قد يتعرض العديد من الأشخاص لمواقف مختلفة يشعرون فيها بالخجل بشكلٍ حقيقي دون التخطيط لذلك، مما يحول دون إقدامهم على بعض الأمور او الإجراءات او اللقاءات والمحافل الاجتماعية، وذلك ما يختلف عن الحياء الذي يُعبّر عن إرادة الارتداع، وإنما الخجل هو الذي يدفع بصاحبه للانكفاء عن الإقدام دونما سببٍ لذلك، مما قد يعيق من تكوين الحضور أو إنجاز ما يريد الشخص أو ما ينبغي له تحقيقه في مواقف اجتماعية مختلفة، وفيما يكتنف الشعور بالخجل جوانب سلبية قد تُعبّر عن عدم الثقة بالنفس، أو ضحالة المهارات الاجتماعية، فإنه يُكسب الخجل أصحابه صفاتٍ إيجابية من ناحية أخرى تتمثل أبرزها في تفادي ما قد يسبب الإحراج، والوعي الذاتي والسلوكي إلى حدٍ ما واحترام الذات ودرءها من الوقوع بالإحراج أو ما لا يُمكنها مجاراته أو التفاعل معه، وبذلك فيُمكن القول إن الخجل ليس بالأمر السيء دائماً، إلا أنه قد يعيب صاحبه ويُضعف من موقفه في بعض الأحيان، ولذا فيوصى بالحياء الذي يُعبّر عن الحشمة والرزانة والانقباض عن القبح، ليكون على حساب الخجل وعِوضاً عنه.
في هذا المقال؛ نوضح بإيجازٍ وافٍ ماهو الخجل جنباً إلى جنب مع استعراض أهم اسباب الخجل وتبيان بضعاً من أعراض الخجل الأكثر شيوعاً وبروزاً أيضاً.
تعريف الخجل
يكمن مفهوم الخجل في كونه سِمة تُعبر عن انكفاء الأشخاص الذين يشعرون به عن التفاعل في الأوساط الاجتماعية لذا فيُعد درجة منخفضة من القلق الاجتماعي أو الرهاب الاجتماعي، كما يشير خجل الأشخاص في بعض الأحيان كذلك إلى قلة ثقتهم بأنفسهم وضآلة ما لديهم من مهاراتٍ اجتماعية وسلوكية حيال المواقف المختلفة التي قد يتعرضون لها أو يتطلب منهم الانغماس بها، وفي تعريف آخر؛ فيمكن القول أن مفهوم خجل يعني الخوف المدفوع بالأنا إلى حدٍ كبير مما سيُفكّر به أو يتصرفونه الآخرون حيال سلوكٍ ما، وعادةً ما ينتج عن هذا الخوف أو القلق أو الارتداع المؤطّر بشعور خجل؛ إعراض الأشخاص الخجولين عن الحضور في فعاليات اجتماعية، أو التفاعل مع الأوساط الاجتماعية عبر التحدث والتصرف بما يرغب ويريد هؤلاء الأشخاص الذين يعتريهم شعور خجل في هذه المواقف، وذلك تحسباً وتفادياً مما قد يُقابلون به من ردود فعل سلبية أو غير مريحة ومحببة بالنسبة لهم، كأن يُسخر منهم أو يتعرضون للانتقاد والرفض، ولذا فيختار هؤلاء الأشخاص تجنّب هذه المواقف مما يُعزز سِمة الحجل ويُبقي عليها لديهم.
أبرز اسباب الخجل
تتعدد أسباب خجل الأشخاص وتختلف من شخصٍ لآخر أيضاً بحسب طبيعة الشخص وسماته أو صفاته الشخصية الأصيلة والمُكتسبة، وإجمالاً؛ فعادةً ما تتجلى اسباب الخجل بإحدى الأسباب التي التالية:
- التنشئة وطريقة التربية في حال نشأ الشخص في عائلة منكفئة على نفسها أو تقمع وتمنع الطفل من التعبير عن شعوره وآرائه
- البيئة المحيطة في حال كان الشخص يعيش في بيئةٍ رافضة لأفكاره أو مشاعره أو بيئة تقابل تفاعلات الشخص ومشاعره وسلوكياته بالرفض أو السُخرية أو الانتقاد الذي يفر منه الشخص ويتجنبه بالخجل
- نقص المهارات الاجتماعية وانخفاض القدرة على التفاعل مع المحيط الاجتماعي نتيجةً ربما لنقص التجارب والاندماج الاجتماعي بشكلٍ جيد
- الصفات الأساسية التي تدفع الأشخاص نحو تفادي احتمالية الانتقاد او السخرية أو الرفض وعدم التمكّن من مجاراتها، أو ردّها على أصحابها، أو التفاعل والتعامل معها بما يناسبها من مشاعر أو سلوكيات ملائمة
- الحساسية المُفرطة من الناحية النفسية والجسدية أو السلوكية التي قد تنأى بالأشخاص عن التفاعلات الاجتماعية عبر المشاعر أو السلوكيات
- مرافقة شخصيات مغايرة لما يناسب الأشخاص من سلوكيات ومشاعر وتصرفات ما من شأنه احتمالية تنامي شعور خجل لدى بعض الأشخاص في بعض الأحيان جرّاء ذلك
- الخوف من التعرّض للاحراج إزاء بعض المواقف أو السلوكيات
- احتمالية التعرض لمواقف سابقة شعر فيها الأشخاص الخجولين بحرج من قِبل الآخرين او بسبب بعض المواقف والسلوكيات
وبينما قد تضم قائمة اسباب الخجل أسباباً أخرى غير التي أوردناها هنا؛ فلعلّ التي ذكرناها هي الأكثر شيوعاً واحتمالاً للشعور بالخجل لدى بعض الأشخاص بشكلٍ عام.
