لا شك أننا نمر خلال حياتنا اليومية المتسارعة ومتلاحقة المسؤوليات والأحداث؛ بحالاتٍ من القلق والتوتر في بعض الأحيان، الأمر الذي يُعد طبيعياً ومتوقعّاً إزاء ما قد يواجهنا ونتعرض إليه من مواقف وضغوطات، فيما إذا استمر الأمر بوتيرة ثابتةٍ بل ومتزايدة أحياناً؛ فإن ذلك ما يشير إلى الإصابة بأحد اضطرابات القلق التي قد يصعب التحكم فيها وقد تظهر في العديد من المواقف اليومية وتصبح جزءً من سلوك الأشخاص، مما يستدعي مراقبة أعراضها في هذه الحالة، ووضع حدٍ لها عبر اتباع علاج القلق الملائم للاضطراب أو الحالة.
في هذا المقال؛ نوضح تعريف القلق جنباً إلى جنبٍ مع استعراض أبرز وأهم اعراض القلق وأنواعه، كما نقابل ذلك بالإشارة إلى أجدى طرق علاج القلق وأفضلها فاعلية بحسب نوع الاضطراب والحالة أيضاً، وذلك بإيجازٍ وافٍ لكُلٍ من هذه المحاور.
تعريف القلق
يُعرّف اضطراب القلق على أنه شعور بالتوتر والتردد وعدم الارتياح، مصحوباً بشيءٍ من الخوف، مما ينعكس على السلوك العام للأشخاص المتأثرين أو المصابين به، وعادةً ما ينجم القلق عن الضغوطات الحياتية، أو الحالة النفسية والمزاجية، أو الأعراض الصحية الجسدية، أو الخريطة الجينية أو المواقف الاجتماعية، أو الاضطرابات العقلية، أو استخدام بعض الأدوية والأعراض الانسحابية لها، أو الإدمان على الكحول وتعاطي المخدرات، أو التفكير الزائد والفائض عن اللازم، أو غير ذلك من الأسباب الأخرى الممكنة.
وقد يتبدّى القلق بكونه حالة مؤقتة أو صفة ملازمة، وبكلتا الحالتين فيُمكن التخلص من هذه الحالة أو الصفة بالطرق العلاجية والسلوكية الملائمة، وفيما قد يدفع القلق الأشخاص للمواجهة والتعامل مع المواقف الصعبة في بعض الأحيان؛ فإنه قد ينأى بالأشخاص عن ذلك في أحيانٍ أخرى، لذا فمن الضروري الالتفات إلى أعراضه واتباع طرق علاج القلق والخوف والتفكير الفاعلة وفقاً للحالة التي يواجهها المصابون كُلاً على حدة.
أبرز اعراض القلق
تتمثل أبرز أعراض القلق النفسي بنوعين من العلامات أو الإشارات إحداها أعراضاً نفسية أو سلوكية، والأخرى هي اعراض القلق والاكتئاب الجسديه، وفي ما يلي نستعرض بشكلٍ إجمالي أهم هذه الأعراض والمؤشرات أو العلامات:
- العصبية والتوتر
- الشعور بالذعر أو الخطر الوشيك
- ازدياد معدّل نبضات القلب
- التعرّق
- فرط التهوية أو ازدياد معدّل التنفس
- الارتجاف والارتباك والتوهان
- الشعور بالضعف أو الوهن أو التعب
- مواجهة صعوبة في النوم
- احتمالية التقيؤ والغثيان والدوخة
- صعوبة في السيطرة على التوتر والقلق
- احتمالية تبدد الشخصية وتبدد الواقع
- التركيز على الصُّعوبات أو التفكير في أيِّ أمرٍ بِخلاف القلق الحالي
- احتمالية التعرُّض لمشكلات مَعِدية مَعوية (GI)
- وجود الحافِز للتخلُّص من الأشياء التي تتسبَّب في القلق
أشهر أنواع القلق
قد تداهم حالات القلق الأشخاص بهيئات وأنواعٍ مختلفة تِبعاً لمسبباتها وقابلية الأشخاص على الإصابة بها، وبشكلٍ عامٍ؛ فتتجلى أشهر أنواع القلق وأكثرها شيوعاً بالتالية:
- رهاب الميادين: وهو نوع القلق الذي ينجم عن الخوف أو التوتر من الوجود في أماكن معيّنة أو مواجهة مواقف اجتماعية أو مقابلة الأشخاص في محيط ما، مما يولّد حالة من العجز أو الاحتباس الاجتماعي أو الإحراج.
