في أعقاب العولمة، أصبحت الدول تصب جام اهتمامها على ابتكار طراز خلّاق وعصري للمدن، باعتبار المدن هي مركز الثقل الاقتصادي لاقتصادات الدول، والمدن ذات الطابع العصري والكوزموبوليتي بطبيعة الحال جاذبة للاستثمار من كل حدب وصوب. فوفق الاحصاءات الاقتصادية على مستوى العالم ككل، تساهم المدن في الناتج الاقتصادي الاجمالي بنسبة 70% أي ما يعادل ثلثي النشاط الاقتصادي في العالم. ومن هذا المنطلق، فإن أية مساعي لتحويل المدن إلى أماكن تعج بالحياة ويسودها التخطيط الذكي والبنية التحتية الحديثة هي مساعي مجدية حتماً تعود بالكثير من الفوائد على المدى البعيد. وهذا لا ينطبق على حكومات الدول وصنّاع القرار الرسمي فحسب بل من شأنه جلب عوائد مربحة على شركات القطاع الخاص وخصوصاً المعنية بالتكنولوجيا وتقنية المعلومات. وبناءاً على ما سبق، نبعت فكرة إقامة معرض المدن الذكية في السعودية ليكون بمثابة التمهيد لبرنامج التحوّل الوطني السعودي الذي يستلهم رؤية 2030 الشاملة، وما يصاحبها من مشاريع تحديثية كبرى في المملكة.
صعود المدن الذكية في السعودية
وسط وطأة التحديات الحضرية التي تعصف بالمدن حول العالم، تطوّرت المدن الذكية كدرة تاج التخطيط الحضري العصري. يؤمن الخبراء أن التكنولوجيا بابتكاراتها المدوية في العقود الأخيرة قادرة كليّاً على ابتكار حلول لمشاكل وتحديات المدن الذكية ومن شأنها تحسين أسلوب الحياة وتحقيق مبدأ الاستدامة.
تحوز المدن الذكية في رؤية 2030 على نصيب واسع من الاهتمام، ونموذج المدن الذكية تحقّق بالفعل في عدد من المدن حول العالم. وهذه الفكرة بدورها تعطي الأولوية لربط البنية التحتية للمدينة ببعضها البعض وإشراك كل من الحكومات، المواطنين، الزوّار، والأعمال التجارية ضمن نظام واحد مترابط يحقّق معايير المدن الذكية في السعودية وذلك يفسح المجال لصنّاع القرار للتفاعل مباشرة مع المجتمع والبنية التحتية للمدينة. والنتيجة المتوقعة عن كل ذلك؟ ليس فقط نتيجة واحدة بل سلسلة من النتائج الايجابية تتجلّى في تحسين جودة الحياة، خدمات حماية على أعلى مستوى، وعملية أفضل في اتخاذ القرار.
مشاريع المدن الذكية في السعودية
تركز مبادرة المدن الذكية السعودية على تحديث البنية التحتية ل 285 مجلس بلدي في مختلف أنحاء المملكة، ويقدّر حجم الاستثمار في هذا المشروع حوالي مليار دولار أمريكي. وستتألف المرحلة الأولى للمشروع من 17 مدينة مختارة مشكّلة ما نسبته 72% من إجمالي سكّان المملكة. ونتيجة لذلك، خرجت على السطح مشاريع بناء واعدة في المملكة بهدف تحفيز قطاعات اقتصادية بمعزل عن النفط، وأهمية هذه المشاريع تنبع من كونها تتعلّق بمشاريع ضخمة متعلقة بالمواصلات، تطوير البنية الاجتماعية، ومشاريع الطاقة الضخمة. والملفت في الأمر أن معظم هذه المشاريع باشرت العمل منذ اللحظة الأولى، وتشكّل حالياً ما نسبته 82% من إجمالي أنشطة البناء في المملكة، بما يعكس التنمية المستمرة في هذا القطاع. كل تلك المشاريع ساهمت في ارتقاء المملكة إلى المرتبة ال 62 وفق ترتيب البنك الدولي، ويتخللها مشروع نيوم الضخم الذي يمثّل حجر الزاوية لمشاريع رؤية 2030 ويتوقع أن يجلب عائد سنوي على الاقتصاد السعودي بواقع 100 مليار دولار سنويا بحلول عام 2030.
لعل من أهم الأمثلة على المدن الذكية في رؤية 2030 هو مشروع “الوديان” الذي تقدر تكلفته بحوالي 75 مليون دولار ضمن سبعة مراحل والذي سيتم تدشينه في العاصمة الرياض.
ما أهميّة حضور هذا المؤتمر؟
يعتبر هذا المؤتمر بمثابة بوابة لمشاريع المدن الذكية في المملكة العربية السعودية وتستطيع أن تستشف أهميّته الكبيرة من أسماء الحاضرين ورعاته الرسميين، ويمكن تلخيص اثره من خلال النقاط التالية:
الفهم الذكي للسوق
صمّم هذا البرنامج خصيصاً لتوفير إجابات للتحديات الصعبة التي يواجهها روّاد الأعمال لا سيّما المعنيين بالتكنولوجيا وابتكاراتها الجديدة في مجالات: الحكومة الإلكترونية، البيغ داتا (Big Data)، الذكاء الاصطناعي، العملات الرقمية (البيتكوين)، وإنترنت الأشياء.
منصّة للتواصل الفاعل والبنّاء
أي حوار بنّاء يجب أن يكون أخذ ورد وليس أحادي من طرف واحد، ومؤتمر المدن الذكية في المملكة العربية السعودية يسهّل هذا الأمر إذ يستقبل من خلاله المشاركون الاستفسارات من خلال حلقات تفاعلية تتم على هيئة سؤال وجواب إضافة إلى الاجتماعات الاستشارية.
بناء وتوسيع دائرة العلاقات
يتيح هذا المؤتمر المجال للتواصل بفعالية مع أفضل الكفاءات داخل وخارج السعودية، وفيه ومن خلاله يمكنك التواصل مع العديد من أصحاب الأعمال اللامعين بل وحتى المستثمرين وجمع باقة من بطاقاتهم المهنية. وهذه العلاقات يمكن أن تفتتح آفاق واسعة من الفرص في مجال الأعمال والاستثمار.
ختاماً، ينعقد مؤتمر المدن الذكية في السعودية على مدار يومين اثنين بين الثامن عشر والتاسع عشر من فبراير، وتصاحبه توقعات وآمال كبيرة في رسم معالم حقبة جديدة في عالم المدن السعودية، ترتقي من خلالها كبرى المدن السعودية بمشاريع جامحة لتدخل قائمة المدن الذكية حول العالم بحلول عام 2030. للمزيد من المقالات المتعلقة برؤية 2030 مثل مشروع البحر الأحمر واتجاهات السوق العقاري السعودي والفعاليات الكبرى المصاحبة له تابع مدونة بيوت السعودية.