشكلٍ مخصص لك:
المقدمة
بغض النظر عمّا إذا كنت تكتب سيرة ذاتية باللغة العربية أم الإنجليزية؛ فبعد إبدائك التحية لمن تقدم لهم سيرتك الذاتية والتي يمكن جعلها عامّة بصيغة مثل “السادة قسم الموارد البشرية” مثلاً؛ ابدأ بالتعريف عن نفسك بإيجازٍ وافٍ عبر نبذة توضح فيها وضعك الحالي وأهم أو أفضل مؤهلاتك ومهاراتك الشخصية والعملية، مع إمكانية إضافة صورة شخصية إلى جانب هذه المعلومات.
خطاب الدافع
في ما يلي المقدمة والنبذة التعريفية عنك؛ فإنه يُمكنك كتابة فقرة قصيرة تكون بمثابة خطاب أو رسالة توضح فيها ما يدفعك للتقدّم إلى هذه الوظيفة ويحفّزك لها بناءً على ما لديك من منجزٍ ومهاراتٍ وخبراتٍ ونقاط قوة تؤهلك لها وتجعلك خياراً مناسباً ومثالياً لها ايضاً كما تجعلها كذلك بالنسبة لك، ويوصى عادةً أن تُذيل هذه الصفحة التي تتضمن المقدمة والتعريف والإفصاح الدوافع؛ بتوضيح الوقت الذي يُمكنك أن تكون مُستعداً للبدء في العمل بحلوله، جنباً إلى جنب مع إدراج عناوين الاتصال الخاصة بك مثل البريد الإلكتروني أو “الإيميل” ورقم الهاتف.
المعلومات الأساسية
بعد الانتهاء مما سبق بما يشمل العناصر التي استهلّيت سيرتك الذاتية بها بما يشمل المقدمة والنبذة التعريفية وخطاب الدافع؛ فإنه يُمكنك الانتقال إلى خانة المعلومات الأساسية عنك، وهي التي ينبغي أن تتضمن بياناتٍ مثل الاسم الكامل، وتاريخ الميلاد، والحالة الاجتماعية، ومكان الإقامة، ورقم الهاتف، والبريد الإلكتروني، وذلك مع الإشارة إلى إمكانية تنصيب هذه الفقرة في المقام الأول من بناء سيرة ذاتية أو في ما يلي مقدمة التحية بشكلٍ مباشر، وتفضيل البعض لهذه الطريقة أو هذا التنسيق.
الحالة التعليمية والشهادات
بينما قد تعطي الحالة التعليمية والشهادات الأكاديمية والتدريبية لمحة مهمّة عن جانب من الجوانب المعرفية للأشخاص، وفي حين أصبح يُنظر إليها في العديد من الأحيان على أنها بُنيةٌ أساسية لما يُراكم فوقها من خبرات ومنجزات؛ فإنها جديرة في أن تأخذ مكاناً وحيّزاً متقدماً لدى كتابة سيرة ذاتية عملية، وذلك مع الإشارة إلى أنها تدعم وتعزز كفاءة السيرة الذاتية بقدرٍ كبيرٍ ومهمٍ إلا أنها ليست وحدها العامل الأساسي والرئيسي الوحيد في تكوين الاستحسان والقبول للسيرة، إذ يُمكن تعزيز ودعم سيرة ذاتية بما سوى ذلك من العناصر إن كان هنالك بعض القصور في هذا الجانب أو عدم التوافق مع الفرصة الوظيفية التي يجري التقديم إليها.
الخبرات العملية في سيرة ذاتية
هنا مربط الفرس ومكمن الفحص والاختبار والتوافق والتدقيق إن صح القول؛ إذ تعبّر التجارب والخبرات العملية عن مدى كفاءة المتقدمين إلى حدٍ ما، ومدى انسجامها مع متطلبات الخبرة للوظائف الشاغرة، ويوصى عادةً بسرد الخبراء العملية عبر إدراج أو كتابة المسمى الوظيفي واسم الجهة المُشغلة السابقة أو الحالية وتاريخ البدء والانتهاء أو الإشارة إلى الاستمرار في بعض المناصب إن لم يتم الانتهاء منها، إضافةً إلى ذلك فإنه يُمكن إيراد شيءٍ من التفصيل بعد ذِكر وإدراج كُل خبرة أو وظيفةٍ أو تجربةٍ عملية أو تدريبية سابقة، كما يُنصح بسرد الخبرات العملية بنسقٍ تنازلي من الأحدث للأقدم.
