هل تساءلت يومًا لماذا نشعر بالراحة والسكينة في الحدائق والغابات؟ ولماذا ترتبط ذكرياتنا السعيدة غالبًا بالأماكن القريبة من الطبيعة؟ وماذا لو أخبرتك أن بإمكاننا دمج هذه المشاعر الإيجابية في حياتنا اليومية، حتى داخل المباني التي نعيش ونعمل فيها؟ هذا هو جوهر التصميم البيوفيلي ، الذي يربطنا مجددًا بالطبيعة ويقدم لنا بيئات صحية ومريحة، فما المقصود بالتصميم البيوفيلي؟ وما هي أسسه؟ أكمل معنا القراءة لتعرف أكثر.
يعرف التَصميم البيوفيلي على أنه نهج معماري يهدف إلى دمج عناصر الطبيعة في البيئات المبنية، سواء كانت مساكن أو مكاتب أو مدارس، وذلك من خلال استخدام مواد طبيعية مثل الخشب والحجر، وإدخال النباتات والضوء الطبيعي والماء، ويسعى هذا التصميم إلى خلق صلة عميقة بين الإنسان وبيئته الطبيعية، حيث إنه أكثر من مجرد ديكور؛ فهو فلسفة تعترف بأهمية الطبيعة في صحتنا النفسية والجسدية ورفاهيتنا بشكل عام، مع العلم أنه يسمة أيضًا بمسمى الديكورالحيوي.
دمج التصميم البيوفيلي في مجال البناء
وفي الإجابة عن سؤال: من هو مؤسس التصميم البيوفيلي؟ فإن أول من جسد نظام البيوفيليا هو عالم الأحياء الأمريكي “إدوارد ويلسون، حيث طرح هذه النظرية في القرن العشرين لأول مرة، وكان قد تحدث خلالها عن كيف أن الإنسان يميل بالفطرة إلى الطبيعة والتفاعل معها، حيث إن من وجهة نظره يرى أن هذه الرغبة هي بالأساس جزء من تكويننا البيولوجي والتاريخي كذلك، ولا يمكن أن يحظى الإنسان بحياة صحية بعيدًا عن الطبيعة، فهو دائمًا بحاجة إلى الاتصال المباشر بأشكال الحياة الحقيقية، كما أنه بحاجة لهذا التواصل تمامًا كما هو بحاجة للحصول على العناصر الغذائية والأكسجين من أجل عملية التمثيل الغذائي.
إن دمج التَصميم البيوفيلي في البناء أصبح توجهًا شائعًا جدًا، خاصة في تصميم المباني الحديثة التي تهدف إلى تحسين جودة الحياة داخل المدن، والهدف هو إنشاء مساحات تعزز الاتصال بالطبيعة وتحقق فوائد صحية ونفسية لمن يعيشون أو يعملون في هذه المباني، وكما ذكر سابقًا إن هذا التصميم يعتمد على دمج عناصر الطبيعة في أي ديكور لأي مساحة، من أجل محاكاة الطبيعة، وفيما يلي هذه العناصر الهامة:
الإضاءة الطبيعية
تعد الإضاءة الطبيعية أحد العناصر الأساسية والحيوية في التصميم البيوفيلي، إذ تعمل على دمج المساحات الداخلية بالبيئة الخارجية، كما أنها توفر إضاءة طبيعية كافية، وتعمل على تحسين جودة الهواء، بالإضافة إلى ذلك فهي تعمل على تنظيم الساعة البيولوجية للإنسان، مما يساهم في تحسين الأداء والكفاءة، ويمكن تطبيق ذلك من خلال استخدام النوافذ الكبيرة والأسقف الزجاجية والأفنية الضوئية.
النباتات
إن استخدام النباتات في التصميم يعد أمرًا أساسيًا في التصميم، فبالإضافة إلى الجمال البصري التي تعطيه هذه النباتات، فهي أيضًا تعزز من جودة الهواء في المكان وتقلل من التوتر، وهذا بدوره يعني تشكيل جوًا هادئًا ويملؤه السكون، ويمكن استخدامها من خلال وضع النباتات الداخلية والخارجية في الديكور، بالإضافة إلى الجدران الخضراء والحدائق العمودية.
المواد الطبيعية في التصميم البيوفيلي
لا بد من أي ديكور حيوي أن يضم بداخله المواد الطبيعية، فيجب دائمًا دمجها في التصميم، ويقصد بالمواد الطبيعية هنا الخشب والحجر والخيزران، أو مثلًا مواد البناء الطبيعية، ولا يقتصر استخدامها على تحسين مظهر الديكور وخلق أجواء طبيعية، فهي أيضًا طريقة من طرق إضفاء جوًا من الدفء على المكان.
المياه
تعد المياه أهم عناصر الطبيعة، ولذلك لا بد من إضافتها في أي ديكور حيوي، ويكون ذلك من خلال وضع النوافير أو مثلًا برك المياه أو الجداول الصناعية، علاوة على أنها تضفيمنظرًا جماليًا على المكان، فهي تقلل من مستويات التوتر وتعزيز الشعور بالدفء.
