تُعد منطقة حائل واحدة من أبرز المناطق الغنية بالتراث العمراني والمعالم التاريخية التي تعكس عبق الماضي وأصالة الحضارة. من بين هذه المعالم البارزة، يبرز قصر رشيد بن ليلى كواحد من أقدم القصور في المنطقة، حيث يجسد عراقة العمارة التقليدية ويخفي بين زواياه قصص من الماضي القديم. في هذا المقال، سنأخذكم في جولة تاريخة لاستكشاف محتويات القصر وتاريخه، إلى جانب تصميمه العريق. كما سنتعرف على أهمية القصر ضمن التراث العمراني في منطقة حائل إلى جانب مجموعة من القصور الأخرى.
حول قصر رشيد بن ليلى
بين أحضان مدينة حائل، يقع منزل رشيد بن ليلى التاريخي، حيث ينسب القصر لعائلة آل رشيد، وهي عائلة عريقة تمتد جذورها إلى الزمن القديم، حيث حكمت إمارة جبل شمر في مدينة نجد التابعة إلى منطقة حائل وذلك لمدة 88 سنة تقريبًا. ولهذا يكتسب القصر أهمية تاريخية كبيرة ويحظى بالعديد من الزوار خلال السنة من شتى أنحاء المملكة.
موقع قصر رشيد بن ليلى
يقع منزل رشيد بن ليلى في منطقة حائل شمالي المملكة، وذلك في حي لبدة التاريخي وسط مدينة حائل. وهو يتميز بموقعه الاستراتيجي الذي يجعله قريبًا من المرافق الحيوية والأسواق القديمة. ويُمكن الوصول إلى القصر بسهولة، مما يجعله مقصدًا للسياح والمهتمين بالتاريخ والتراث. ويحد القصرشارعان بعرض 12 متر من الجهتين الشمالية والشرقية، أما من الناحية الغربية بيحده ممر بعرض ثلاثة أمتار، ومن الجهة الغربية تحيط به مباني طينية قديمة.
بناء قصر رشيد بن ليلى
بُني قصر رشيد قبل أكثر من مئة عام، حيث كان تاريخ بناؤه في عام 1317 هجري، وقد استٌخدم في البناء أساليب العمارة التقليدية التي كانت شائعة في ذلك الوقت، من أنماط الزخارف واستخدام المواد المحلية. حيث استُخدم الحجر في بناء أالأعمدة وتأسيس جدران القصر، وذلك لما يحتويه الحجر من صلابة وقوة، لتبقى جدران القصر على حالها إلى يومنا هذا. أما باقي هيكل الجدار فقد تم بناؤه من الطين واللبن والحصى الصغيرة. ولتشييد الأسقف، فقد استُخدم جذوع أشجار الأثل وجريد النخل، كما وجُد أسقف مصنوعة من الخشب المصقول الذي ظهر في وقت لاحق. ولعل أبرز ما يميز القصر المداخل والنوافذ المصنوعة من أخشاب الأثل، والمزينة بنقوش وزخارف خشبية بألوان زاهية. ويضم لقصر أيضًا نقوش فنية تم تنفيذها باستخدام الجص فشكلت لوحات فنية أضفت على القصر مظهرًا جذابًا لما تحتويه من كتابات وزخارف هندسية.
محتويات قصر رشيد بن ليلى
شيد قصر رشيد على مساحة واسعة تبلغ ما يزيد عن الألف متر مربع، ويتألف من طابقين، وفناء خارجي واسع، كما يتضمن مساحة خارجية كبيرة تضم مزرعة صغيرة ومتحف للقهوة. ولعل الجدير بالذكر أن هيئة التراث السعودية تخصص هذا القصر للقيام بمجالس قهوة أسبوعية لتبادل الأحاديث التاريخية بين زوار المنطقة، واستكشاف تراث القصر القديم.
