لقد أولت البشرية لأمر التعليم والمعلمين أهمية بالغة على مر التاريخ، ومنح الناس المعلمين مكانة سامية وجليلة، كما قالت البشرية أقوالاً عظيمة في مدحهم وتبجيلهم، منها ما وصل إلى ما قاله العرب متمثلاً بكُلٍ من الجملة الشهيرة “من علمني حرفاً، كنت له عبداً”، و”قُم للمعلم وفّهِ التبجيلا..كاد المعلم أن يكون رسولا”.
وإن ذلك لهو في الحقيقة انعكاسٌ لما يبذله المعلمون من جُهدٍ قيّم وسعيٍ مشكورٍ في سبيل ارتقاء المجتمعات ورفعتها، وتعبيراً عن الامتنان لما يقدمونه من أفضالٍ جزيلةٍ تُرجّح كفّة العلم وتنهض بالمجتمعات نحو الازدهار والنجاح والقمة تطبيقاً لقول الله تعالى “قل هل يستوي الذي يعلمون والذين لا يعلمون إنما يتذكر أولو الألباب” في إشارةٍ بذلك إلى كون الذين يعلمون أرفع درجةً وأقوم قيلاً من الذين لا يعلمون.
وفي سياق تقدير هذه المهنة الموقّرة والسامية، وفي ضوء العمل على تحسينها عبر وضع المعايير والمؤشرات المرجعية التي تتناول وضع المعلمين وحالاتهم، وتضبط حقوقهم ومسؤولياتهم حول العالم؛ فلقد أطلقت منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة “اليونسكو” مناسبة يوم المعلم العالمي للتذكير بشكلٍ أساسي بأهمية السير على هذه المعايير والعمل بها بغية اتباع نهج صائب يؤطر العمل التعليمي ويضعه في المسار الصحيح والملائم له، ويمنحه المكانة الجليلة والظروف المواتية لاتساقه على النحو الأمثل والأسلم والأفضل.
في هذا المقال؛ نسرد بعضاً من أهم المعلومات عن اليوم العالمي المعلم، وذلك بما يشمل التعريف عن يوم المعلمين وإيراد نبذةٍ وافية وموجزةٍ عنه وعن خلفية إطلاقه وإقراره، جنباً إلى جنبٍ مع تبيان موعد عيد المعلم، والحديث عن أبرز فعاليات ومظاهر الاحتفاء والاحتفال في يوم المعلم العالمي أيضاً.
ما هو يوم المعلم العالمي؟
فيما تقع شؤون التعليم والمعلمين ضمن اختصاصات منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة “اليونسكو”؛ فلقد كانت قد قدّمت المنظمة توصية في العام 1966م بشأن أوضاع المعلمين، وهي التي تناولت أوضاع التعليم والمعلمين حول العالم بشكلٍ متخصص عبر وضع معايير ترتبط بأحكام وقيم المهنة، ببما في شؤون التوظيف والتدريب والتعليم المستمر للمعلمين، جنباً إلى جنبٍ مع النظر بعناية في ظروف عملهم والقضايا المتعلقة بهم وبشؤون التدريس والتعليم حول العالم تطلّعاً إلى التحسين المستمر لها، والاهتمام بمسؤوليات المعلمين وحقوقهم بالشكلٍ الأفضل على حدٍ سواء.
بعد 18 عاماً من إصدار هذه التوصية، أقرّت اليونسكو يوم المعلم العالمي احتفاءً بمواصلة العمل بهذا النهج، وإحياءً لليوم الذي وضعت فيه التوصية وبدأ جريان العمل بها، جنباً إلى جنبٍ مع استذكار واستشعار أهمية العلم والتعليم والمعلمين، وإبداء التقدير والاحترام والامتنان لهم، بالتوازي مع الالتفات إلى ضرورة الاستمرار بتحسين أوضاع التعليم والمعلمين حول العالم، ومواصلة النظر في هذه القضايا بمنحىً إيجابي فاعلٍ ومُثمر.
متى اليوم العالمي للمعلم؟
لقد حددت منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة “اليونسكو” تاريخ يوم المعلم في 5 أكتوبر من العام 1994، ليصبح هذا التاريخ موعداً سنوياً بعنوان يوم المعلم العالمي، وبينما حددت المنظمة الخامس من أكتوبر في كل عام موعد عيد المعلم العالمي بشكلٍ رسمي؛ فإن تاريخ يوم المعلم يختلف في بعض الدول حول العالم تِبعاً لمقتضيات دوام السلك التعليمي والمؤسسات التعليمية، فمثلاً تحتلف الهند بيوم المعلمين بتاريخ 5 سبتمبر من كل عام، وتجري احتفالات يوم المعلمين في استراليا خلال الجمعة الأخير من شهر أكتوبر لكل عام؛ في حين تلتزم المملكة العربية السعودية بالاحتفال في يوم المعلم العالمي في تاريخ 5 أكتوبر من كل عام.
