يعيشُ كثيرٌ من الناس تجارب صعبة في حياتهم، قد تكون حوادث مروعة أو كوارث طبيعية أو اعتداءات عنيفة أو حروب. وتُترك هذه الأحداث أثرًا عميقًا على نفوسهم، ممّا قد يُؤدّي إلى الإصابة بمرض اضطراب ما بعد الصدمة . فما المقصود بهذا المرض؟ وكيف يمكن التعامل مع بصورة صحيحة؟
في هذا المقال سنتعرف على مفهوم اضطرابات الصدمة النفسية، حالاتها وأعراضها، كما سنكتشف طرق العلاج وكيف يتم تقديم الدعم الذي يحتاجه أولئك الأشخاص.
تعريف اضطراب ما بعد الصدمة
يسمى أيضًا اضطراب الكرب التالي للرضح أو PTSD. وهو مرض نفسي قد يصيب الأشخاص بعد التعرض إلى تروما أو حدث مؤلم مثل الكوارث الطبيعية أو الحروب أو الاعتداءات الجسدية والجنسية. وقد يحدث هذا المرض نتيجة سوء المعاملة والعنف خلال فترة الطفولة. وقد تكون احتمالية الإصابة بهذا المرض لدى النساء أعلى من الرجال، حيث أن النساء أكثر عرضة للإصابة بإضطرابات القلق والاكتئاب إلى جانب هذا المرض.
معنى تروما
التروما هي مصطلح يُستخدم لوصف أي تجربة مُؤلمةٍ تُؤثّر بشكلٍ سلبيٍّ على صحة الإنسان العقلية والنفسية والجسدية، وقد تؤدي إلى إصابته باضطرابات ما بعد الصدمة. ومن الأمثلة التي تشملها التروما إصابة الشخص بأمراض خطيرة مثل السرطان، أو القيام بعملية جراحية خطيرة. وقد يأتي الأمر بعد الموت المفاجئ لشخص عزيز. ولكن الجدير بالذكر أنه لا يشترط أن يؤدي كل حدث مؤلم إلى الإصابة باضطرابات ما بعد الصدمة، فذلك يعتمد على عواملَ عديدةٍ مثل شدّة الحدث وطريقة تعرّض الشخص له واستعداداته النفسية.
كما يمكن أن تؤثر التروما على الأشخاص بطرق مختلفة، فبعض الناس قد يُعانون من اضطرابات ما بعد الصدمة، بينما قد يُعاني آخرون من أعراض أخرى مثل الاكتئاب أو القلق أو اضطرابات النوم.
أسباب الصدمات النفسية
لا يوجد سبب واحد مُباشر للإصابة للإصابة بهذه الحالة. ولكن، هناك العديد من العوامل التي تُزيد من خطر الإصابة بها، وتشمل:
- الحوادث المؤلمة: مثل حوادث الزلازل، الفيضانات والحرائق. إلى جانب الحروب، وحوادث السير. وقد تشمل الحوادث الاعتداءات الجنسية والجسدية.
- الصدمات العاطفية مثل الطلاق أو فقدان الوظيفة أو حتى موت شخص عزيز.
- الاستعداد الوراثي، فقد يكون بعض الأشخاص أكثر عرضةً للإصابة باضطرابات ما بعد الصدمة من غيرهم بسبب جيناتهم.
- صعوبة التعامل مع المشاعر السلبية مما يُزيد من خطر الإصابة باضطرابات ما بعد الصدمة.
- التاريخ الشخصي للاضطرابات النفسية مثل الإصابة بالاكتئاب أو القلق.
- عدم وجود دعم اجتماعي كافي، حيث أن وجود شبكة قوية من الأصدقاء والعائلة تساعد على حماية الشخص من الإصابة بالاضطرابات.
- التعرض لضغوط إضافية بعد الحدث مثل التعرض لمزيد من العنف أو سوء المعاملة.
تأثير صدمات الطفولة
تعد الصدمات التي يتعرض لها الطفل خلال حياته المبكرة، مثل الإهمال، العنف الجسدي، أو الإساءة الجنسية، من أهمّ العوامل التي تُزيد من خطر الإصابة باضطرابات ما بعد الصدمة في مرحلة البلوغ. وذلك لأنّ الدماغ يتطور بشكل كبير في سنوات الطفولة المبكرة. وعندما يتعرض الطفل لحدث مُرعب أو مُقلق خلال هذه الفترة، فإنّه قد يُصبح أكثر عرضةً لتخزين ذكريات الحدث بطريقةٍ مُؤلمةٍ ومُستمرة. بالإضافة إلى ذلك، قد تُؤدّي صدمات الطفولة إلى نمطٍ من التعلّق غير الآمن، ممّا قد يُصعّب على الطفل تكوين علاقاتٍ صحية مع الآخرين في مرحلة البلوغ.
