هل تساءلت عن تلك القرية التي تحمل في طياتها روائع التاريخ وأسرار الماضي؟ إنه موقع قرية الأثري والذي ليس مجرد بقعة جغرافية، بل نافذة إلى ثقافات تمتزج فيها الأساطير والحكايات وحضارات عريقة. تابع القراءة لتتعرف في هذا المقال على موقع قرية وما يميزه من معالم كوجهة غنية بالجمال والأصالة.
موقع قرية الأثري
هو عبارة عن موقع أثري يعود لمستوطنة قديمة على بعد 76 كم من وسط مدينة تبوك شمال غرب السعودية، ويقع على المنحدرات الشرقية لجبال الحجاز فيها. ويعود تاريخ المستوطنة للعصر البرونزي المبكر أوائل الألفية الثالثة قبل الميلاد، وقد استمرت حتى الفترات النبطية والرومانية.
أهمية موقع قرية الاثري
اكتسب القرية أهميتها من امتدادها التاريخي، حيث أنها عاشت كما ذكرنا نحو ثلاثة آلاف سنة، وقد طورت خلال تلك الفترة لغتها وكتابتها، فأصبحت من أهم المراكز شمال غرب الجزيرة العربية وذلك إبان العصر الحديدي. إلى جانب أنها كانت مركزاً تجارياً على طريق التجارة الذي يربط شمال وجنوب الجزيرة العربية.
تاريخ موقع قرية الأثري
في عام 2021م قامت أعمال التنقيب في الموقع بتحديد تاريخ نشأة واحة قرية الحضرية بحوالي 1000 سنة أقدم من تاريخ مستوطنة قرية الأثرية الذي كان قد تم تحديده سابقاً والذي كان قد حدد في مطلع الألف الأول ق.م، وقد تم اتباع أساليب بحثية حديثة ومتعددة للكشف عن معلومات جديدة. وقد قام فريق مشترك يتكون من هيئة التراث وجامعة فيينا النمساوية تحديد تاريخ موقع القرية والذي يعود للألفية الثالثة قبل الميلاد 2900-2600 ق.م، وهو العصر البرونزي المبكر، وقد تم تحديد ذلك من خلال البحث الذي قام على سور الواحة الذي يبلغ طوله 13 كم، مع رفع عينات منتظمة منه، وتم تحديد تاريخ موقع قرية من خلال تقنية الوميض المحفز وتقنية الكربون المشع.
معالم موقع قرية الأثري
يشير السوم الضخم المحيط بالقرية والمدعم بدعامات وأبراج طويلة، بالإضافة إلى المنشآت الحجرية والمباني الموجودة داخل السور إلى وجود مجتمع مدني متقدم. وتضم القرية أيضاً حقولاً لتخزين المواد الزراعية، وآثار لنظام شبكة ري معقدة ذات تصميم متقن تستمد مياهها من نبع قاعدة التل، ومعبداً يضم مجموعة من الأكوام الحجرية، وأفراناً لصناعة الفخار كانت تستخدم في القرنين السادس عشر والسابع عشر قبل الميلاد، إلى جانب انتشار الكسر الفخارية المتعددة الأشكال والأنماط والفترات في الموقع.
وقد عثر الفريق البحثي في عام 2021م على مقبرة دائرية مصنوعة من الحجارة أعلى هضبة الموقع، والتي قد دفن فيها 12 فرد من النساء والرجال والأطفال، مع حوالي 1000 خرزة وقلائد متنوعة من الخزف المزخرف، والطين ومستوردات من الأصداف واللؤلؤ، والعاج والعظام والأحجار الكريمة وما شابهها من الهيماتيت، الأمازونيت، المرو الشفاف، الفيروز، اللازورد، العقيق، والحجر الأخضر، بالإضافة إلى قرابين حيوانات وهدايا من أواني فخارية. ويضم الموقع بقايا قلعة (أكروبوليس).
