بينما تقع على عاتق البشرية مسؤولية حماية البيئة وكوكب الأرض والحفاظ عليها مما قد يأتي عليها من تداعياتٍ خطيرةٍ أو أضرارٍ بالغة؛ فإن التلوث البيئي غدى أمراً واقعاً يتهدد كوكب الأرض ويدق ناقوس الخطر حياله بضراوة صارمة ومتزايدة في الآونة الأخيرة، مما يستدعي الوقوف على اسباب تلوث البيئة وتداعيات ذلك، جنباً إلى جنبٍ مع تبيّن آثار التلوث البيئي على الأرض والحياة فيها، وإيجاد حلول التلوث البيئي والعمل بها على النحو المثالي في أسرع وقتٍ ممكن لتفادي ما قد يتفاقم من التهديدات والأخطار المحدقة.
من جانبنا؛ فإننا نخصص هذا المقال لتعريف وتوضيح ما هو التلوث البيئي إلى جانب استعراضنا أبرز انواع التلوث البيئي، والخوض في آثاره، كما أننا نسرد أهم اسباب تلوث البيئة وحلولها لنخلص إلى إحاطةً وافية وشاملة عن الأمر في هذا المقال.
تعريف التلوث البيئي
يعتبر التلوث من الظواهر الطبيعية التي تغير الأنظمة البيئية المتوازنة على كوكب الأرض، إذ يُعرّف مفهوم التلوّث البيئي بأنه حالة من اختلاط المكوّنات البيئية الأساسية كالماء والتربة والهواء، بمواد أو موجاتٍ أو طاقاتٍ سامّة وضارة، مما يؤدي بدوره إلى اختلال موازين النظام البيئي أو تغيّرها بما قد يعود بضررٍ كبيرٍ وجامحٍ على الحياة وسيرها الطبيعي.
وفي حين قد تنجم بعض الأضرار الفورية والمؤقتةً التي تتسبب بحدوث التلوث البيئي نتيجةً عن اختلاط وتمازج هذه العناصر والمكوّنات؛ فإن بعضاً من هذه الاختلاطات قد لا تظهر آثارها بشكلٍ جلي حتى أمدٍ بعيد وفترة طويلة من الزمن، مما يوقع أضراراً ومخاطر قد لا تُمكن السيطرة عليها أوان حدوثها.
وفيما يتبدّى التلوث البيئي عادةً بإغارة مواد وعناصر ضارة وسامّة على الهواء أوالماء أوالتربة؛ فيمكن أن يتمثّل التلوث البيئي على هيئة موجات أو إشعاعاتٍ تؤثّر على البشر والكائنات الحيّة بشكلٍ مباشرٍ عبّر التلوث البيئي البصري أو التلوث البيئي السمعي أو كليهما، وهما اللذان يصيبان العيون والآذان، كما قد يتسبب التلوث البيئي بأضرارٍ أخرى للكائنات الحيّة بما في ذلك العناصر الحسيّة كالتذوّق والشم وغير ذلك من الأضرار الأخرى المحتملة، ناهيك عن الإضرار بالثروة الزراعية وحياة النباتات أيضاً.
انواع التلوث البيئي
يقع التلوث البيئي بحسب الدراسات والأبحاث على خمسة أنواع وأشكالٍ رئيسية تتمثّل بالتالية:
- تلوث الهواء
- تلوث الماء
- تلوث التربة
- تلوث بيئي بسبب النفايات الكيمياوية والنووية
- تلوث بيئي ناجم عن أسباب أخرى
وفي ما يلي نوضح أبرز وأهم آثار انواع التلوث البيئي كلاً منها على حدة بإيجازٍ وافٍ:
آثار التلوث البيئي
المتضرر من تلوث البيئة هو ليس الإنسان فحسب، على الرغم من كونه يأتي في المقام الأول ضمن قائمة المتضررين، إذ تنعكس آثار التلوث البيئي على البيئة العامة بحد ذاتها وعلى التغيّر المناخي والغلاف الجوي، والكائنات الحيّة كالحيوانات والنباتات أيضاً، وكذلك فيؤثّر التلوث البيئي على كلٍ من التربة والمياه وجوّدتهما أيضاً.