- القلق بسبب مشاكل صحية: قد يشعر بعض الأشخاص بحالاتٍ من القلق والتوتر تِبعاً لحدوث مشكلة صحية أو طبية جسدية خوفاً من مضاعفاتها وتداعياتها.
- اضطراب القلق العام: وهو الذي يتبدّى في صعوبة التعامل مع الأحداث والمواقف والأنشطة والمشكلات العادية في الحياة اليومية، وقد يصحب هذا النوع حالاتٍ من الاكتئاب أو أنواعٍ أخرى من أنواع القلق.
- نوبات الهلع: يشير هذا النوع إلى شعور القلق الذي قد يحدث بشكلٍ مفاجئ يصل فيه القلق إلى ذروته في غضون دقائق نتيجةً لمواجهة المواقف الصعبة، وقد ترافق هذا النوع من القلق حالاتٍ من الألم في الصدر وسرعة خفقان القلب.
- الخَرَس الانتقائي: عادةً ما يحدث هذا النوع مع بعض الأطفال في مواقف معيّنة يشعرون فيها بالتوتر، كما قد يحدث هذا النوع مع الكبار في بعض الحالات أيضاً، وهو الذي يتمثل بالعجز أو عدم القدرة على التحدّث بصورةٍ طبيعية في بعض المواقف المفاجئة، على الرغم من سلامة النطق والشخصية لديهم في المواقف الأخرى الطبيعية.
- اضطراب قلق الانفصال: قد يصاحب هذا النوع من القلق الأطفال في مراحل نموهم الأولى تحديداً بحال انفصال الأطفال عن الوالدين أو الأشخاص المقربين من الذين يتمتعون بأدوارٍ أبوية وأهلية.
- اضطراب القلق الاجتِماعي أو الرُّهاب الاجتماعي: يُعد هذا النوع مشابهاً لرهاب الميادين، إذ يخلق شعوراً من التوتر والقلق إزاء المواقف الاجتماعية خوفاً من الإحراج، أو إصدار الآخرون أحكاماً غير مرضية على الأشخاص المصابين بهذا النوع من القلق، أو ألا ينظرون إليهم بشكلٍ إيجابي.
- الرُّهاب المُحدَّد: يتمثل هذا النوع من القلق بالتوتر لدى مواجهة موقفٍ محددٍ أوأشخاصٍ معيّنين أو أماكن محددة، والرغبة في تجنّب هذه المواقف، وقد تحدث نوباتٍ من الهلع في هذا النوع من القلق.
- القلق الناتِج عن المواد: يتميَّز بوجود أعراض القلق أو الذُّعر الشديد والذي ينتُج مُباشرة عن إساءة استِعمال المُخدِّرات أو تناوُل الأدوية أو التعرُّض لمادَّةٍ سامَّة أو التوقُّف عن تناوُل الأدوية.
- اضطراب القلق المُحدَّد واضطراب القلب غير المُحدَّد: لا ترتبط هذه الأنواع من القلق بعوامل أو إشاراتٍ أو أسبابٍ محددة، إلا أنهما يمكنهما إحداث قلق وتوتر وانزعاج للأشخاص المصابين بأيٍ منهما في مواقف وحالاتٍ مختلفة.