مواقع أثرية في تبوك
تدل الآثار المكتشفة في مدينة تبوك على أنها كانت مواطناً للعديد من الأمم المتعاقبة مثل الآراميين و الأنباط وثمود وقبائل عربية أخرى. إلى جانب موقع قرية الأثري يوجد عدد من المواقع الأثرية ومن أبرزها:
سور تيماء الأثري
يعد سور تيماء من أطول الأسوار التاريخية في منطقة شبه الجزيرة العربية وأقواها تحصيناً، وتعود فترة بناؤه للقرن السادس الميلادي، حيث يتجاوز طوله 10 كم، بارتفاع 10 في بعض أجزائه المتبقية، وعرض الجدار بين المتر والمترين. وقد بني هذا السور في بعض أجزائه من اللبن والطين، وأجزاء أخرى من الحجارة.
صحراء حسمى
تقع صحراء حسمى شمال غرب منطقة تبوك، وهي محطة على طريق التجارة القديم يمر بشبه الجزيرة العربية. وقد مرت العديد من القوافل التجارية على امتداد الحضارات الإنسانية المتتالية، ما يفسر تنوع كثرة النقوش الأثرية الموجودة على صخور جبالها الشاهقة، حيث أن بعض النقوش عرفت لاحقاً باللهجة الحسمائية وهي الكتابة الأولى التي ترتبط فيها الحروف ببعضها.
قلعة تبوك الأثرية
تعتبر قلعة تبوك من أشهر المعالم في المدينة إلى جانب موقع قرية الأثري ، حيث تعتبر قلعة تبوك إحدى قلاع طريق الحج الشامي الرابط بين بلاد الشام والمدينة المنورة، وقد تم بناء القلعة في العصر العباسي. وتتكون القلعة من طابقين، الأول عبارة عن فناء مكشوف مع مجموعة حجرات وبئر ومسجد، والطابق الثاني يتكون من غرف ودرج ينتهي بأبراج تستخدم للمراقبة والحراسة ومسجداً مكشوفاً. وقد تم تأهيل القلعة في عام 2013م، وتحولت إلى متحف قلعة تبوك الأثرية، ويتم فيه عرض القطع الأثرية والتراثية.
بئر هداج
يقع بئر هداج في محافظة تيماء، ويعود تاريخه للقرن السادس قبل الميلاد، وتعرض بئر هداج عبر السنوات الطويلة للعديد من الأحداث والتقلبات التاريخية، بما في ذلك الحروب والصراعات التي تسببت في تدمير أجزاء كبيرة منه. ورغم تعرضه للإهمال والاندثار خلال فترات مختلفة من التاريخ، فإن معالمه بقيت شاهدة على عراقة الماضي. في حوالي 400 عام مضت، تم إعادة حفر البئر بشكل جزئي لتوفير المياه للمنطقة، مما ساهم في الحفاظ على جزء من تاريخه وتوثيق أهمية هذا المعلم التاريخي.
تتميز المنطقة المحيطة بالبئر بموقعها الاستراتيجي، حيث تقع بالقرب من طرق التجارة القديمة التي كانت تربط بين شمال شبه الجزيرة العربية وسوريا وفلسطين. هذه الأهمية التاريخية جعلت بئر هداج نقطة محورية في العديد من القصص والرمزيات المرتبطة بالحياة في الصحراء.
يبقى موقع قرية الأثري من الشواهد الحية على عظمة التاريخ وروعة الحضارات التي قد مرت به. وهو ليس وجهة سياحية فحسب، بل رحلة عبر الزمن تأخذنا لأعماق الماضي لتروي لنا القصص التي لا تنسى. إن كنت تبحث عن تجربة تجمع بين الجمال والتاريخ والثقافة. وإن كنت مهتماً بزيارة تبوك يمكنك زيارة بوليفارد تبوك والاطلاع عليه من خلال زيارة مدونة بيوت السعودية التي توفر كل جديد.