اعراض الصدمة النفسية
تختلف الأعراض التي تظهر بعد الصدمة النفسية من شخص إلى آخر، ولكن يمكن تلخيص الأعراض الرئيسية التي تصيب الأشخاص حسب النقاط التالية:
تكرار الذكريات
قد يعاني البعض من مشكلة استرجاع الذكريات المؤلمة بشكل متكرر ومزعج، وقد تأتي هذه الذكريات على صورة أفكار، صور أو مشاعر حية تنقض على الشخص، ويشعر معها أنه يعيش الحدث مرة أخرى. وقد تؤدي هذه الذكريات إلى إصابة الشخص بنوبات من القلق أو الخوف.
الانعزال
قد يختار الشخص في هذه المرحلة تجنب الأماكن أو الأشخاص أو الأنشطة التي تُذكّره بالحدث المؤلم.حتى أنه قد يحاول تجنب التفكير في الحدث أو التحدث عنه. الأمر الذي يصل به في النهاية إلى الانعزال الكامل عن الأشخاص، والذي قد يصاحبه صعوبة في تكوين العلاقات الاجتماعية والتعامل مع الزملاء في العمل أو الدراسة.
التقلبات المزاجية
تضمن مشاعر من الحزن والغضب، وقد يصحبها شعور بالوحدة. وقد يصل الشخص إلى الشعور باليأس وفقدان الأمل، فتجد يتخلى عن الاهتمام بالأنشطة التي كان يستمتع بها الشخص في الماضي. وقد تظهر على الشخص أيضًا تغيرات في السلوك، تشمل صعوبة التركيز أو الانتباه. إلى جانب نوبات من الغضب وسرعة الانفعال. وغالبا تكون هذه الأعراض نتيجة مشاكل النوم التي تواجه الشخص في هذه المرحلة.
هل تعرفت على اعراض الاكتئاب من قبل؟ تصفح هذا المقال لتعرف أكثر!
علاج الصدمات النفسية
يمكن للشخص أن يتغلب على اضطرابات الصدمة النفسية ويعود إلى حياته الطبيعية المنتجة إذا تلقى العلاج المناسب. وتشمل طرق العلاج ما يلي:
العلاج النفسي
يشتمل على مجموعة من الطرق والأساليب التي تركز على الجانب النفسي في العلاج، أهمها:
- العلاج المعرفي السلوكي (CBT): هو أكثر أنواع العلاج فعاليةً لاضطرابات ما بعد الصدمة. ويُساعد هذا العلاج على تغيير الأفكار والسلوكيات المرتبطة بالحادث المؤلم.
- إعادة المعالجة بالتعرّض: يقوم هذا العلاج على تعريض الشخص تدريجيًا للذكريات والأفكار والمشاعر المرتبطة بالحدث الصادم في بيئةٍ آمنةٍ يمكن السيطرة عليها.
- العلاج الجماعي: يُتيح هذا العلاج للمرضى مشاركة تجاربهم مع أشخاص آخرين يُعانون من نفس الاضطراب.
وفي هذا السياق، تعرّف على أهمية تدوين المذكرات اليومية للصحة النفسية.
استخدام الأدوية
قد يصف الطبيب بعض الأدوية للمساعدة في تخفيف أعراض القلق والاكتئاب وصعوبة النوم. وتشمل هذه الأدوية على مضادات الاكتئاب مثل سيرترالين أو مضادات القلق مثل الباروكسيتين. وقد يتم وصف بعض الأدوية التي تساعد على النوم إذا كان الشخص يعاني من الأرق.
العلاج البديل
هناك مجموعة من الحالات المتوسطة أو الخفيفة، التي يمكن التعامل معها وتخفيف أعراضها بواسطة العلاج التكميلي أو البديل. ويتضمن هذا العلاج ممارسة اليوغا التي تساعد على الاسترخاء وتخفيف التوتر. والتأمل الذي يساعد على تحسين التركيز وتقليل القلق. كما يوجد أسلوب العلاج بالفن الذي يقوم على التعبير عن المشاعر والأفكار التي يصعب التعبير عنها بالكلمات.
وصلنا إلى نهاية مقالنا حول موضوع اضطرابات ما بعد الصدمة. حيث تناولنا بدايةً مفهوم هذا الاضطراب وأسبابه. ثم تعرفنا على أعراض المرض. وأخيرًا تحدثنا عن طرق علاج الصدمة النفسية وكيفية التعامل معها. للاطلاع على مزيد من المقالات المفيدة التي تقع ضمن هذا الإطار وغيره من المواضيع الشيقة ننصحك بالاطلاع على مدونة بيوت السعودية لتجد فيها كل ما يثير اهتمامك.