انطلاقاً من رؤية بعيدة المدى تصبو مستقبلاً أفضل وتهدف إلى مواكبة العصر بكل ما فيه من تحدّيات وابتكارات تقنية، أبصرت رؤية 2030 النور على يدي خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز آل سعود، وذلك في تاريخ 25 نيسان / ابريل عام 2016. وتماشياً مع واقع متغيّر على نحوٍ متسارع في العالم أجمع، وجب إعداد رؤية شاملة ترسم ملامح حقبة ما بعد البترول، وتدشّن أساسيات الاقتصاد السعودي بعد نضوب النفط.
مرتكزات رؤية 2030
كأي خطة استراتيجية، هنالك مرتكزات لرؤية 2030 تستند عليها، لعلّ أهمّها تتمحور حول حقيقة توقّع نضوب النفط بعد عقود معدودة، أو انخفاض الطلب على البترول عالمياً، ممّا يعني إلى ضرورة انخفاض سعره، والآن تشتمل المملكة على كنوز تُجنى غالباً من البترول تُكسبها قوّة استثمارية ضخمة، حيث سيتحوّل صندوق الاستثمارات السعودي إلى صندوق سيادي.
:وفيما يلي سنذكر كل من المرتكزات الثلاثة على حدة
القوّة الاستثمارية
تكتنز المملكة العربية السعودية ثروات نفطية هائلة، فهي تُعد أكبر مصدّر للبترول من بين الدول أعضاء منظمة أوبك، لكن مع تسارع وطأة التطوّر التكنولوجي وزيادة الاعتماد على الغاز الطبيعي ومصادر الطاقة المتجدّدة، انخفض الطلب على النفط عالمياً ونجم عنه انخفاض في أسعاره، لذا صار من الضروري على المملكة مواكبة هذه التغيّرات الطارئة وتطوير استراتيجية تستثمر هذه الثروة في مصب اقتصاد أكثر تنوّعاً وانتاجية، والأهم من كل ذلك أكثر استدامة على المدى البعيد.
العمق العربي والإسلامي
تستقبل المملكة سنوياً ملايين الحجّاج والمعتمرين من كل البقاع المعمورة لكونها بلد الحرمين الشريفين وقبلة المسلمين. ومن هذا المنطلق، يندرج تحت خطط السعودية زيادة عدد المعتمرين في العام الواحد ليصل إلى 30 مليون في عام 2030. ويشتمل ذلك على تطوير البنى التحتية لتتلاءم مع رفع الطاقة الاستيعابية في مكّة المكرمة والأراضي التي تحيط بالحرم المكّي الشريف لتستقبل الحجّاج والمعتمرين من مختلف أنحاء العالم.
الموقع الجغرافي الاستراتيجي
إضافةً إلى الثروة النفطية الوافرة، تتمتّع السعودية بموقع جغرافي متميّز يربط بين القارات الثلاث ويكسبها قوّة تجارية متينة في خطوط الملاحة الدولية، كما تطل على خطوط مائيّة بالغة الأهميّة على الخليج العربي غرباً، والبحر الأحمر شرقاً.
والآن، يحين دور السؤال الأهم بهذا الشأن: تُرى ما هي أهداف رؤية 2030؟
أهداف رؤية 2030
لكل استراتيجية أهداف لابدّ من تحقيقها، تتفاوت بين أهداف مرحليّة آنية وأخرى بعيدة المدى. انبثقت رؤية 2030 من رحم قيادة جديدة شابّة تتجسّد في شخص صاحب السمو الملكي وولي العهد الأمير محمد بن سلمان الذي يؤمن يقيناً بالتغيير نحو الأفضل وبناء مستقبل واعد ومزدهر لأبناء وبنات السعودية.