أبرز أعراض الخجل
قد تبدو أعراض الخجل جليّة وواضحة على الأشخاص الذين تصيبهم هذه الحالة، وعلى النقيض من ذلك؛ فإنها قد لا تبدو أية اعراض خجل على الأشخاص الخجولين أو الذين يشعرون بخجل في بعض المواقف تِبعاً لتمكّنهم من السيطرة على أنفسهم في هذه الحالات، وإجمالاً؛ فإنها تنقسم أعراض الخجل بشكلٍ رئيسي إلى أعراضٍ جسدية وأخرى سلوكية، وفي ما يلي نُدرج بعضاً من أعراض الخجل الجسدية الأكثر شيوعاً جنباً إلى جنب مع بعضٍ من أعراض الخجل السلوكية أو النفسية الأبرز كذلك:
أعراض الخجل الجسدية
قد تبدو بعض أعراض الخجل الظاهرة على الهيئة الجسدية للشخص الخجول ومن أعراض الخجل الجسدية الأكثر شيوعاً ما يلي:
- احمرار أو اصفرار الوجه
- التعرق
- الدوخة
- الغثيان
- تسارع ضربات القلب
كما قد تظهر بعض أعراض الخجل النفسية والسلوكية على الأشخاص الذين يشعرون بالخجل ومن أعراض الخجل السلوكية والشعورية ما يلي:
- تفضيل الصمت
- الشعور بالانزعاج والإحراج في الأوساط الاجتماعية
- عدم القدرة على الاندماج والتفاعل مع الآخرين بكفاءة جيدة
- الرغبة في أن يصبح التفاعل الاجتماعي مع الآخرين أكثر سهولة
- قلة وتجنب الاتصال بالعين
- التردد في خوض تجارب جديدة
- تجنب بعض المواقف والأوساط الاجتماعية نتيجة للشعور بالخجل
- ظهور سلوك عصبي يشير إلى التوتر مثل اللعب في الشعر أو كثرة لمس الوجه أو فرك اليدين أو تحريك الأقدام نتيجة لشعور خجل وليس كتصرف عفوي أو عابر
- التمرن مراراً وتكراراً على طريقة التحدث أو التصرف قبل لقاء الآخرين
طُرق علاج الخجل وكيفية التخلص منه
تُعد البيئة المحيطة عاملاً أساسياً ومهماً للغاية في تكوّن خجل لدى بعض الأشخاص من عدمه خصوصاً في مرحلة التنشئة، وبالتالي؛ فإن تغيير البيئة أو كيفية التعامل معها أمراً لا بُد من أخذه بعين الاعتبار، كما تتجلى حلول مشكلة الخجل بالعديد من الطرق والكيفيات الأخرى أيضاً في حال عدم التمكّن من تغيير البيئة المحيطة للأشخاص الخجولين أو عدم القدرة على الانسلاخ منها والانتقال إلى بيئة هادئة ومُطمئنة وفعّال في ذات الوقت بما يُحفّز هؤلاء الأشخاص الخجولين وينمي مهاراتهم الاجتماعية ويؤهلهم للتخلص من الخجل بشكلٍ كفؤ وفاعل، وفيما يشيع في بعض الأحيان استخدام الأساليب النفسية والعقاقير الصيدلانية لعلاج خجل الأشخاص، فإن الطُرق العملية عادةً ما تُثبت نجاعتها ونجاحها بشكلٍ أكبر وأكثر تأثيراً بطريقةٍ مباشرة، ولعلّ من أبرز طرق علاج الخجل وكيفيات التخلص منه ما يلي:
- تحديد أسباب الخجل ودوافعه بشكلٍ دقيق، ومحاولة إدراك رد الفعل المناسب والأكثرملائمة أو الأفضل لمواجهة هذه الأسباب والتعامل معها وفقاً للطريقة المثالية والأسلم
- انظر من حولك للآخرين من الأشخاص غير الخجولين مثل الأهل والأصدقاء وحتى الغرباء، وحاول تعلّم طُرق تصرفهم وسلوكياتهم وكيفية خوضهم في الحوارات والأحاديث
- ضع في عقلك أن الآخرين هم أشخاصٌ طبيعيون مثلك مثلهم وأنكم سواسية وهم ليسوا أفضل منك وحاول أن تراهم بمظر البساطة أو أن تستحضر صورهم مع من هم أعلى قدراً منهم أو هيئاتهم الاجتماعية في حياتهم الطبيعية مثل الجلوس في المنزل بملابس البيت مثلاً!
