دائماً ما تكون الاضاءة قادرة على التحكّم بالجو العام المحيط بفاعلية كبيرة ومؤثّرة للغاية، إذ يمكنها أن تضفي على الأماكن وهجاً فريداً، أو تجعلها مكشوفة وشديدة الوضوح، أو أن تزيد من حدّة الغموض، أو حتى أن تتحكم بالمشاعر والصفاء الذهني وما إلى هنالك من هذه المعايير.
ويمكن تأصيل الأمر بمقاربته مع اضاءة النهار واضاءة الليل، وتبيّن مدى تأثير كلٍ منهما على المحيط العام والتفاعل معه، ولذا؛ فإننا عادةً ما نذهب لإعداد أنظمة اضاءة متباينةٍ في الأماكن المختلفة بما يتناسب مع دلالات المكان وطاقته والغاية منه، فتختلف اضاءة مكتب العمل على سبيل المثال عن اضاءة المحال والمراكز التجارية، وتختلف هذه عن اضاءة المتاحف أو المعارض الفنية، كما يختلف إعداد اضاءة تصوير أو اضاءة مسرح أو عن اضاءة المنشآت التعليمية التي تختلف بدورها عن اضاءة المراكز والمنشآت الطبية أيضاً، وعن اضاءة المطاعم والمقاهي، التي تتمايز عن اضاءة المكتبات وحتى دور العبادة كالمساجد والكنائس.
الأمر الذي يؤكد ويشير بوضوحٍ إلى تأثير الإضاءة المحيطة ودورها الفاعل في التحكم بالمشاعر والأجواء، وعلى غرار ذلك؛ فإنها تختلف أنظمة الاضاءة داخل المنزل من ركن إلى آخر أيضاً بحسب طبيعة كل مكان من أرجاء المنزل والجو العام الذي ينبغي تطبيقه فيه.
هذا المقال؛ يتناول معلومات وافية ومتكاملة عن الاضاءة عموماً، واضاءة المنزل بشكلٍ خاص، وذلك بما يتضمن توضيح أبرز أنواع الإضاءة واستخداماتها، إلى جانب تفصيل الألوان الأساسية للإضاءة، وتبيان أفضل طرق ترشيد استهلاك الإضاءة، والمزيد من المعلومات الأخرى المهمة في هذا الصدد والسياق.
أبرز أنواع وأصناف الإضاءة الصناعية واستخداماتها
تُعد الإضاءة علماً واسعاً وقائماً بحد ذاته، إذ تشتمل على تفاصيل تقنية ونوعية كثيرة ومتعددة، وناهيك عن الإضاءة الطبيعية التي يمكن الحصول عليها من عناصر اضاءة خارجية كأشعة الشمس، وضوء القمر أو إضاءة النجوم، ففي حين تنقسم الأنواع الرئيسية للإضاءة الصناعية من حيث التقنية حالياً إلى إضاءة LED وإضاءة عادية؛ فإن هنالك تصنيفات عديدة للإضاءة من حيث الموضع والمظهر وهي التي تتمثّل أبرزها بالتالية:
الإضاءة المحيطة
يُعّبر هذا النوع عن الإضاءة الأساسية في المكان والتي عادةً ما تتبدّى بكونها اضاءة سقف أو اضاءة معلقة في السقف ومنسدلة منه لتضيء عموم أو محيط الغرفة أو المكان الذي توجد فيه.
الإضاءة التوجيهية
وهي الإضاءة التي يجري ضبطها وإعدادها بحيث تكون مسلّطة وموجّهة على زاوية أو ناحية بحد ذاتها ودون عن سواها من نواحي المنزل، وذلك لإبراز هذه الناحية وإظهارها بمظهرٍ متميز، كما يمكن تسليط الإضاءة التوجيهية على لوحةٍ، أو صورة، أو تحفةٍ، أو شجرة، أو منحوتةٍ، أو إحدى قطع الأثاث من المنزل، وعادةً ما يتم تنفيذ هذا النوع من الإضاءة استعانةً بعناصر اضاءة مخفية، مما يُضفي وهجاً أكبر على الأمر، مع إمكانية استخدام اضاءة سقف أو اضاءة معلقة أو حتى اضاءة ارضية موجهةٍ نحو ما نريد إبرازه وإظهاره بطريقةٍ إبداعية لافتة.
إضاءة المهام
عادةً ما نحتاج هذا النوع من الإضاءة لدى إعدادنا اضاءة مكتب أو ضبط اضاءة المطبخ على سبيل المثال، إذ تتجلى إضاءة المهام بكونها الإضاءة التي نستخدمها لتركيز الإنارة نحو منطقة محددة لإنجاز مهمة مثل العمل، أو القراءة، أو الكتابة، أو الرسم، أو النحت، وكذلك فيُمكن استخدامها لدى تحضير الطعام على الأسطح المخصصة لذلك في المطبخ، مما يمنحنا إضاءة واضحةٍ في جو من الرقي والسكينة، وهو الأمر الذي يجعلها مشابهةً إلى حدٍ بعيد للإضاءة التوجيهية أيضاً.