وفي السياق ذاته؛ فتختلف آثار التلوث البيئي وتتباين حدّتها وأضرارها تِبعاً لأنواع التلوث البيئي وأشكالها واستهدافاتها، لذا فإننا نبيّن تالياً أبرز آثار التلوث البيئي على الصحة الإنسانية، من ثم نُفصّل أبرز آثار التلوث البيئي العامة وفقاً لكلٍ نوعٍ من انواع التلوث البيئي:
صحة البشر والأمراض الناجمة عن تلوث البيئة
نظراً تنقسم أعراض وأضرار التلوث البيئي على الصحة الإنسانية إلى فئتين الأولى منهما هي المخاطر قصيرة الأمد، والأخرى هي المخاطر طويلة الأمد، وفي ما يلي نوضح الأمراض الناجمة عن تلوث البيئة عطفاً على هذا التصنيف:
آثار التلوث البيئي قصيرة الأمد المحتملة على الصحة
- تهيج القصبات الهوائية والزيادة من حدّة نوبات الربو نتيجة التعرّض لثاني أكسيد النيتروجين
- التهاب الشعب الهوائية مما يؤدي إلى نوبات السعال واحتمالية الضيق في النفس جرّاء التعرّض لثاني أكسيد الكبريت
- اضطرابات في الجهاز التنفسي وتهيج العين والأنف والحلق، مع احتمالية ردود الفعل التحسسية بسبب المركبات العضوية المتطايرة
- الصداع والدوخان، والاضطرابات في الجهاز التنفسي والجهاز الهضمي مع احتمالية الاختناق تِبعاً للتعرض لأحادي أكسيد الكربون
- الإصابة بالحساسية أو ازديادها بسبب التعرّض للجسمات الدقيقة مثل دخان التبغ وحبوب اللقاح وما سواها من الجسيمات الدقيقة الأخرى
آثار التلوث البيئي قصيرة الأمد المحتملة على الصحة
- احتمالية تسمم الحمل، واحتمالية التضرر من مواد مسرطنة جرّاء التعرض للمركبات العضوية المتطايرة مثل البنزين، والفورمالديهايد، وغيرها
- احتمالية الإصابة بسرطان الرئة بسبب دخان التبغ
- احتمالية التضرر من مواد مسرطنة، وتفاقم أمراض القلب، وتليّف الرئتين، والأوعية الدموية، والجهاز التنفسي بسبب التعرَض للجسيمات والألياف الدقيقة مثل “الأسبستوس” أو “الأميانت”، وغيرها
- ازدياد حدّة أمراض القلب والأوعية الدموية نتيجةً للتعرض لأحادي أكسيد الكربون
- احتمالية الإصابة بسرطان الرئة جرّاء التعرّض لغاز الرادون
الآثار والمخاطر العامة لأنواع التلوث البيئي
نوضح تالياً بعضاً من أهم مخاطر أو آثار التلوث البيئي وتبعاته على الحياة العامة بالمجمل في كوكب الأرض، وذلك وفقاً لكل نوعٍ من أنواع التلوث البيئي على حدة:
الآثار العامة لتلوث الهواء
يُعد تلوث الهواء أخطر انواع التلوث البيئي وأشدّها إضراراً وتدميراً، إذ يثير التلوّث الهوائي الغازات الدفيئة التي تسبب بشكلٍ أساسي ورئيسي في الاحتباس الحراري وتغيّر المناخ وما لذلك من أضرارٍ جسيمة على الاتزان البيئي في العالم، وبشكلٍ عامٍ وموجزٍ؛ فيقلّل التلوث من جوّدة الهواء، مما يُمكن أن يؤدي إلى الإصابة بأمراض القلب، وأمراض الأوعية الدموية المختلفة، وما يُمكن أن يُشكّل تهديداً لحياة العديد من الكائنات الحيّة على وجه الأرض.