أفضل طرق علاج القلق
تُعد حالات القلق النفسي والاكتئاب والتوتر من أكثر الأعراض النفسية والجسدية استجابةً للعلاج تِبعاً لإقبال المصابين بها على العلاج، ومع مراعاة العوامل أو الصفات الشخصية، وشدة الحالة التي قد تتطلب وقتاً أكثر أو تكون أكثر صعوبةً في بعد الحالات، وعموماً؛ فإنها تتجلى أفضل وأهم علاج القلق والخوف والتفكير الزائد والتوتر بما يلي:
- تغيير نمط الحياة والسلوك الاجتماعي على نحوٍ إيجابيٍ وبنّاء
- العلاج النفسي عبر التشجيع والإرشاد والتوجيه
- علاج عبر إبعاد المريض عن مكان الصراع وعن المثيرات المسببة لانفعالات القلق والتوتر من ثم التعامل مع عناصر إثارة القلق بشكلٍ طبيعي ودون ذعرٍ أو توتر
- العلاج السلوكي عبر تدريب المصاب على الاسترخاء وتقديم منبهات القلق بشكلٍ تدريجي متفاوت في الشدة مما يؤدي إلى التحصين التدريجي الذي يزيل عوامل القلق شيئاً فشيئاً
أفضل طرق الوقاية من القلق
في ضوء أن الأشخاص جميعاً معرّضون للإصابة بالقلق في حياتهم اليومية سواءً كان ذلك قلقاً ناجماً عن ضغوطات وأحداث ومسؤوليات الحياة اليومية أو اضطراباً ناتجاً عن اسبابٍ استثنائية وخاصة؛ فإنه لا بُد من الأخذ ببعض الإرشادات والنصائح الوقائية حيال التعرض لنوبات وموجات القلق، وتتمثل أهم هذه الطرق إجمالاً بالتالية:
- الحفاظ على النشاط المنتظم وأداء الواجبات الحياتية بشكلٍ سليم
- تنظيم أوقات النوم والاستيقاظ بشكلٍ متسق وجيد
- طلب المساعدة في وقتٍ مبكرٍ من الشعور بالقلق أو التوتر
- ممارسة القدر الممكن من الرياضة
- الانضباط بالوجبات والمشروبات اليومية
- تقليل جرعات الكافيين والمشروبات التي تحتوي عليها مثل القهوة وما شابهها من المشروبات الأخرى
- التقليل أو الحد من نسب النيكوتين التي تتجلى في التدخين بشكلٍ رئيسي
- الابتعاد عن المشروبات الكحولية أو الحد منها
- الابتعاد عن المخدرات وعدم استخدام المواد المُخدرة إلا بوصفاتٍ طبيةٍ عند الحاجة
- استخدام الأدوية اللازمة التي قد تتسبب بالأرق والقلق بحذر، والتحقق منها عن طريق استشارة طبيب مختص
- تجنب الوجبات الكبيرة والمشروبات الدسمة قبل النوم
- ترتيب غرفة النوم والأماكن المحيطة وجعلها مريحة ومرتبة بالقدر الكافي
- القيام بنشاطات إيجابية ومريحة ومحفزة خلال اليوم
بهذا نكون قد قدّمنا لك في هذا المقال؛ بعضاً من أهم المعلومات والتفاصيل عن اضطرابات القلق النفسي، وذلك بما يشمل كُلاً من تعريف القلق وأبرز أنواعه ومسبباته، إلى جانب توضيح أشهر اعراض القلق، وصولاً إلى استعراض كيفيات علاج القلق والوقاية منه أيضاً.
إذا كنت ترغب بالحصول على المزيد من المعلومات وقراءة العديد من المقالات الأخرى المهمّة والشيّقة؛ فإننا ندعوك لتتفقّد مدوّنة بيّوت السعودية والبقاء على اطّلاعٍ بكُلِ جديدٍ أولاً بأول.