لا يمكن في مستهل الحديث عن مشاريع التحديث الجارية في السعودية الإغفال عن ذكر صندوق الاستثمارات العامة السعودي، ليس لكونه محفظة استثمارية فحسب، بل باعتباره أحد أكبر الصناديق السيادية في العالم ومنجم الثروات الذي لا ينضب! اكتسب الصندوق أهميّة قصوى بعد إعلان مشاريع رؤية 2030، وما أعقبه من انطلاق مشاريع كبرى تضافرت لها الجهود وأنفقت المليارات لأجلها. فما هو صندوق الاستثمارات العامة هذا؟ وما الدور المفصلي الذي يلعبه في المشاريع الكبرى الجاري تنفيذها على قدم وساق في المملكة؟
?ماهو صندوق الاستثمارات العامة
وضعت رؤية 2030 نصب عينيها موضوع الاستثمار، وأولته أهمية قصوى لكونه المحرّك الرئيسي لمشاريع التنمية والتحديث الحاصلة في السعودية. لهذا كان لزاماً على رؤية 2030 بمجرّد بدئها أن ترتبط بتطوير استراتيجية استثمارية لتحقيق الأهداف الطموحة الموضوعة لها. فمتطلبات المستقبل تقتضي مواكبة التغيرات الجارية في بنى الدولة والمجتمع السعودي، وتنويع مصادر الدخل عوض الاعتماد بشكل شبه كلّي على النفط. يتلخّص الهدف الأسمى من وراء استثمارات صندوق الاستثمارات العامة في أن يصبح القوّة المحرّكة للاستثمار والجهة الاستثمارية الأكثر تأثيراً على مستوى العالم ككل! كما يطمح الصندوق أيضاً إلى أن يستمر بفاعلية على المدى الطويل لتعظيم العوائد المستدامة، وأن يرسّخ من مكانته كصندوق سيادي ضخم ورافد رئيسي لجميع مشاريع صندوق الاستثمارات العامة في المملكة.
برنامج صندوق الاستثمارات العامة
تتلخّص أهداف برنامج صندوق الاستثمارات العامة ضمن مستويات ثلاث، فالمستوى الأول ينقسم لثلاثة ثيمات وهي كالآتي: مجتمع حيوي، اقتصاد مزدهر، وطن طموح. وما يقصد بالمجتمع الحيوي أي القابلية نحو تعزيز القيم الإسلامية والهوية الوطنية وتمكين حياة عامر وصحية، أما هدف الاقتصاد المزدهر فيقصد به تنمية وتنويع الاقتصاد وزيادة معدلات التوظيف. وأخيراً الثيم الثالث “وطن طموح” ويُراد به تعزيز فاعلية الحكومة وتمكين المسؤولية الاجتماعية.
وفيما يتعلق المستوى الثاني من أهداف نظام صندوق الاستثمارات العامة، فهي تتمحور حول تنمية وتوزيع الاقتصاد السعودي ويمكن تلخيصها على النحو التالي:
- تنمية مساهمة القطاع الخاص في الاقتصاد
- تعظيم القيمة المتحققة من قطاع الطاقة
- إطلاق قدرات القطاعات غير النفطية الواعدة
- تعظيم أصول ودور صندوق الاستثمارات العامّة كمحرك للنمو (وهذا يخص المستوى الثالث)
- ترسيخ مكانة المملكة كمركز لوجستي عالمي
- تعميق اندماج الاقتصاد السعودي في المنظومة الإقليمية والعالمية
- تنمية الصادرات غير النفطية
وأخيراً فيما يخص المستوى الثالث فإنه يتمركز حول تعظيم أصول ودور صندوق الاستثمارات العامة كمحرّك رئيسي للنمو، ونسرد نقاطه على النحو التالي:
- تعظيم أصول صندوق الاستثمارات العامّة
- إطلاق قطاعات جديدة من خلال صندوق الاستثمارات العامة
- بناء شراكات اقتصادية استراتيجية من خلال صندوق الاستثمارات العامة
- توطين التقنيات والمعرفة من خلال الصندوق
شركات مملوكة لصندوق الاستثمارات العامة
علاوة على هدف تعظيم استثمارات الصندوق في الشركات السعودية، فإن من أهداف الصندوق أيضاً تأسيس شركات لغاية إطلاق القطاعات الجديدة وتنميتها إلى جانب تطوير البنى التحتية والتطوير العقاري. كذلك الحال بالنسبة إلى تطوير المشاريع الكبرى، لك أن تتخيّل حجم صندوق الاستثمارات العامة من خلال ثقل المشاريع الكبرى التي يستثمر فيها أمواله على شاكلة مشروع نيوم، دون الإغفال عن ذكر مشروع البحر الأحمر للتطوير ومشروع القدية.
وعلى صعيد الشركات التي تم تأسيسها لإطلاق القطاعات الجديدة وتنميتها، يكفي القول بأن راس مال صندوق الاستثمارات العامة ساهم بتأسيس الشركة السعودية للصناعات العسكرية، تنمية التحول الصناعي، تاسيس شركة للاستثمار في الترفيه. كما ساهم الصندوق في تاسيس الشركة السعودية لاعادة التمويل العقاري، والشركة الوطنية لخدمات كفاءة الطاقة، وشركة تشغيل طائرات الهليكوبتر للنقل الخاص والرحلات السياحية.
تتركّز معظم استثمارات الصندوق حالياً في قطاع البتروكيماويات من خلال الشركة السعودية للصناعات الأساسية (سابك) والشركة العربية للألياف الصناعية (ابن رشد). فشركة سابك تُعد رابع أكبر شركة بتروكيماويات في العالم من حيث الإيرادات.
محفظة الصندوق
يتركّز أكثر من ثلث استثمارات محفظة الصندوق في قطاع البتروكيماويات لتشكّل من نسبته 39% من إجمالي الاستثمارات، ويتجلّى ذلك في شركتي سابك وابن رشد. في المقال، تشكّل الخدمات المالية ما نسبته 15% من استثمارات الصندوق في كل من الهيئات والشركات التالية: بنك الأهلي السعودي NCB، تداول (السوق المالية السعودية)، بنك الرياض، مصرف الإنماء، البنك العربي، وسامبا.
أما الجزء الثالث الأكبر من نسبة استثمارات الصندوق فيصب في قطاع الاتصالات وتقنية المعلومات، إذ تغدو نسبة الاستثمار في هذا القطاع المهم والحيوي حوالي 18% في الشركات التالية: STC، علم، تبادل. يليه قطاع الخدمات العامة الذي تشكّل الاستثمارات فيه ما نسبته 14% من مجمل الاستثمارات، ويشمل ذلك شركة المياه والكهرباء القابضة والشركة السعودية للكهرباء.
وهكذا نكون غطينا أبرز جوانب صندوق الاستثمارات العامة وتناولنا برنامج وأهداف هذا الصندوق السيادي ودوره المفصلي في مشاريع رؤية 2030. لمزيد من المواضيع التي تتعلق ببرامج ومشاريع المملكة مثل مشروع القدية ومشروع البحر الأحمر للتطوير تابع مدونة بيوت السعودية.