الإضاءة المعمارية
يُمثّل هذا النوع من أنواع الإضاءة ما يجري تنفيذه في أثناء إعمار العقار وبناءه، بحيث تكون هذه الإضاءة ثابتة في مواقع معيّنة ومتجذرة في جدران البناء أو أساساته كالسقف والأرضية، وذلك مع إمكانية تنفيذها في وقتٍ لاحق لإنجاز العقار وإتمام بناءه أيضاً، ويمكن أن تتبدّى الإضاءة المعمارية بكونها اضاءة مخفية أو ظاهرة، وتشمل كلاً من عناصر الإضاءة التي تكون مثبّتة داخل السقف أو الأرضية، أو تكون منضوية داخل حافات الجبس أو داخل التجاويف المعمارية، سواءً كانت على شكل عن أشرطةٍ أو دوائر أو غير ذلك، وتًستخدم عادةً ضمن إضاءة صالات الاستقبال واضاءة غرف النوم، وما سوى ذلك من الأماكن في المنازل وغيرها من الأنواع العقارية على حدٍ سواء.
الإضاءة الجمالية
لعلّه يتضح المقصود بهذا النوع من اسمه، إذ قد يأتي في سياق أيٍ من أنواع الإضاءة الأخرى، وهو يُعبّر عن أي عناصر إضاءة إضافية للإضاءة الأساسية بما يزيد من جمالية المكان الذي توجد هذه الإضاءة فيها، بما يتضمن عناصر اضاءة سقف أو اضاءة معلقة كالثريات البهية والفاخرة، أو البسيطة والأنيقة في الآن ذاته، إلى جانب عناصر اضاءة ارضية مثل الأضوية الصغيرة التي تكون مغروسة في أرضية المنزل أو الحديقة، وتضفي تأثيراً جذّاباً ومُدهشاً إلى المكان، ومن ذلك أيضاً اضاءة الدرج الذي تجعله أكثر بهجةً وألقاً، ضِف إلى ذلك ما يمكن الاستعانة به من عناصر إضاءة ثابتة كالفوانيس والمصابيح المعلقة على الجدران، أو عناصر إضاءة الزينة والإضاءة التوجيهية المتحركة مثل الشمعدانات وما سواها من الإضاءات المقاربة لكونها تُحفاً متحركة مثل “التيبل لامب” أو مصابيح الطاولة و”الستاند لامب” أو المصابيح العمودية أو القائمة المتحركة سواءً كان ذلك ضمن اضاءة غرف النوم، أو صالات الاستقبال، وما سواها من غرف المنزل والأماكن الأخرى، ضِف إلى ذلك ما يُمكن ستخدامه من اضاءه خارجيه لتزيين واجهة المنزل وجعلها تبدو بمظهرٍ أنيقٍ وبارزٍ ولافت.
إضاءة التصوير
في سياق منفصل عمّا أوردناه سابقاً من أنواع الإضاءة الصناعية؛ فإن هنالك نوع مستقل وقائم بعلمٍ ومحدداتٍ خاصةٍ يتمثل في إعداد وضبط اضاءة تصوير سواءً للصور الفوتوغرافية أو مقاطع الفيديو، ويتطلب إعداد اضاءة تصوير نظرة فنية وإبداعية لما يُمكن أن يُستخدم من أنواع الإضاءة الطبيعية والصناعية، جنباً إلى جنبٍ مع إضافة بعض اللمسات الفنية والإبداعية في توجيه عناصر الإضاءة، وضبط حدّتها بالطريقة الملائمة، واختيار الوان الاضاءة المناسبة بشكلٍ مثالي للتعبير عمّا يراد التعبير عنه من وراء الصورة أو مقطع الفيديو.
الوان الاضاءة واستخداماتها
مع تطوّر علم الإضاءة الصناعية على مر السنوات؛ غدى بالإمكان تنفيذ وتطبيق عناصر الإضاءة بألوان مختلفة وشتى، إلا أن اختيار الوان الاضاءة عند تنفيذ أنظمة الإضاءة في الأماكن المختلفة، أمراً يخضع لمعايير محددة بناءً على التناغم مع الجو العام المراد إحلاله وتطبيقه في الأماكن المختلفة جنباً إلى جنب مع تفضيلات القائمين على المكان، فتُعبّر الإضاءة البيضاء مثلاً عن الوضوح التام في حال ضبطها بطريقة جيّدة، وتصنع جواً مريحاً وهادئاً في المحيط، بينما قد تهب الإضاءة الصفراء أو البرتقالية جواً من الرقي والفخامة بقدرٍ أكبر للأماكن إذا ما تم ضبطها بطريقة سليمة ومُتقنة.