- إجبار النفس على الشعور بالثقة، وهو الأمر الذي يبدأ بخلوات الشخص الذي يشعر بالخجل حينما يتصرف بخلوته وكأنه ليس خجولاً على الإطلاق وإنما يقطر ثقة بالنفس وعزيمة وحضوراً، ومن هذه التصرفات؛ رفع الرأس، وفتح الصدر، وإضافة شيءٍ من البخترة في المشي، والتكلم بصوتٍ عالٍ وواضحٍ وبأسلوبٍ حازمٍ ومتيقن، وبالتالي فإن تكرار هذه التصرفات مع النفس سينعكس بطبيعة الحال على أداء الأشخاص وسلوكياتهم أو تصرفاتهم في الأوساط الاجتماعية أو في العلن أو أمام الملأ
- اجعل نفسك مفعماً بالشعور بالإيجابية تجاه نفسك وشخصيتك، وحارب الاحباط وثق بأنك قوياً ومُهماً واستمتع بوقتك في الأوساط التي تُفضلها
- ممارسة الرياضة والتمارين والاندماج في الأعمال التعاونية والجماعية من الشريحة الاجتماعية التي تُمثّلك
- إبحث عن أفضل ما فيك وأدركه جيداً وركّز على نقاط قوتك دائماً وأنها وسيلة لتحسين ما قد يكون لديك من عيوب وإصلاحها بهذه الإيجابيات والأمور الحسنة والفُضلى وصولاً للاكتمال في النفس والشخصية وبالتالي الثقة في النفس إلى أعلى حد ومدى
- خفف مخاوفك حيال تصرفاتك وسلوكياتك عبر تصوّر أسوأ ما قد يحصل، ولا تُسهب في التفكير حول الرفض وعدم التلاقي بالآراء أو الأهواء مع الآخرين فالناس يختلفون في رؤاهم وأهوائهم وتفضيلاتهم بطبيعة الحال، وتذكّر دائماً أنك تهدف لإيجاد من يناسبوك ويلائمون رؤاك من الآخرين أو إيجاد من تنسجم معهم وينسجمون معك من الأشخاص والآخرين
- محاولة تصنّع انفعالات الثقة في التعامل مع الآخرين مثل التواصل النظري بالعين والتبسّم عند لقاء أو مقابلة الآخرين
- البدء بتطبيق المهارات الاجتماعية وتمارين الثقة بالنفس شيئاً فشيئاً أمام الناس وعدم حفظها لممارستها في الخلوات أو استعراضها أمام النفس إنما إظهارها للعلن في الأوساط الاجتماعية شيئاً فشيئاً
- الخوض في حوارات عفوية مثل الحديث عن الطقس أو قضايا الساعة مع الأشخاص وخصوصاً العابرين منهم وتذكّر أنك ربما لن تلتقي بهؤلاء الأشخاص مرة أخرى، من ثم تصعيد الأمر للخوض في هذه الحوارات وما هو أعمق وأهم منهم مع الأشخاص الأكثر قرباً وصولاً إلى التحدث والتصرف بثقةٍ ودون الشعور بخجل في مختلف الأوساط الاجتماعية التي قد تكون حاضراً فيها
- تذكّر دائماً أن تحافظ على الحياء العام والشخصي بدلاً من الخجل، وبذلك فإنك تضمن البقاء في المسار السليم بعيداً عن الأخطاء
بهذا نكون قد قدّمنا لك في هذا المقال؛ معلومات وافية ومتكاملة عن موضوع خجل الأشخاص، وذلك بما يتضمن تعريف الخجل وتوضيح ماهو الخجل، جنباً إلى جنب مع تبيين أبرز وأهم اسباب الخجل، وكذلك الإشارة إلى الشائع من أعراض الخجل أيضاً، ضِف إلى ذلك إيراد باقةٍ من طُرق علاج الخجل وكيفيات التخلص منه أيضاً.
إذا كنت ترغب بالحصول على المزيد من المعلومات، وقراءة العديد من المقالات الأخرى المهمّة والشيّقة؛ فإننا ندعوك لتفقّد مدوّنة بيّوت السعودية والبقاء على اطّلاعٍ بكُلِ جديدٍ أولاً بأول.