لطالما حظيت الرماية بمكانة مهمّة وموقّرة في تراث وثقافة العرب والمسلمين، ويؤكد ذلك العديد من الوثائق والأحداث التاريخية التي يبرز من بينها حث -رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم- على الرمي، وعلى تعليم الأطفال الرماية إلى جانب السباحة وركوب الخيل أيضاً، وفي حين تهب الرماية أصحابها العديد من الفوائد والمهارات والإيجابيات الاجتماعية والحياتية، وانطلاقاً من القيمة العالية للرماية في الثقافة العربية والإسلامية؛ فلقد جاء الاتحاد السعودي للسهام ليرسخ هذه القيمة ويُعزز هذه المكانة عبر الاهتمام برياضة الرماية وجعلها عنصراً أساسياً ومكوّناً رئيسياً في المشهد الرياضي السعودي والعربي والإسلامي.
في هذا المقال، نعرّف عن رياضة الرماية بشكلٍ عام، ونُعرّف ما هي رياضة القوس والسهم بشكلٍ خاص، وهي التي انبثقت من الرماية، إلى جانب استعراض بعضاً من أبرز هيئات ومسابقات القوس والسهم في السعودية.
رياضة الرماية
تعني الرماية؛ التصويب على أهداف معينة ومحاولة إصابتها بقوة، ويُساق هذا المعنى على الرمي بالأسلحة البدائية مثل الرماح أو السهام، والرمي بالأسلحة الحديثة مثل المسدسات والبنادق وغيرها، ولقد نشأة الرماية في أصلها كوسيلة للصيد، من ثم أضيف إلى الغاية منها أنها أصبحت أيضاً وسيلة للدفاع عن النفس والإغارة على الأعداء، كما أنها كانت وما زالت بمثابة مهارة ورياضة لتقوية الجسم وتعزيز الدقة للرامي، ومع التطور العالمي وظهور الأسلحة الحديثة والرشاشة، أصبح مفهوم الرماية مقتصراً إلى حدٍ كبيرٍ على الرماية بواسطة القوس والسهم أو الرمح، وغدت الغاية الأساسية من الرماية هي الرياضة مع استخدامها للصيد بشكلٍ طفيف نسبياً.
مسابقة القوس والسهم
تُعد رياضة القوس والسهم إحدى أقدم الرياضيات في التاريخ البشري، وفيما تزال هذه الرياضة ممارسةً حتى يومنا هذا؛ فإنها ترتبط بشكلٍ وثيق بتطور الحضارات، وتضاهي في أهميتها الثقافية اكتشاف النار والعجلة تِبعاً لآراء الباحثين والمؤرخين.
ويُعتقد أن ظهور هذه رياضة القوس والسهم؛ كان على أيدي الفراعنة المصريين أولاً خلال فترة حكم الأسرة الـ 18 (1567 – 1320 ق.م)، إذ اكانت الرياضة المفضّلة لهم، كما يُذكر استخدام الحيثيون والآشوريون للعربات؛ من أجل إطلاق سهامهم في الفترة التي تقارب العام 1200 ق.م؛ الأمر الذي جعلهم خصومًا مهيبين في ساحات المعركة، وذلك مع الإشارة إلى أنهم كانوا أول من صنعوا العجلة والعربة في بلاد الرافدين وما حولها المعركة، وأنهم كانوا يصنعون أقواسهم من الأوتار، والقرون، والأخشاب، كما طوّرُوا شكلاً جديدًا للأقواس بهيئة معاكسة، جعلت أقواسهم أقصر وأكثر قوةً، مما سهّل استخدامها على الرامي عن صهوة الحصان.
ومع انتشار استخدام القوس والسهم عبر أقطار العالم بعد ذلك بقرون من السنوات؛ نُظّمت بعض أقدم بطولات الرماية بالسهام الموثقة خلال فترة حكم عائلة تشو (1046 – 256 ق.م) في الصين، وكانت موجهة للعرض أمام طبقةُ النبلاء من الصينيين، ومع تعاقب السنوات وازدياد انتشار حرفة القوس والسهم؛ احتفى الكُتاب الإنجليز بالقوس الطويل نَظيرَ إسهاماته الشهيرة في انتصارات بلادهم في معارك مختلفة، ولقد امتد استخدام القوس والسهم للرياضة، والمبارزة أو المنافسة، والصيد، والمعارك، لسنواتٍ طوال بعد ذلك وفي حضاراتٍ مختلفة ومتعددة.
