في ظل التحديات البيئية المتزايدة التي يواجهها العالم اليوم، أصبح تحقيق الحياد الصفري ضرورة ملحة وليست مجرد خيار، حيث أصبحت الحاجة ملحة لتحقيق التوازن بين انبعاثات الغازات الدفيئة والقدرة على إزالتها من الغلاف الجوي. وفي ظل التغيرات المناخية المتسارعة، يسعى العالم إلى تحقيق هذا الهدف من خلال استراتيجيات متعددة تشمل جميع القطاعات الاقتصادية والاجتماعية، فما هو مفهومه؟ وما أهم المعلومات حوله؟ تكمن إجابة كل هذا وأكثر في هذا المقال.
في الحديث حول مفهومه، فإنه يعد مفهومًا أساسيًا في الجهود العالمية للتصدي لتغير المناخ، وهو مصطلح يستخدم للإشارة إلى التوازن بين كمية الغازات الدفيئة التي تنتجها الأنشطة البشرية وبين الكمية التي يتم إزالتها من الغلاف الجوي، ويتم تحقيق هذا التوازن عن طريق تقليل الانبعاثات الكربونية إلى أدنى مستوى ممكن، مع تعويض الباقي من خلال وسائل مثل زراعة الأشجار، أو استخدام تقنيات احتجاز الكربون، أو الاستثمار في مصادر الطاقة المتجددة. ببساطة إن الهدف منه هو ألا تكون هناك زيادة في صافي كمية الكربون الموجودة في الجو.
ما هي المبادرات والبرامج السعودية التي تعمل على تحقيق الحياد الصفري
تسعى دول العالم كافة والسعودية خاصة إلى تحقيق التوازن الكربوني، حيث تعمل المملكة بجدية لتحقيقه بحلول عام 2060م، فإن المملكة تعمل جاهدة على حماية صحة وسلامة مواطنيها وزوارها، وهذا من خلال التركيز على الحفاظ على البيئة والحد من التلوث الناتج عن مختلف العوامل، ولا سيما التغيرات المناخية والعواصف التي أصبحت تشهدها المملكة بشكل متكرر في الفترة الأخيرة.
وفي ظل هذا، تخطط المملكة لتوليد 50% من احتياجاتها من الطاقة الكهربائية من مصادر متجددة بحلول عام 2030، مع تطوير مشاريع بطاقة إجمالية تصل إلى 44.2 جيجاوات قيد التنفيذ من خلال العديد من الجهود المتكاملة، كما تؤكد السعودية التزامها بالمساهمة الفعالة في الجهود العالمية لمكافحة تغير المناخ، والانتقال نحو مستقبل أكثر استدامة، وتتمثل جهوها في إطلاقها للعديد من المبادرات التي من شأنها تحقيق هذا الحياد، وهذه المبادرات هي:
مبادرة السعودية الخضراء
وهي عبارة عن خطة طموحة أعلنت عنها المملكة في عام 2021 في ظل تحقيق مفهوم ما هو الحياد الصفري ، وفي الواقع هي تهدف بشكل أساسي إلى تقليل الانبعاثات الكربونية بمقدار 278 مليون طن سنويًا بحلول عام 2030م. كما أنها تهدف إلى مواجهة التحديات البيئية مثل تغير المناخ والتصحر، وتحقيق التوازن البيئي من خلال مشاريع مستدامة تركز على تقليل الانبعاثات الكربونية وحماية الموارد الطبيعية، مثل زراعة الأشجار وحماية المناطق البرية والبحرية، وتقود هذه المبادرة مجموعة من البرامج والمشاريع الطموحة، وتشمل هذه البرامج تحقيق ما يلي:
- الاستثمار في مصادر الطاقة الجديدة
- تعزيز كفاءة استخدام الطاقة
- تطوير تقنيات احتجاز الكربون وتخزينه
مبادرة الشرق الأوسط الأخضر