متحف القهوة السعودية
تضم مساحة القصر الواسعة ملحق صغير يتضم متحف تاريخي يختص بتاريخ القهوة السعودية. حيث يعرض المتحق مقتنيات سكان القصر القديمة من أدوات صنع القهوة من أداة الطحن، والمحماس والمبردة والنجر، كما يعرض المتحف مجموعة من دلال القهوة التقليدية. وقد خصصت هيئة التراث مجموعة من شاشات العرض داخل المتحف، حيث تعرض هذه الشاشات مراحل صنع وتقديم القهوة السعودية على الطريقة الأصيلة، بدءًا من تحضير ومعالجة البن وطحنه، وصولاً إلى إعداد القهوة الشهية ثم تقديمها للزوار وكيفية صبها بطريقة تقليدية. كما يتضمن الشرح التعريف بأنواع القهوة السعودية والبن وأنواع الدلال المختلفة، إلى جانب التعريف بالعادات التقليدية المرتبطة بتقديم القهوة من طريقة حمل الفنجان إلى العبارات الشائعة التي تُقال خلال ذلك.
مجلس شعبي
في داخل القصر، يتوجد مجلس تراثي تتزين جدرانه ونوافذه بزخارف تراثية وكتابات قديمة تعبّر عن العام الذي بني فيه القصر إلى جانب مجموعة من السيوف القديمة المعلقة على الجدران والمصابيح القديمة. أما حول التصميم الداخلي للمجلس فيتكون من جلسة عربية ببساط أحمر قديم يعود صنعة لأكثر من خمسين عام. كما يتزين المجلس بمجموعة من الوسائد التقليدية المزخرفة بألوان زاهية. ويضم المجلس أيضًا ركن خاص لإعداد القهوة السعودية يتضمن مكان لإشعال النار، ومجموعة من الأدوات التقليدية.
حول التراث العمراني في منطقة حائل
تزخر حائل بالتراث العمراني الفريد، فإلى جانب قصر رشيد التاريخي، تحتضن المنطقة مجموعة من القصور التاريخية والحصون والأسواق القديمة التي تعكس مهارة البناء التقليدي وتاريخ المنطقة العريق. ولعل أشهر المعالم التراثية في المنطقة قصر برزان وما يجاوره من سوق برزان الشعبي الذي يفتح أبوابه لمختلف الزوار ليتعرفوا على مختلف المنتجات التقليدية السعودية. كما تضم حائل العديد من القرى التاريخية مثل قرية جبة حائل التي تمتاز بنقوش صخرية مميزة. وفي إطار الحفاظ على هذا الإرث الثقافي، تبذل هيئة التراث السعودية جهودًا كبيرة من خلال مبادرات الترميم والتأهيل للمواقع التراثية، وتوثيق المعالم التاريخية، وتعزيز وعي المجتمع بأهمية المحافظة عليها. كما تعمل الهيئة على إدراج بعض المواقع ضمن قائمة التراث العالمي، مما يُبرز حائل كمركز ثقافي وسياحي يعكس الهوية الوطنية للمملكة.
وبهذا نكون قد وصلنا إلى نهاية جولتنا الثقافية في قصر رشيد بن ليلى التراثي، حيث تعرفنا في هذه الجولة على موقع القصر وطريقة بناءه التقليدية. كما سلطنا الضوء على محتويات القصر من متحف القهوة والمجلس التراثي. وأخيرًا، تعرفنا على مجموعة من المواقع الأثرية الأخرى التي تحتضنها منطقة حائل التاريخية. للاطلاع على مزيد من المقالات المفيدة التي تقع ضمن هذا الإطار وغيره من المواضيع الشيقة ننصحك بزيارة مدونة بيوت السعودية لتجد فيها كل ما يثير اهتمامك. على سبيل المثال يمكنك الاطلاع على مقال الفنون الصخرية في حائل … متحف مفتوح يحكي قصة الزمن.