وكان للقوس والسهم دوراً بارزاً في الحضارة العربية الإسلامية أيضاً، إذ اهتم العرب والمسلمون بهذه الحرفة والأدوات ومهاراتها أيّما اهتمامٍ، حتى غدى القوس والسهم العربي من أفضل السهام والأقواس، وأضحى العرب من أفضل الرماة في العالم كما كانوا على مر التاريخ وحتى من قبل الفراعنة والآشوريين، إذ يذكر الحديث الشريف عن -رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم- “ارْمُوا بَنِي إسْمَاعِيلَ، فإنَّ أَبَاكُمْ كانَ رَامِياً”.
هيئات رياضة القوس والسهم في السعودية
يُعد الاتحاد السعودي للسهام بمثابة المظلة الكُبرى والجامعة لكل الأنشطة المتعلقة برياضة القوس والسهم في المملكة، ويرتبط اتحاد القوس والسهم السعودي بعضوية في الاتحاد الدولي للسهام ويُشكّل جزءً منها، وفي ما يلي نسرد بعضاً من أهم المعلومات عن الاتحاد السعودي للسهام وما ينضوي تحت مظلته من نوادي لرمي السهام في السعودية:
الاتحاد السعودي للسهام
انفرد الاتحاد السعودي للسهام بكيانه المستقل في العام 2013 بعد أن كان سابقا جزءا من الاتحاد العربي للرماية والسهام، وتزامنا مع توجهات المملكة العربية السعودية ورؤيتها ٢٠٣٠ التي تسعى لبناء مجتمع ينعم أفراده بنمط حياة صحي، وتشجع الرياضات بمختلف أنواعها من أجل تحقيق تميز رياضي على الصعيد المحلي والإقليمي والعالمي والوصول إلى مراتب متقدمة؛ انطلق الاتحاد السعودي للسهام ليرسخ رؤيته وتوجهاته التي تتسق مع رؤية المملكة ٢٠٣٠ وطموحات الاتحاد ويساهم في ازدهار القطاع الرياضي، وفيما يُسمي البعض الاتحاد السعودي للسهام بتسمية نادي رمي السهام السعودي؛ فالحقيقة أن الاتحاد بحد ذاته ليس نادياً، بل إنه يضم مجموعة كبيرة من النوادي الرياضية التي توفر لمنتسبيها فرصة احتراف الرماية، وذلك إلى جانب ثُلة من الأكاديميات والمراكز التي تتيح لأفرادها التدرب على الرماية وتساعدهم على ذلك في السعودية، وفي ما يلي نستعرض بعضاً من أبرز نوادي اومراكز وأكاديميات الرماية في المملكة:
أبرز أندية الرماية والسهام في السعودية
- نادي النصر
- نادي الأهلي
- نادي الاتحاد
- نادي الاتفاق
- نادي التعاون
- نادي الهلال
- نادي الرياض
- نادي الشباب
- نادي الفتح
- نادي الوحدة
أبرز مراكز وأكاديميات الرماية والسهام في السعودية
- ملاعب نادي الأعضاء بجامعة الأميرة نورة بنت عبدالرحمن في الرياض
- الساحة الخارجية بالصالة الخضراء في الدمام والمنطقة الشرقية
- الساحة الخارجية ملاعب مدينة الملك عبدالله الرياضية الجوهرة في جدة
- أكاديمية الرماية بالسهام في جدة
- مدرسة صلاح الدين في منطقة عسير
- نادي الرائد في القصيم
- أكاديمية مهرة في جدة
- مدارس الرواد في الرياض
- أكاديمية بناء الانسان في مكة المكرمة
- مدارس الرياض في العاصمة
- المدرسة الاسبانية في جدة
أبرز بطولات مسابقة القوس والسهم
ظهرت رياضة الرماية بالسهام للمرة الأولى في الألعاب الأولمبية العالمية في العام 1900، وبعد انقطاع ضمها في الألعاب الأولمبية لمدة 52 عاماً بدءً من العام 1920، عادت مسابقة القوس والسهم ضمن مسابقات لتندرج ضمن مسابقات الألعاب الأولمبية منذ العام 1975 حتى يومنا هذا، وتوجد في الوقت الحالي خمسة أحداث ضمن برنامج الرماية بالسهام أو مسابقة القوس والسهم في كل دورة ألعاب أولمبية وهما عبارة عن حدثين فرديين للرجال والسيدات، وحدثين للفرق، وحدث للفرق المختلطة.