إن هذه المبادرة عبارة عن خطة إقليمية طموحة أطلقتها السعودية في أكتوبر 2021 تحت قيادة ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، تهدف هذه المبادرة إلى تعزيز التعاون بين دول المنطقة لمواجهة التحديات البيئية المشتركة في الوصول إلى الحياد الصفري ، بما في ذلك التغير المناخي، التصحر، وفقدان التنوع البيولوجي، وتعتبر المبادرة امتدادًا لمبادرة السعودية الخضراء، لكنها تعمل على نطاق أوسع يشمل دول الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، وتهدف إلى:
- العمل على تقليل انبعاثات الكربون الإقليمية بنسبة 10% من إجمالي الانبعاثات العالمية
- زراعة 50 مليار شجرة في جميع أنحاء الشرق الأوسط، مما يجعلها أكبر خطة تشجير في العالم
- توحيد الجهود بين الدول لتطوير مشاريع بيئية مشتركة
البرنامج الوطني للحياد الصفري
إن هذا البرنامج هو مبادرة طموحة أطلقتها السعودية لدعم جهودها في تحقيق الحياد الصفري ، ويركز البرنامج على تطوير حلول مستدامة وشاملة تهدف إلى تقليل الانبعاثات الكربونية وتعزيز الاقتصاد الأخضر بما يتماشى مع رؤية المملكة 2030، ويعتمد البرنامج على التركيز على إنتاج الطاقة النظيفة من مصادر متجددة مثل الشمس والرياح، وتخفيف الاعتماد على الوقود الأحفوري، إلى جانب تشجيع الأفراد على تبني نمط حياة مستدام، وإطلاق مشاريع ضخمة في مجالات البنية التحتية المستدامة والطاقة المتجددة، ويهدف إلى:
- العمل على تقليل الانبعاثات الناتجة عن القطاعات المختلفة مثل الصناعة والطاقة والنقل.
- تحسين كفاءة استخدام الطاقة في القطاعات السكنية والصناعية والتجارية.
- زراعة ملايين الأشجار لتعزيز الغطاء النباتي، ومكافحة التصحر واستعادة الأراضي المتدهورة.
- الاستثمار في الأبحاث والتطوير في مجال التقنيات البيئية مثل احتجاز الكربون.
بناء أكبر مركز لاستخلاص الكربون في العالم من أجل الحياد الصفري
تم بناء هذا المركز كجزء من تحقيق رؤية المملكة لعام 2030، ولتأكيد السعودية على ريادتها في مجال تقنيات الطاقة النظيفة والحد من الانبعاثات الكربونية. يقع المركز في مدينة الجبيل الصناعية، ويستهدف استخلاص وتخزين ما يصل إلى 9 ملايين طن متري من ثاني أكسيد الكربون سنويًا، مع اكتمال المرحلة الأولى بحلول نهاية عام 2027م، حيث يتم استخدام تقنيات متقدمة لاحتجاز الكربون من مصادر الانبعاثات مثل محطات توليد الطاقة والمصانع، وتخزين الكربون في تكوينات جيولوجية آمنة تحت سطح الأرض، ويهدف المركز لتحقيق ما يلي:
- الحد من التغير المناخي، من خلال تخفيف ظاهرة الاحتباس الحراري
- تحقيق التوازن البيئي، وهذا عبر إعادة استخدام الموارد بدلًا من إهدارها
- الريادة التقنية، وهذا بتشجيع الابتكار وجذب الاستثمارات في قطاع التقنيات النظيف
وفي الختام تعرفنا سويًا على رحلة السعودية في تحقيق الحياد الصفري بحلول عام 2060 م، كما تعرفنا على مفهومه وهو يهدف بشكل أساسي إلى تخفيض انبعاثات غازات الدفيئة من الغلاف الجوي قدر الإمكان، وهذا عبر التخلص من الانبعاثات الكربونية، وأبدت السعودية جهودها من خلال تنفيذ العديد من المبادرات والبرامج، وعلى رأس هذه المبادرات السعودية الخضراء، الشرق الأوسط الأخضر والبرنامج الوطني للحياد الصفري، إلى جانب بناء أكبر مركز لاستخلاص الكربون في العالم، وهذا يؤكد حرصها على الحفاظ على البيئة من أجل سلامة المواطنين والزوار.
إذا رغبت بالتعرف على معلومات أخرى حول النظام البيئي، يمكنك الاطلاع على مدونة بيوت السعودية.