ويُشار هنا إلى أنه ليس من الضروري من يمتلك المتقدمون للفُرص الوظيفية خبراتٍ عملية هائلة وكثيرة في كُل الأحيان، وإنما قد تتطلب بعض الوظائف خريجين جدد أو أشخاصٍ لا يمتلكون الكثير من الخبرات وإنما ما يتناسب مع حجم الوظيفة ومسؤولياتها فقط، الأمر الذي قد يعود على أصحاب الخبرات الكبيرة بعدم القبول لهذه الوظائف في بعض الأحيان نظراً لخبراتهم الفائضة عن الحاجة أو الأكبر من الوظيفة ومسؤولياتها، بينما تكون الوظائف الأكبر شأناً والتي تحوز على قدرٍ أكبر من المسؤوليات هي الأكثر ملائمة لهم والتي قد يتم قبولهم فيها.
وأيضاً؛ فلا يُنظر للخبرة العملية وحدها على أنها معيار القبول لشغل المناصب والوظائف من عدمه، إذ قد تطغى بعض المهارات أو المؤهلات العملية والأكاديمية والتدريبية على الخبرات العملية في بعض الأحيان، إلا أن هذا لا ينفي الأهمية الكبيرة لخانة الخبرات العملية بكل تأكيد.
اللغات والمهارات العمليات
يتعين أن يضم هذا القسم من بناء سيرة ذاتية عملية؛ ما يحظى به المتقدمون من كفاءات لغوية وتحديد مستواهم باستخدام هذه اللغات سواءً العربية أو الانجليزية أو كلاهما والمزيد من اللغات الأخرى إن وُجد، إذ تتطلب بعض الوظائف قدرات وكفاءات لغوية بمستويات محددة في لغات مُعيّنة.
يأتي ذلك جنباً إلى جنب مع المهارات العملية والسلوكية في بيئة العمل، والتي يُمكن أن تتمثل في بث الروح الإيجابية، والعمل الجماعي أو التعاوني ضمن فريق، والقدرة على العمل تحت الضغط، والالتزام بمواعيد التسليم النهائية، وإدارة الوقت، والخبرة أو المهارة في التعامل مع أنظمة معيّنة على ارتباطٍ بطبيعة العمل، وما سوى ذلك المهارات العملية ذات الصلة أيضاً.
ويُمكن دمج اللغات والمهارات العملية في خانة واحدة أو فصلهما تِبعاً لما يُفضله المتقدمون من تنسيقٍ وتصميم أثناء صناعتهم سيرة ذاتية عملية خاصة بهم.
الإنجازات وروابط الأعمال
يُمكن إضافة هذا القسم بُغية تعزيز وتدعيم السيرة الذاتية، على أن تكون هنالك إنجازات وروابط أعمال مهمّة وجديرة بالذِكر والإشارة إليها في سياق ترسيخ نقاط القوة للمتقدمين بما من شأنه تحقيق هذه الغاية، ولا يُعد هذا القسم إلزامياً، وإنما يكون إضافةً إيجابية ورائعة إن كان هنالك بالفعل بعض الإنجازات وروابط الأعمال للمتقدمين.
وتجدر الإشارة هنا؛ إلى إمكانية تنصيب خطاب أو رسالة الدافع في الجزء الأخير من السيرة الذاتية بدلاً من وضعها ضمن الأقسام الأول، ويعود ذلك أيضاً إلى ما يفضله المتقدمون من تنسيق وتصميم أثناء بنائهم سيرة ذاتية عملية خاصةً بهم، كما يُمكن إدراج معلومات التواصل مرة أخرى في ختام السيرة الذاتية أيضاً.
بهذا نكون قد قدّمنا لك في هذا المقال؛ معلومات وافية ومتكاملة عن إنشاء سيرة ذاتية عملية احترافية، وذلك بما يتضمن تعريف ما هي السيرة الذاتية جنباً إلى جنبٍ مع توضيح كيف تكتب سيرة ذاتية عبر سرد أهم الخطوات والإجراءات لذلك.
إذا كنت ترغب بالحصول على المزيد من المعلومات وقراءة العديد من المقالات الأخرى المهمّة والشيّقة؛ فإننا ندعوك لتفقّد مدوّنة بيّوت السعودية والبقاء على اطّلاعٍ بكُلِ جديدٍ أولاً بأول.