فعاليات يوم المعلم العالمي
عادةً ما يشهد يوم الخامس من أكتوبر في كل عام احتفالات عالمية بمناسبة يوم المعلم العالمي التي تتضمن العديد من الفعاليات مثل إرساءً لأنظمةٍ وأسس وقوانين جديدةً مرتبطة بالهيكلية التعليمية أو بأداء المعلمين وحقوقهم وواجباتهم أو مسؤولياتهم، ذلك إلى جانب ما قد يتخلل الاحتفالات والفعاليات من مظاهر تقدير وإبداءٍ للشكر والامتنان حيال المعلمين وموظفي قطاع التعليم عموماً.
وتنظم اليونسكو كذلك بالتعاون مع منظمة التعليم الدولية حملة خاصةً في يوم المعلم العالمي من كل عام بهدف الإسهام في تقديم فهمٍ أفضل للعالم عن الدور الذي يؤديه المعلمون في تنمية الطلاب والمجتمع العالمي، وذلك بالشراكة مع العديد من المؤسسات العالمية الحكومية منها والخاصة بما في ذلك المؤسسات الإعلامية التي تؤدي فاعلية مؤثرة وكبيرةً في تحقيق هذا الهدف، وتركز الحملة على مواضيع تختلف في كل عام عن الآخر تِبعاً لما يواجه القطاع التعليمي من قضايا مُلحّة وتحديات.
وتُلفت منظمة اليونسكو إلى الإمكانية المتاحة للجميع بشأن المشاركة الإسهام والمشاركة الفاعلة والكفؤة في فعاليات واحتفاليات يوم المعلم العالمي سواءً أثناءه أو في ما بعده أو قبله أثناء العام بأكمله، وذلك عبر نشر الوعي العام حول قضايا التعليم والمعلمين والمشاركة في تعزيز احترام وتقدير المهنة والقائمين عليها بوصف الأمر جزءً من النظام الطبيعي الذي ينبغي أن يكون موجوداً ومتحققاً استناداً للمفاهيم والقيم البشرية الإيجابية والجليلة والمُجدية نحو التطور والنجاح والنهضة جنباً إلى جنبٍ مع التكامل المجتمعي والتراتبية السليمة ومبادئ الاحترام والتقير للجهود والمساعي الخيّرة والمثمرة في المجتمع البشري، ولعل من هذه الفعاليات والمشاركات الممكنة على المستوى البسيط؛ هي ما يتمثل بمشاركة المدارس والطلاب على سبيل المثال في إعداد وتنفيذ مناسبات التقدير والامتنان للمعلمين خلال يوم المعلم العالمي، وهو الأمر الذي يعود بالأثر الإيجابي الدافع للتحسن والتطور نحو الأفضل سواءً بالنسبة للمعلمين أو الطلاب على مسافةٍ واحدةٍ
زِد إلى ذلك في هذا السياق؛ فإنها تتحلل فعاليات واحتفالات يوم المعلمين القيام بفعاليات نشر صور عن اليوم العالمي للمعلم بُغية التوعية بأهمية احترام المهنة والقائمين عليها تساوياً مع العمل على تحسين قطاع التعليم ومواصلة الجهود لتطويره، وكذلك فتشمل الاحتفالات والفعاليات إطلاق عبارات عن اليوم العالمي للمعلم ما يُعبّر عن أهداف وغايات عيد المعلم ويتواءم معها ومع العمل على تحقيقها أيضاً.
وتجدر الإشارة في هذا السياق هنا؛ إلى رفع منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة “اليونسكو” شعاراً يُعبّر عن أهم القضايا التي تواجه القطاع التعليمي العالمي في كل عام ليكون شعار اليوم العالمي للمعلم خلال العام، فيتجلى شعار اليوم العالمي للمعلم الذي أطلقته اليونسكو في العام 2023 مثلاً بالعبارة التالية: “المعلمون الذين نحتاج إليهم من أجل التعليم الذي نرغب به: ضرورة معالجة النقص في أعداد المعلمين على الصعيد العالمي”، فيما اختارت المملكة العربية السعودية شعار “رسول العلم شكراً” بوصفه شعار اليوم العالمي للمعلم في العام الحالي 2023.
بهذا نكون قد قدّمنا لك في هذا المقال؛ معلومات وافية ومتكاملة عن يوم المعلم العالمي بما يشمل كلاً مقدمة ونبذة عن الأمر، جنباً إلى جنبٍ مع توضيح مفهوم يوم المعلم العالمي وتبيان متى اليوم العالمي للمعلم، ضِف إلى ذلك الحديث عن أجواء ومظاهرفعاليات واحتفالات يوم المعلم العالمي أيضاً.
إذا كنت ترغب بالحصول على المزيد من المعلومات وقراءة العديد من المقالات الأخرى المهمّة والشيّقة؛ فإننا ندعوك لتفقّد مدوّنة بيّوت السعودية والبقاء على اطّلاعٍ بكُلِ جديدٍ أولاً بأول.