يكمن تعريف المقالات الكتابية أو الإنشائية بكونها فناً كتابياً ينثرياً يُقدّم فكرةً أو تحليلاً أو تصوراً أو ما نحو ذلك حيال قضية أو موضوعٍ معيّن ومحدّد بسياقاتٍ مترابطة ومنسجمة دون أن يخرج عنها، وفي حين لا يُمكن تقييد مقال بحجم معيّن أو عدد أسطر محدّد؛ فإنها تراوح المقالة في حجمها بين الخاطرة القصيرة والكتاب القصير، فبغض النظر عن حجمها وطولها أو قصرها؛ فإنه ما إن أدت كتابة مقال غايتها بتقديم ما يسعى كاتبها لتقديمه من أفكار ومعلومات وتحليلات بلغةٍ سليمة وبناءٍ قويم وترابط متينٍ وتسلسلٍ واضحٍ ومنطقي؛ فإن ذلك ما يوافق ويوافي أحكام المقال بدقةٍ وإتقان.
في هذا المقال نسرد أهم المعلومات والتفاصيل عن المقال كقالب كتابي مهم ومتميّز، ونوضح كيفية كتابة مقال عبر تبيان عناصر بناء المقال لنساعدك بذلك كيف تكتب مقالات احترافية في حال كان لديك الشغف والموهبة اللازمة للأمر.
تسميات قالب المقال الكتابي ومعانيها
إسهاباً في تعريف المقالات؛ فبينما كان العرب أول روّاد كتابة المقال عبر التاريخ في العالم؛ فلقد أسموا هذا النوع والفن الكتابي بأسماءٍ مختلفة بما يُعبّر عنه ويوسمه بصفته، ولعلّ أبرز هذه التسميات؛ المقال، والمقالة، وصيد الخاطر، والفصل، وفيض الخاطر، وإن أمعنّا التفكير في كلٍ منهما؛ فإننا نجدها توازي ما ينبغي أن يكون عليه المقال من بلاغةٍ وإتقان؛ إذ تومئ تسمية “المقالة” أو “المقال” بمجيئ هذا القالب من وحي الحديث والقول، بينما تُعبّر تسمية صيد الخاطر عن تلخيص ما يجول في البال من أفكار خشيةً عليها من الضياع والانصراف، فيما تشير تسمية فيض الخاطر إلى ما غزارة الفكرة وإلحاحها على عدم البقاء عالقة في البال دون تدوين وكتابةٍ لها، ومن ناحيتها؛ فتعني تسمية الفصل ما يفصل من حديث أو قولٍ في مسألة أو أمرٍ معيّن بحيث يبيّن حيثياته ويخوض فيه بإمعانٍ وعُمقٍ وتحليل.
أنواع المقال الكتابي
حلّ المقال كقالبٍ كتابي وفني وأدبي في أرجاء متعددة من العالم انطلاقاً من موطنه الأول العربي، كما حاز أنواعاً متنوعة ومختلفة من حيث صنوف المواضيع، وتطوّرت أساليبه وطرق صياغته واستخداماته على مر السنوات والعصور، كما تطوّرت الأدوات أو المتطلبات اللازمة من أجل كتابة مقال، ذلك دون التغيير في بنيته وصولاً إلى وقتنا الحالي، وبشكلٍ أساسي؛ فتنقسم أنواع المقالات إلى نوعين رئيسيين هما مقالة ذاتية، ومقاله علميه أو موضوعية، وهو النوع الذي يُعرف أيضاً باسم مقال صحفي، وفي حين تُعبّر المقالة الذاتية عمّا يجول في خاطر الكاتب من آراء وتوجهات وتحليلات شخصية، فإن المقال العلمي أو الموضوعي أو الصحفي هو ما يستند إلى الحقائق والوقائع والمعلومات السليمة مع بعضٍ من حليات الأفكار بما من شأنه تجميل النص دون الخروج عن مبادئ الحياد والنزاهة والشفافية في تقديم البيانات والمعلومات ودون تدخّل للرأي الشخصي للكاتب بشكلٍ مباشر في النص.
أصناف المقال الكتابي
في السياق ذاته، فتتفرع العديد من تصنيفات الموضوعات للمقال عن نوعيّ المقال الأساسي اللذان يعرفان بالذاتي، والموضوعي أو الصحفي، وذلك بما يشمل ما نستعرضه تالياً من أبرز أصناف موضوعات المقالات الكتابية سواءً المقالة الذاتية من ناحية، والمقالة العلمية أو الموضوعية أو الصحفية من ناحية أخرى، وذلك مع الإشارة إلى أن قالب المقال الكتابي يتصف بكونه فضفاضاً ليشمل ما سوى ذلك من التصنفيات التي نوردها تالياً إلا أننا نذكر أبرزها وأشهرها:
- المقال الاجتماعي
- المقال السياسي
- المقال الديني
- المقال التأملي
- المقال التاريخي
- المقال الأدبي
- المقال العلمي
- المقال الفكري
- المقال الفني
- المقال الاقتصادي
- المقال التسويقي
طريقة كتابة المقال
إذا كنت تتسائل كيف اكتب مقال احترافي أو كيف اكتب مقالة متقنة وخالية من الأخطاء من حيث البناء والمضمون؛ فإنه ينبغي لك في المقام الأول التأكد من موهبتك ومهارتك اللغوية، ورفد ذهنك على الدوام بما يغذيه من مصادر معرفية ولغوية على حدٍ سواء، بما في ذلك القراءة والمشاهدة الإيجابية المثمرة في هذا الإطار، والاستماع والإنصات إلى منابع المعرفة واللغة في الحقل الذي ترغب بكتابة مقال عن أحد موضوعاته وفروعه، ضِف إلى ذلك استحسان انخراطك في المجتمع بما يُلبي ثراء معرفتك ومعجمك اللغوي أيضاً، والدُربة على قواعد النحو في اللغة وسلامة تراكيبها التي تختارها وتكتبها كذلك.