أما في ما يخص بطولات مسابقة القوس والسهم التي ينظمها الاتحاد السعودي للسهام والرماية؛ فهي تتمثل بالتالية:
- بطولة المنطقة الغربية والجنوبية جميع الفئات (رجال)
- بطولة المنطقة الوسطى والشرقية جميع الفئات (رجال)
- بطولة كأس الاتحاد للسيدات جميع الفئات (المفتوحة)
- ومن الجدير بالذكر؛ إيراد بطولات مسابقة القوس والسهم التي شارك فيها الاتحاد السعودي للسهام وفاز فيها، وهي التالية:
- بطولة الجائزة الكبرى الآسيوية في مصر (2003)
- دورة الألعاب العربية في مصر (2007)
- البطولة العربية السادسة للسهام في قطر (2008)
- البطولة العربية السابعة للسهام في الرياض (2009)
- البطولة العربية الثامنة للقوس والسهم في ليبيا (2010)
- دورة الألعاب العربية في الدوحة (2011)
- بطولة العالم للصالات المغلقة في سنغافورة (2012)
- بطولة افريقيا الدولية المفتوحة (2014)
- بطولة ماليزيا المفتوحة (2015)
- بطولة ماليزيا للصالات (2015)
- بطولة آسيا المفتوحة في تايوان (2015)
- بطولة الخليج للسهام في الكويت (2015)
- البطولة العربية العاشرة للسهام في المغرب (2016)
- بطولة الشيخ فزاع الدولية للصالات في دبي (2016)
- البطولة الدولية المفتوحة في هولندا (2017)
- بطولة التضامن الإسلامي في بنغلادش (2017)
- بطولة التضامن الإسلامي في بنغلادش (2018)
- دورة الألعاب الخامسة للأندية العربية للسيدات في الشارقة (2020)
أنواع وقواعد رياضة القوس والسهم
ترتبط رياضة القوس والسهم بضوابط وقواعد متعددة تختلف باختلاف نوع القوس والسهم المستخدم في الرياضة، وتشمل أنواع الرماية بالسهام المتبعة في الألعاب الأولمبية؛ كُلاً من الرماية بالسهام في الهواء الطلق، والرماية بالسهام داخل الأماكن المغلقة، والرماية بالسهام لذوي الاحتياجات الخاصة، وغيرها من الأنواع الأخرى.
فيما تستخدم الرماية بالسهام في الألعاب الأولمبية؛ أقواس معاكسة، يطلق الرياضيون سهامهم باتجاه أهداف تبعد عنهم 70 متراً، حيث يتواجه المتنافسين للفوز بنقاط المجموعة (نقطتان للفوز بمجموعة أو نقطة واحدة لمعادلة المجموعة)، ويفوز أول من يحقق 6 نقاط مجموعة بالمباراة، كما تستخدم أنواعاً أخرى من الأقواس؛ كالقوس المركّب، والقوس المكشوف، وغيرها أيضاً.
وتجدر الإشارة في هذا السياق؛ إلى أنه في حين تختلف أسعار الأقواس والسهام تِبعاً لأنواعها المختلفة والتمايز في ما بينها؛ فإنه يبلغ سعر القوس والسهم بالمتوسط نحو 500 ريال سعودي تقريباً.
بهذا نكون قد قدّمنا لك في هذا المقال؛ أهم معلومات وافيةٍ ومتكاملةٍ عن رياضة القوس والسهم، وعن الاتحاد السعودي للسهام والرماية، وذلك بما يشمل كُلاً من التعريف عن رياضة الرماية، جنباً إلى جنب مع التعريف عن مسابقة القوس والسهم، كما استعرضنا أبرز هيئات رياضة القوس والسهم في السعودية وفي مقدمتها الاتحاد السعودي للسهام، وما ينضوي تحت مظلته من أندية ومراكز وأكاديميات للرماية والسهام، وكذلك فقد بيّنا أبرز بطولات مسابقة القوس والسهم في السعودية والعالم، وأوضحنا أنواع وقواعد رياضة القوس والسهم، كما أشرنا إلى سعر القوس والسهم أيضاً.
إذا كنت ترغب بالحصول على المزيد من المعلومات، وقراءة العديد من المقالات الأخرى المهمّة والشيّقة؛ فإننا ندعوك لتفقّد مدوّنة بيّوت السعودية والبقاء على اطّلاعٍ بكُلِ جديدٍ أولاً بأول.