فيما تعبق بلادنا العربية والشرقية بعطر الأصالة والعراقة والمجد منذ الأزل؛ فإنها لم تتوانَ عن الاهتمام بعطر الرائحة منذ القِدم أيضاً؛ إذ احتفت به ومنحته مكانة كبيرة من الشغف والاعتناء والتطوير، وفي حين كانت الجزيرة العربية سبّاقةً تاريخياً في استيراد المواد العطرية الثمينة وتصديرها إلى المجتمعات الأخرى في العالم؛ فلقد أسّست بذلك تاريخاً ثريّاً من الثقافة العطرية وملامح الشغف بها، وهي الثقافة التي كانت جزيرة العرب جزءً بارزاً منها في محيطها العربي والشرقي، وبينما مهّدت الجزيرة العربية طريقاً رحباً من الاهتمام بالعطور والطِيب، وأكسبت ذلك الأمر مكانةً كبيرةً وشأناً سامياً في حياتها الاجتماعية حتى شاع استخدام العطور في الحياة اليومية للإنسان وأصبح بمثابة أمرٍ أساسيٍ ودلالةً على الألفة والاحترام والسخاء،
بوصفه يُعزز نظافة وحُسن الحضور ولباقة المظهر، ويُعد وجهاً من أوجه تذوّق جمالية الحياة؛ فلقد نشط الناس في المنطقة سيّان مع أقرانهم في الشرق؛ باستخلاص المواد العطرية الثمينة وتركيبها وصناعتها منذ قديم الزمن حتى وقتنا الحاضر الذي يرى فيه البعض أن السعودية أصبحت من أكبر الدول المصدرة للعطورات الشرقية رفقة غيرها من دول المنطقة.
وفي هذا الصدد؛ فلقد استقبل المتحف الوطني السعودي هذا العام 2024 معرض عطور الشرق الذي ينظّمه معهد العالم العربي في باريس لتكون هذه المحطة الدولية الأولى للمعرض وهو الذي يحظى بوهجٍ كبيرٍ حتى غدى البعض يراه بأنه اقوى معرض في الشرق الاوسط للعطورات الشرقية.
ولذا فإننا سرد في هذا المقال؛ بعضاً من أهم المعلومات والتفاصيل عن معرض عطور الشرق جنباً إلى جنبٍ مع استعراض أقسام معرض العطور الشرقية أو معرض عطور الشرق والفعاليات المرافقة له.
أهم المعلومات والتفاصيل عن معرض عطور الشرق في الرياض
لقد أُقيم معرض العطور الشرقية الذي اتخذ تسمية “معرض عطور الشرق” بدورته الأولى في العاصمة السعودية الرياض، وتحديداً في المتحف الوطني السعودي خلال الفترة الممتدة من تاريخ 21 مايو 2024 حتى 14 سبتمبر 2024، وذلك بحضور وزير الثقافة السعودي الأمير بدر بن عبد الله بن فرحان آل سعود، إذ تأتي إقامة معرض عطور الشرق في سياق الجهود التي يبذلها المتحف الوطني السعودي للاحتفاء بالتراث الثقافي السعودي وغِنى الحضارة العربية والإسلامية، وذلك عبر تجسيد تجربة ثقافية وحضارية للجمهور والمجتمع، إذ رافقت المعرض حُزمةً من ورش العمل والندوات التي ركّزت على مكونّات العطور المختلفة، وعبّرت عن رحلة صناعة العطور وتصميم عبواتها المختلفة.
ولقد روى معرض عطور الشرق تاريخ العلاقة الوثيقة والأزلية بين العالم العربي والعطور، كما سلّط الضوء على روائح الشرق العطرية المميّزة وعلى التقاليد العربية التي منحت العطر مكانة اجتماعية خاصة وكبيرة ومهمّة.
