بيوت الطين في نجران ليست مجرد بيوت وحسب، إنما هي أحد الشواهد على التاريخ العريق الذي يروي حكايات الحضارات القديمة التي عبرت المنطقة عبر العصور المتعاقبة. فما هي قصة البيوت الطينية في نجران؟ وكيف تم بناؤها؟ لمعرفة كل ذلك وأكثر تابع قراءة هذا المقال.
بيوت الطين في نجران : شواهد الحضارات القديمة
تعتبر البيوت والقصور الطينية في نجران رمزًا تراثيًا يعكس ثقافة المنطقة وتاريخها العريق. حيث تتميز بتصاميمها المعمارية المميزة وزخارفها الفريدة، والتي تجسد مهارة وإبداع الإنسان في البناء خلال الحضارات القديمة. تقع غالبية هذه البيوت والقصور على ضفة وادي نجران الشمالية والجنوبية، حيث ما زالت هذه المناطق شاهدات على عراقة هذه المباني.

مناطق البيوت والقصور الطينية في نجران
تتواجد البيوت والقصور الطينية في عدة مناطق وقرى في نجران، لا سيما التي تقع على ضفة وادي نجران الشمالية والجنوبية. ومن أبرز القرى التي تضم هذه البيوت والقصور، في الضفة الشمالية هي: قرية آل منجم، الحامية، العواكل، آل جعفر، طعزة. وفي الضفة الجنوبية، قرية الصفا، سلوى، الحضن، زور وداعة والعمارى.
كيف يتم بناء بيوت الطين؟
تم بناء هذه البيوت والقصور باستخدام المواد الطبيعية المتوفرة في البيئات المحلية. حيث اُستخدم في بنائها الطين، وجذوع النخيل، وأخشاب الأثل، والسدر. حيث تم استخدام الطين في بناء الجدران، في حين اُستخدمت الأخشاب في إنشاء الأسقف والدعائم. تعتبر بيوت وقصور الطين في نجران جزءًا لا يتجزأ من الهوية الثقافية للمنطقة، ونموذجًا حيًا لتكيف الإنسان مع البيئة واستخدام الموارد المتاحة بطرق إبداعية.
أنماط بيوت الطين في نجران
تتنوع أنماط بيوت وقصور الطين في نجران، حيث تتكون القصور الطينية من سبعة أدوار إلى تسعة أدوار غالبًا. ومن أبرز أنماط المباني الطينية ما يلي:
- مبنى الدرب، حيث يتكون من سبعة طوابق إلى تسعة، وينتهي في غرفة تسمى الخارجة تتواجد في أعلى الدرب.
- المشولق وهو مبنى يتكون من طابقين إلى ثلاثة طوابق، وتطل جميع غرفه على المدخل الرئيسي.
- المربع والقصبة، حيث يُبنان بشكل دائري، وتكون القاعدة أكبر وتضيق الدائرة كلما ارتفع البناء للأعلى.
- مبنى المقدم، يتكون من ثلاثة طوابق وحوش، ويستخدم طابقه الأرضي كمجلس وغرف تخزين.
أبواب بيوت الطين في نجران
أما أبواب البيوت الطينية النجرانية فهي فن بحد ذاته، حيث تعكس هذه الأبواب فن العمارة التقليدية للمنطقة وتبرز مهارة الحرفيين المحليين. تتم صناعة هذه الأبواب من خشب السدر، أو الأثل. وتتكون من قطعتين أو ثلاثة قطع تُعرف بأسماء الشبح والمضلع. كما تتنوع الزخارف المحفورة على هذه الأبواب والتي بدورها تعكس الحالة المادية لصاحب المنزل.
ترميم بيوت الطين في نجران
في سبيل المحافظة على هوية نجران الثقافية، ولمكانة هذه البيوت عند أهالي المنطقة، يحرص السكان على ترميمها والاهتمام بها للحفاظ عليها وعلى تراثها. وتمر عملية الترميم بعدة مراحل، حيث يتم وضع الأساس المسمى بالوثر وهو الحجارة والطين، ثم يوضع المدماك الأول والثاني، وهكذا إلى حين إتمام البناء، ثم تأتي عملية الصماخ وهو لياسة السقف وتغطيته من الأسفل بالطين، في حين ترميم الأسقف من جذوع وسعف النخيل وأشجار الأثل والسدر.