وهُنا نذكر الأهداف الرئيسية لرؤية 2030:
مجتمع حيوي
تصبو هذه الرؤية نحو مجتمع سعودي يحظى بحياة كريمة وهانئة، بالتوازي مع تعزيز الانتماء والاعتزاز بالوطن والاستناد على قيم الإسلام المعتدل البعيد عن الغلو والتشدّد، والطريق لتحقيق كل ذلك بدأ يتبلور في توفير وسائل ترفيهية على أعلى مستوى لأفراد المجتمع، وهو ما يتجلّى في سلسلة مواسم تغطّي أبرز مدن السعودية، والتي تُقام فيها الحفلات الغنائية والموسيقية لنخبة من الفنانين والمطربين، إضافةً إلى مهرجانات فولكلورية وشعبية تتخلّلها أنشطة ترفيهية ممتعة ترضي كافة الأعمار والأذواق. على صعيدٍ آخر، تولي هذه الرؤية اهتماماً ببناء الأسرة وتقوية الروابط الأسرية باعتبارها نواة المجتمع، كما تهدف لبناء شخصية اليافعين وصقل مواهبهم من خلال تطوير الناحية التعليمية والتربوية، فالهدف الأسمى هو بناء شخصيات قيادية فاعلة في مجتمعها تتمتّع بحس المبادرة والإنجاز.
اقتصاد مزدهر
يُمثل الاقتصاد حجر الأساس لرؤية 2030 وعمودها الفقري، فالإقتصاد يواكب مجريات التطوّر التكنولوجي وينوّع من قطاعاته الانتاجية والخدمية بحيث يضمن بإطلاق العنان للمواهب الشابة لتبدع وتنجز، وسيجذب حتماً الاستثمارات العالمية. لن يتم كل هذا دون توفير فرص مثمرة للشباب تُتاح للجميع دون تمييز، وتعمل على تطوير مهاراتهم لتتلاءم مع متطلبات سوق العمل. وتماشياً مع ذلك، لابدّ من تحسين بيئة الأعمال بحيث تحتضن الرياديين وأصحاب المشاريع الخلّاقة، ممّا يشدّ انتباه المستثمرين ويدفعهم للبحث عن فرص استثمارية في المملكة.
وطن طموح
لعلّ تطوير أداء الحكومة أهم ما تتطلّع إليه رؤية 2030، وذلك من خلال غرس أسس الشفافية والمساءلة في هياكل الجهاز الحكومي، بحيث يصبح أكثر مرونة وفعالية بالتوازي مع تفعيل آليات الإنفاق الرشيد من ميزانية الدولة، ممّا يساهم في تعزيز الشراكة مع القطاع الخاص الذي من شأنه هو الآخر المبادرة في اقتناص الفرص الممكنة وإيجاد أفضل الفرص للاستفادة منها. كما تسعى رؤية 2030 إلى تطبيق أحدث نظريات الحوكمة في العالم وتحقيق قفزات للأمام في مجال الحكومة الإلكترونية على نحو يسهّل على المواطنين إتمام المعاملات الحكومية دون تعقيدات أو مماطلات. وعلى الجانب الآخر، من بالغ الأهميّة حث المواطن على الشعور بالمسؤولية والواجب تجاه وطنه، ويتجلّى حس المسؤولية هذا في القطاع الخاص بحيث لا يغدو الهدف الوحيد والمطلق للشركات جني الأرباح فحسب، بل المساهمة على نحو ايجابي في المجتمع بإطلاق مبادرات مجتمعية وخيرية تعزّز من قيم التكافل بين أفراد المجتمع الواحد.
تُمثّل رؤية 2030 نقلة نوعية في السعودية ولبنة أساسية ترتكز عليها مشاريع التحديث الكبيرة التي شهدتها المملكة في السنوات القليلة الماضية، والقادم أروع! فما كل هذه المشاريع إلّا غيض من فيض مشاريع قادمة تبرز وجهاً حديثاً مفعماً بروح الانجاز ومُشبعاً بحس الابتكار والتطوير! السعودية مع رؤية 2030 غير، حقّاً غير!، اذا اعجبك هذا المقال تفضل بزيارة مدونة بيوت السعودية للمزيد من المواضيع الشيقة مثل ما هي التحديات التي تواجه قطاع العقار لمواكبة رؤية 2030؟ كل هذا وأكثر تجده على مدونتنا.