وبالتوازي مع ذلك؛ فيمكن أن تُضفي الوان الاضاءة الحمراء، أو الزرقاء، أو النهديّة، أو الخضراء، وغيرها، أجواءً استثنائية للأماكن إذا ما تم استخدام كُلٍ منها على حدة أو خلق تمازجٍ ما بين اثنين أو أكثر منها جنباً إلى جنبٍ مع الإضاءة البيضاء أو الصفراء والبرتقالية، ويمكن تطبيق ذلك ضمن اضاءة تصوير أيضاً بما يصنع جواً لافتاً ومميزاً، كما يمكن استخدام الوان الاضاءة السابقة مجتمعةً في إعداد وتنفيذ إضاءة للأفراح والسهرات الخارجية على سبيل المثال، أو استخدام أحد الوان الاضاءة هذه لإعداد اضاءة مخفية أو ظاهرةٍ في حديقة المنزل، أو حتى داخله في ما يخص اضاءة الدرج مثلاً، أو تنفيذ إضاءة موجّهةٍ إلى إحدى الأرجاء أو الجدران في المنزل.
أفكار لإعداد إضاءة المنزل بطريقة مثالية
لا بُد من إعداد الإضاءة الأساسية أو المحيطة بطريقة جيّدة ومتقنةٍ في بادئ الأمر داخل المنزل، وذلك باختيار عناصر والوان الاضاءة المناسبة لكل غرفةٍ وضبطها بشكلٍ مثالي بحيث تكون خافتةً في الأماكن التي تتطلب طبيعتها ذلك، وقوية في الأماكن التي تستوجب ذلك، من ثم يمكن الاستعانة بعناصر الإضاءة الإضافية مثل الثريات الجمالية، أو مصابيح الحائط، أو الشمعدانات وعناصر الإضاءة المتحركة وإضاءة المهام، وغيرها، وفي ما يلي نستعرض بعض النصائح المهمّة في هذا السياق:
- مراعاة مساحات الغرف وضبط الإضاءة بما يلائمها
- اختيار تصاميم الإضاءة المنسجمة مع الجو العام للأماكن أو الغرف
- انتقاء الوان الاضاءة بما يتلاءم مع وظيفة المكان
- تجنب التوزيع العشوائي لعناصر الإضاءة
- تركيز الإضاءة على اللوحات الفنية والبراويز والتحف وعناصر الزينة
- استخدام اضاءة مخفية في الأماكن الملائمة لذلك
- الاستعانة بعناصر اضاءة ارضية في حديقة ومدخل المنزل
- الاستفادة من عناصر اضاءة خارجية وضبط الإضاءة الداخلية بما يتناغم معها
- اضاءة الدرج بأشرطة إضاءة في كُلٍ من درجاته
- استخدام عناصر اضاءة معلقة وثابتة بشكلٍ منسجمٍ يحقق تكافؤأ للضوء وضبطاً لتوزيعه بطريقةٍ لافتةٍ وجذّابة
طرق لتوفير استهلاك الإضاءة
ينبغي الانتباه عند إعداد أنظمة الإضاءة إلى ترشيد استهلاكها من الطاقة لتجنب التكلفة المالية العالية في فاتورة الكهرباء تِبعاً لذلك، لذا فإننا نُدرج تالياً بعضاً من أهم وأبرز الطرق المُجدية في هذا الأمر، والمسهمة بشكلٍ فعّال في تخفيض تكلفة الاستهلاك:
- التقليل مع عناصر الإضاءة المستهلكة للطاقة خصوصاً والحفاظ على ما يؤدي الغاية من إضاءة الأماكن بشكلٍ جيّد دون الإفراط في ذلك
- استخدام المصابيح الموّفرة للطاقة من نوع “LED”
- تخفيف الحمل الكهربائي على مفاتيح الإضاءة، بحيث لا يتم شبك أكثر من مصباح على كبسة واحدةٍ أو مفتاح تشغيل واحد
- اغتنام الطاقة الشمسية عبر استخدام الخلايا الكهربائية التي تعتمد على الطاقة الشمسية لإضاءة المنزل والأماكن الأخرى
- تنظيف المصابيح وعناصر الإضاءة بين الحين والآخر مما قد يُغني عن إضافة واستخدام المزيد من المصابيح بغية تعزيز الإضاءة بناءً على الشعور بخفتانها في حين أن السبب يعود إلى حاجتها للتنظيف
- الاستفادة من عناصر اضاءة خارجية طبيعية في النهار والليل
- إطفاء عناصر الإضاءة والمصابيح فور الانتهاء من استخدامها
بهذا نكون قد قدّمنا لك في هذا المقال؛ معلومات وافية ومتكاملة عن الإضاءة، بما يشمل توضيح أهم أنواع الإضاءة الصناعية واستخداماتها جنباً إلى جنب مع إيراد أبرز الوان الاضاءة واستخدامات كلٍ منها أيضاً، ضِف إلى ذلك سرد حزمةٍ من أفكار إعداد إضاءة المنزل بطريقة مثالية وإدراج أفضل الطرق لتوفير استهلاك الإضاءة.
إذا كنت ترغب بالحصول على المزيد من المعلومات وقراءة العديد من المقالات المهمّة والشيّقة الأخرى؛ فإننا ندعوك لتفقّد مدونة بيّوت السعودية والبقاء على اطّلاعٍ بكلِ جديدٍ أولاً باول.