مزايا العمارة التقليدية في نجران

تتميز العمارة التقليدية في منطقة نجران والتي تتمثل في البيوت الطينية والقصور وغيرهما بكونها تعكس تكيف الإنسان مع بيئته المحلية والاحتياجات الاجتماعية. ومن أبرز هذه المزايا ما يلي:
- استخدام المواد المحلية، حيث تعتمد العمارة التقليدية على المواد المتوفرة مثل الطين والحجر والأخشاب.
- تتميز المباني باستخدام الزخارف والنقوش الهندسية المستوحاة من التراث المحلي والتي تبرز جمالها.
- تساهم الجدران الطينية السمكية في توفير عزل حراري طبيعي، يحافظ على برودتها في الصيف والدفء في الشتاء.
التراث العمراني في نجران : وجهة سياحية اليوم !
يعتبر التراث العمراني في منطقة نجران من الوجهات السياحية البارزة، والتي تجذب الزوار من داخل المملكة وخارجها، للاستمتاع بالمعالم التاريخية والثقافية الفريدة، حيث تتميز نجران بالبيوت والقصور الطينية التي تعكس الهوية العمرانية الأصيلة. ومن أبرز القصور التي أصبحت من المعالم السياحية في نجران ما يلي:
قصر الإمارة التاريخي
يعد قصر الإمارة من أبرز وأشهر المباني التقليدية في منطقة نجران، حيث يجسد الطراز المعماري العريق الذي تتميز به المنطقة. تم بناء القصر في عام 1943م باستخدام المواد المحلية مثل الطين والأخشاب، ليعكس أصالة العمارة النجرانية. في ذلك الوقت، كان القصر يلعب دورًا محوريًا كمقر لإمارة المنطقة، بالإضافة إلى احتضانه المحكمة الشرعية وإدارة الشرطة، مما جعله مركزًا إداريًا مهمًا لتنظيم شؤون المنطقة. واليوم، يعد القصر معلمًا تاريخيًا بارزًا يجذب الزوار والمهتمين بالتراث العمراني السعودي.
قصر آل منجم
يقع قصر آل منجم في قرية آل منجم، وتم بناؤه في عام 1688م، ويعد من المعالم التاريخية التي تروي تراث المنطقة. تم بناؤه في عام 1688م باستخدام الطين والأخشاب، ليكون شاهدًا على فنون العمارة التقليدية في ذلك العصر. كان القصر يُستخدم كمقر للإدارة المحلية ومركز اجتماعي يجمع الأهالي في المناسبات المهمة. نظرًا لأهميته التاريخية، خضع القصر لعملية ترميم شاملة في عام 2016م بهدف المحافظة على طابعه المعماري المميز وإعادة إحيائه ليظل رمزًا للهوية التراثية. اليوم، يُعد القصر وجهة سياحية وثقافية بارزة، حيث يستقطب الزوار والباحثين في مجال التاريخ والتراث العمراني.
في الختام، تعتبر البيوت والقصور الطينية في نجران، أحد الشواهد على تاريخ وثقافة المنطقة. وتتميز هذه البيوت والقصور بطابعها العمراني الفريد والذي يتكون في الغالب من الطين والحجارة ومزين ببعض النقوش والزخارف. كما تعد في هذا الوقت من المعالم السياحية البارزة في المنطقة والتي تجذب الزوار من داخل وخارج السعودية لزيارتها.
في سياق الحديث عن البيوت الطينية في نجران تعرف على أبرز المعالم السياحية في نجران. تحدثنا خلال هذا المقال عن بيوت الطين في نجران وأبرز أنماطها وطرق بنائها. لقراءة المزيد من المقالات المنوعة قم بزيارتنا عبر مدونة بيوت السعودية