الآثار العامة لتلوث الماء
يؤدي التلوث البيئي المتعلق بالمياه إلى شُح وتقلّص كميات مياه الشرب العذبة، والحاجة إلى جهود وتكاليف كبيرة لتنقيتها، كما يؤثر يؤدي تلوّث المياه إلى النقص في الثروة السمكية، واحتمالية انتشار الحشرات الضارة والمسببة للأمراض الخطيرة، إلى جانب حالات التسمم التي قد تنتج عن تلوث الماء، أضف إلى ذلك ما يؤثّر به تلّوت المياه على الإضرار بالثروات والمحاصيل الزراعية تِبعاً لتلف التربة التي تُسقى من المياه الملوّثة، وهو ما يعود بالضرر كذلك على الناس والحيوانات.
الآثار العامة لتلوّث التربة
يأتي التلوّث البيئي المرتبط بالتربة بالضرر على الأمن الغذائي العالمي، إذ ينتج عنه انخفاض في المحاصيل وضعفٍ في جودتها، كما يُمكن أن يؤدي تلوث التربية إلى انسحار الأراضي الزراعية والخضراء مما يُسهم في اختلال النظام البيئي والتأثير على نوعية الهواء أيضاً.
الآثار العامة للتلوث البيئي بسبب النفايات الكيمياوية والنووية
يتسبب التلوثي البيئي من هذا النوع بعواقب وخيمة على الكائنات الحيّة والبيئة عموماً على حدٍ سواء، إذ يُمكن أن يُضر بكلٍ من الهواء والماء والتربة إلى جانب إضراره بالحياة البشرية والحيوانية والنباتية، وتهديد حياة الكائنات الحيّة أجمع، إذ تبقى النفايات الكيمياوية والنووية نشطةً في البيئة لوقتٍ طويل جداً، وتُصدر غازاتٍ وموجاتٍ سامّة وضارة للغاية خصوصاً في حالة انبعاثها في الهواء أو سوء استخدامها وتخزينها وإلقاءها على الأرض في غمرات الحروب أو التصنيع.
الآثار العامة للتلوث البيئي الناجم عن أسباب أخرى
كغيره من انواع التلوث البيئي؛ قد يُحدث التلوث البيئي الناجم عن الأسباب الأخرى أضراراً جسيمة على حلقة التوازن البيئي من هواء وماء وتربة وكائنات حية وغير ذلك من عناصر البيئة التي يُمكن أن يتسبب أياً منها بنقل الضرر إلى ما سواه من العناصر الأخرى، وبالتالي وقوع أيٍ من تأثيرات الأنواع السابقة وما قد يُضاف إليها من تأثيراتٍ ضارةٍ على الحياة في كوكب الأرض.
اسباب تلوث البيئة وحلولها
ازدادت حدّة التلوث البيئي وتنامت مسبباته تزامناً مع الثورة الصناعية العالمية وتعاظم الغازات الدفيئة في الغلاف الجوي، وهي التي تُعد المتسبب الرئيسي في الاحتباس الحراري، ذلك إلى جانب أعمال التطور التكنولوجي وما لها من تداعيات جانبيةٍ مؤثّرة بشكلٍ كبيرٍ في التلوث البيئي أيضاً، وفي حين أن هنالك العديد من المسببات البشرية للتلوث البيئي؛ فتشمل اسباب تلوث البيئة كذلك ما قد يقع من كوارث طبيعية كالزلازل والبراكين والأعاصير وغيرها، الأمر الذي أصبح يستدعي إيجاد حلول فاعلة وحادّة من استفحال مشاكل التلوث البيئي.
وفي ما يلي نسرد بمزيدٍ من الإيضاح اسباب تلوث البيئة وحلولها كلاً منها على حدة:
اسباب تلوث البيئة
جنباً إلى جنب مع اسباب تلوث البيئة الناتجة جرّاء الكوارث الطبيعية؛ فإنه يعد دخان المصانع من أسباب تلوث البيئة بشكلٍ أساسيٍ ورئيسي، إلى جانب ما ينتج من دخان السيارات والشاحنات كذلك، وما قد يتسرب من مواد كيميائية في المسطحات المائية كالبحار والمحيطات والأنهار، ناهيك عن المخلفات والمواد النووية والكيميائية أيضاً، ونواتج تفريغ القوارب في المسطحات المائية، واستخدام المياه الملوّثة أصلاً لسقاية التربة، ضِف إلى ذلك تفريغ النفط والوقود في المجاري المائية وعدم معالجة مياه الصرف الصحي.