وأما الشق الآخر من كيفية كتابة مقال؛ فهو ما يتبدّى بضرورة اتباع عناصر بناء المقال والحرص على تضمينها في مقالك بطريقة سليمة ومتسقة وسلسلة، وفي حين أن الشائع من عناصر بناء المقال: كلاً من المقدّمة، والعرض أو المتن، والخاتمة فقط؛ فإن عناصر بناء المقال تتضمن ما سوى ذلك وما هذه المُسبقة إلا عنصراً يسيراً من العناصر التي يتعين عليك اتباعها والسير بناءً عليها وإن كانت ما ذكرناها آنفين تُعبر عن الشكل العام لهيئة المقال.
لذا؛ فإننا نسرد تالياً تفصيلاً وافياً وموجزاً عن عناصر بناء المقال الكتابي بما من شأنه أن يساعدك بفاعلية كفؤة وعالية في كيف تكتب مقالات ممتازة وبجودة متقنة من حيث البناء:
عناصر بناء المقال
لقد غدى بالمقدور في وقتنا الحالي الحصول على نموذج مقال أو مقال جاهز بسهولة عن الموضوعات التي تبحث عنها أو تتسائل كيف اكتب مقال من أجل كتابتها، إلا أنها أي مقال جاهز لن يكون قادراً على التعبير عن أفكارك وآرائك ولن يحمل توقيعك كما لو تكتبه أنت، وفي ما يتعلق بالحصول على نموذج مقال وبناء مقال آخر اعتماداً عليه؛ فإن ذلك ممكناً إلا أنه عليك أن تضع في الحسبان أن نماذج وهيئات المقالات قد تختلف تِبعاً لمحتواها وسياقها، مما يمنحك حرية وبراعة أكبر في حال درايتك بالعناصر اللازمة لبناء المقال والسير وفقها في بنائك لمقالك الذي تكتبه بنفسك، وفي ما يلي نستعرض هذه العناصر بوضوحٍ وافٍ وموجز:
خطة المقال: وهي تتضمن مقدمة مقال توطئ وتُمهد للخوض في الموضوع وتفاصيله، وعرضٍ أو متن للمقال بما يشتمل على التفاصيل والمعلومات والآراء وما سوى ذلك من المحتوى، وخاتمةٍ تلخص ما سبق من حديث وتفاصيل وتخرج بمجملٍ للقول بما يُقدم المغزى أو الفائدة المرجوة من المقال
مادة المقال: وهي ما تقوم عليه المقالة من معلومات، وأفكار، وحقائق، وبيانات، وآراء، وتوجهات فكرية، ونظريات، وتأملات، وتحليلات، سواءً اجتمعت كلها أو نحوها أو ما ينقص أو يزيد عنها من عناصر المادة في النص، وذلك مع الإشارة إلى ضرورة وضوح وصحة وجاذبية وسلامة المادة أو نص المقال
أسلوب المقال: على الرغم من اختلاف أساليب كتابة المقالات باختلاف كُتّابها وموضوعاتها وأماكن عرضها وتقديمها؛ فإنه لا بُد من حدٍ أدنى من الأسلوب الجامع لصياغة فن المقال الكتابي بحيث تجتمع البلاغة والجزالة اللغوية، والسلامة التعبيرية، والصور الفنية، والسلاسة السردية في إطار واحدٍ وجامعٍ يتمثّل في الأسلوب الفني لكتابة المقال، ناهيك عن أهمية الوضوح والدقة في الأسلوب بقصد الإفهام، والقوة في السرد واللغة والبلاغة والتعابير بقصد التأثير، والجمال في المفردات والتراكيب والسياق والحديث بقصد الإمتاع والجذب والسرور.
بهذا نكون قدّ قدّمنا لك في هذا المقال معلومات وافية وشاملة عن المقال الكتابي بما يتضمن تعريف المقال، وتسمياته، وأنواعه، جنباً إلى جنب مع توضيح طريقة كتابة مقال وأهم ما ينبغي مراعاته من معايير لإنتاج مقال مُتقنٍ واحترافي.
إذا كنت ترغب بالحصول على المزيد من المعلومات وقراءة العديد من المقالات المُهمّة والشيّقة؛ فإننا ندعوك لتفقّد مدوّنة بيّوت السعودية والبقاء على اطّلاعٍ بكُلِ جديدٍ أولاً بأول.