وفيما حضر حفل افتتاح المعرض مسؤولون من معهد العالم العربي في باريس بوصفه مُنظّماً للفعالية، وعدداً من قيادات وزارة الثقافة وهيئة المتاحف، ومجموعة من الفنانين من السعوديين والعرب والفرنسيين، بالإضافة الى شخصيات ثقافية بارزة أيضاً؛ فلقد قدّم المعرض لزوّاره تجربة غامرة فتحت لهم آفاقاً للتجوّل في فضاءات متنوعة تبدأ في المساحات الطبيعية انتقالاً إلى شوارع المدينة ومنها إلى دواخل المنزل لاستكشاف دور العطور في هذه الأرجاء وعبقها وتاريخها امتداداً من الماضي إلى الحاضر.
واستند ذلك على احتضان معرض عطور الشرق مجموعة فنية فريدة تضم أكثر من 200 قطعة أثرية وعمل فني معاصر تجسّد بمجملها تاريخ هذه العلاقة الوثيقة والأزلية بين العالم العربي والعطور.
أقسام معرض عطور الشرق
اشتمل المعرض على ثلاثة أقسام أتاح كُلاً منها للزوّار فرصةً للتجوّل في فضاءات متنوعة يحفها الشغف بالعطر والطيِب، وتجلّت هذه الأقسام بالتالية:
القسم الأول: الطبيعة السامية والسخية
حمل القسم الأول عنوان “الطبيعة السامية والسخية” مستعرضاً تاريخ العطور بدءاً من اكتشاف المواد الخام التي تُصنع منها بما يشمل الزهور والأعشاب والتوابل والراتنجات الطبيعية الفوّاحة، مسلّطاً الضوء في سياق ذلك على المكونّات التي تميّزت بها الجزيرة العربية مثل اللِّبان والعنبر والمُرّ، وهي التي لعبت دوراً رئيسياً في تركيب العطور الشرقية.
القسم الثاني: روائح المدينة
طاف هذا القسم بالزوّار في أرجاءٍ وأحياءٍ مختلفة من مُدن الجزيرة العربية مُبيّنا أثر العطور وشذاها في المجتمع السعودي والعربي والأماكن العامة منه، إذ مثّل العطر والطِيب جُزءاً من الثقافة والحضارة العربية والإسلامية على مر السنوات، وكان بمثابةٍ تجربة جماعية لأفراد المجتمع هنا.
القسم الثالث: ضيافة عطِرة
سلّط هذا القسم الضوء على العادات والتقاليد الاجتماعية المرتبطة بالعطور في العالم العربي والحضارة الإسلامية، مثل التطيّب والتبخير وتعطير الضيوف للترحيب بهم.
وحرصاً على تقديم تجربة غامرة ومميزة للزوار، صُمّم مسار المعرض بشكل يراعي التوازن لدى التقاء حاستَي الشمّ والبصر، إذ بثّت الأجهزة المبتكرة أريج عطورٍ مميزةٍ لتحيط الزوّار بجوٍ يدفعهم للانغماس في عالم من الروائح الزكيّة التي صنعها مصمّم العطور العالمي كريستوفر شيلدريك خصيصاً للمعرض.
بهذا نكون قد قدّمنا لك في هذا المقال؛ معلومات وافية ومتكاملة عن معرض عطور الشرق في الرياض، وذلك بما يشمل سرد أبرز وأهم التفاصيل عن المعرض الذي أُقيم بين الفترة الممتدة من 21 مايو حتى 14 سبتمبر 2024 في المتحف الوطني السعودي، جنباً إلى جنبٍ مع استعراض أقسام معرض العطور الشرقية أو معرض عطور الشرق وأبرز فعالياته أيضاً.
إذا كنت ترغب بالحصول على المزيد من المعلومات، وقراءة العديد من المقالات الأخرى المهمّة والشيّقة؛ فإننا ندعوك لتفقّد مدوّنة بيّوت السعودية والبقاء على اطّلاعٍ بكُلِ جديدٍ أولاً بأول.