ولقد أصبحت تتفرع من هذه العوامل والمسببات أسباب أخرى جديدةً لتلوث البيئة أيضاً؛ بما فيها التلوث الضوئي أو الكهرومغناطيسي، والتلوث البصري أو السمعي، والتلوث الفضائي كذلك، كما غدت الغازات الملوثة جرّاء دخان المصانع والسيارات وغيرها من أسباب التلوث البيئي؛ مسبباً أساسياً لمشاكل الاحتباس الحراري التي تفاقم من مشكلة التلوث البيئي أيضاً.
حلول التلوث البيئي
تتعدد حلول التلوث البيئي المقترحة كما تتعدد الأسباب المؤدية لهذه المشكلة؛ وبينما يشير الخبراء بأهميةٍ إلى أن عملية التدوير تقلل من تلوث البيئة؛ فإنهم يطرحون ما سوى ذلك من الاقتراحات التي من شأنها تقليص أزمات التلوث البيئي والحد منها قدر المستطاع على أن يجري انتهاج هذه السلوكيات والمبادرات المقترحة التي ندرج أبرزها وأهمها تالياً:
- التقليل من الأنشطة المسببة لتلوث البيئة وتشيج الإنتاج العضوي
- اتخاذ الإجراءات المسهمة في تقليل النفايات واستنزاف الموارد مع الأخذ بعين الاعتبار أن عملية التدوير تقلل من تلوث البيئة بقدرٍ ممتاز نسبياً عطفاً على خفض معدلات الكربون في الغلاف الجوي
- حماية التنوع البيولوجي وتقييد الصيد الجائر للحيوانات بشكلٍ عامٍ والحيوانات المهددة بالانقراض تحديداً
- إيجاد الطرق الملائمة من أجل خفض نسب الاستهلاك البشري للموارد والمنتجات خصوصاً في الدول الغنية
- استخدام عناصر الطاقة المتجددة كالطاقة الشمسية، وتوربينات الرياح، وتوربينات المد والجزر، والطاقة الكهروضوئية، والكتلة الحيوية، والطاقة الحرارية الأرضية، وما سوى ذلك من عناصر الطاقة المتجددة كبديلٍ عن موارد الطاقة المكررة
- العمل على الحد من استخدام مياه الشرب في الطهي، وتجميع مياه الأمطار لاحتياجات المياه الأخرى مثل التنظيف المنزلي والسقاية وما إلى هنالك من الاستخدمات الأخرى
- تخفيض استهلاك الطاقة الكهربائية عبر فصل الأجهزة غير المستخدمة وإعادة وصلها بالتيار لدى الحاجة إلى استخدامها
- التقليل من شراء الكماليات ومحاولة شراء الحاجات مما يخفّض بدوره من النفايات
- إصلاح وصيانة الأجهزة الإلكترونية المُعطّلة بدلاً من شراء أجهزة جديدة، مما يُسهم في تقليل النفايات الإلكترونية الضارّة والمُسهمة في تعزيز التلوث البيئي
- تنقية مياه الصرف الصحي
- ترشيد استهلاك المياه
- تخفيض استهلاك المنتجات والعناصر البلاستيكية قدر المستطاع في حال وجود بدائل عنها
بهذا نكون قد قدّمنا لك معلومات وافية وشاملة عن التلوث البيئي في هذا المقال بما يتضمن تعريف التلوث البيئي، وتفصيل أنواعه، والحديث عن آثاره، وتبيان أسبابه وحلوله.
إذا كنت ترغب بالحصول على المزيد من المعلومات وقراءة العديد من المقالات المهمّة والشيّقة؛ فإننا ندعوك لتفقّد مدوّنة بيّوت السعودية والبقاء على اطّلاعٍ بكلِ جديدٍ أولاً بأول.