ما هو تأثير التصميم البيوفيلي على الصحة
بعد التعرف على العناصر الأساسية التي لا بد من وجودها في أي تصميم بيوفيلي، لا بد من العلم أن هذا التصميم له أهمية بالغة على الصحة، فهو ليس مجرد ديكور، وفيما يلي كيف يؤثر التصميم البيوفيلي على الناس وعلى صحتهم على وجه الخصوص:
تحسين الصحة العقلية
يعزز هذا التصميم من اليقظة والتركيز، حيث إن التواجد في بيئة بيوفيلية يساعد العقل على الاسترخاء واستعادة قدرته على التركيز والإبداع، كما أن الطبيعة تعمل كمحفز لطيف للعقل، مما يجعل الأفكار تتدفق بشكل أسهل ويشجع على التفكير الإبداعي، بينما التواجد في البيئات الصناعية المزدحمة والضوضاء المستمرة يمكن أن تسبب إرهاقًا عقليًا، لكن التصميم البيوفيلي يخفف من هذا الإرهاق عن طريق توفير مساحات هادئة ومريحة، وهذا يجعل العقل يستعيد طاقته ويخفف الضغط الناتج عن الحياة اليومية.
تحسين الصحة النفسية
يؤدي التصميم الحيوي إلى تحسين الصحة النفسية وذلك لأن العناصر الطبيعية كالنباتات والضوء الطبيعي تساعد على تقليل هرمون الكورتيزول، وهو الهرمون المسؤول عن التوتر، ويؤدي ذلك بالتالي إلى الشعور بالاسترخاء والهدوء، وذلك يعني رفع مستوى السعادة، حيث إن التواجد في بيئة محاكية للطبيعة يزيد من إفراز هرمون السيروتونين والدوبامين، وهما هرمونان مرتبطان بالشعور بالسعادة والرضا، وكل هذا يعمل بدوره على تحسين المزاج وتقليل الاكتئاب.
كيف يتم دمج الطبيعة في البيئة المبنية
إن التَصميم البيوفيلي لا يقتصر على المباني والمساحات التي لم يبدأ بناؤها بعد، والتي ما زالت تحت قيد التصميم، بل حتى إن المباني التي تم بناؤها بالفعل هي أيضًا يمكن دمج الطبيعة فيها كذلك، فلم يفت الأوان لفعل ذلك، وهذا يكون من خلال ما يلي:
تصميم الحدائق والمساحات الخضراء المفتوحة
أحد أهم طرق دمج الطبيعة هو تخصيص مساحات خضراء داخل المناطق العمرانية، مثل الحدائق العامة والحدائق الصغيرة بين المباني والساحات، حيث إن هذه المساحات تتيح للناس الاسترخاء وممارسة الأنشطة البدنية والتفاعل مع الطبيعة في بيئة حضرية.
إدخال النباتات في التصميم البيوفيلي
بما أن النباتات تعد عنصرًا أساسيًا في التصميم البيوفيلي، فيمكن وضع النباتات داخل المباني، سواء في المكاتب أو المنازل أو الأماكن العامة، من أجل إضفاء لمسة طبيعية وجمالية، كما يمكن أيضًا تصميم الجدران النباتية، والتي بدورها تضفي مظهرًا طبيعيًا وتجعل المكان ينبض بالحياة.
تصميم الأسطح الخضراء في المبنى
وتعرف الأسطح الخضراء على أنها تقنية يتم من خلالها زراعة النباتات على أسطح المباني، مع العلم أن هذه الأسطح تساعد على تقليل الحرارة في المدن، وتعزز العزل الحراري للمباني، وتوفر مساحات خضراء إضافية لسكان المدينة، كما أنها يمكن أن تكون مساحات مناسبة للزراعة.
إضافة المسطحات المائية
فيمكنك مثلًا إدخال المسطحات المائية على المبنى الخاص بك سواء كان منزلًا أو مجمع سكني أو مجمع تجاري، مثل وضع النوافير في حديقة المنزل أو أمام المجمع، أو إضافة البرك أو البحيرات الصغيرة، حيث تعتبر المياه عنصرًا كمهدئ طبيعي ولها تأثير إيجابي على الصحة النفسية. إضافةً إلى ذلك، يمكن استخدام أنظمة لجمع مياه الأمطار أو إعادة تدويرها لدعم الاستدامة.
يمكنك أيضًا التعرف على أفكار لتصميمات جبس بورد للأصقف.
وفي الختام تم التعرف على التصميم البيوفيلي؛ وهو عبارة عن تصميم يعمل على دمج الطبيعة في الديكور لأي مكان، على اعتبار أن الإنسان بفطرته وبطبيعته يميل إلى الطبيعة، وتحدثنا عن كيفية دمح التصميم البيوفيلي في البناء؛ وذلك من خلال إدخال عناصر الطبيعة في المساحات، والمقصود بالعناصر الطبيعية الماء والنباتات والإضاءة الطبيعية والمواد الطبيعية كالحجارة والخشب، بالإضافة إلى ذلك تم الحديث حول كيفية دمج الطبيعة في المباني المبنية؛ والتي تم بناؤها بالفعل، وذلك من خلال إضافة عناصر الطبيعة مثل تصميم حدائق في فناء المبنى أو وضع نافورة أو بركة أو غيرها.
إذا أردت التعرف على معلومات أخرى حول الذكاء في التصميم وكيفية استغلال المساحات في الغرف الصغيرة، يمكنك الاطلاع على مدونة بيوت السعودية.