تضم منطقة الباحة مجموعة كبيرة من المناطق التراثية التي تعتبر ذخراً ينير سماء المملكة العربية السعودية، حيث نرى أبهى الصور التي عاش بها الأسلاف خلال مناطق سكنهم القديمة، إذ تُعد هذه الأماكن بمثابة جسر ينقل لنا عراقة التاريخ والتراث الغني، ومن هذه المناطق هي قرية بران التي تمتد جذورها إلى مئات السنين في البلاد، بحيث نناقش جميع التفاصيل والمميزات التي تتمتع بها في جولة مفصّلة بين أزقتها وأبنيتها المهيبة، تابعوا معنا أبرز التفاصيل.
نبذة عن قرية بران
هي إحدى القرى الأثرية التي تتمركز جنوب غرب المملكة العربية السعودية وتحديداً في منطقة الباحة، ولعل من أبرز مميزاتها هي موقعها الرائع الذي يوفر مشاهد بانورامية ساحرة على قمم جبال محافظة قلوة؛ وتعتبر هذه القرية من أبهى الصور التي تدل على تناغم الإنسان قديماً مع الطبيعة، بحيث تعتبر من القرى الأثرية الطاعنة في السن والتي يصل عمرها إلى 500 عام، إضافةً إلى أبنيتها المكونة من أبسط المواد البنائية سابقاً والمستمدة من البيئة المحيطة آنذاك.
جسّدت قرية بران العديد من الأمثلة التاريخية، إذ سلطت الضوء على الأسلوب المعماري الفريد ومدى تعاون السكّان في غابر الأزمنة، حيث يمكنكم الشعور بروح التراث وعراقة التاريخ فور تجولكم بين أزقتها العتيقة،وعلى الرغم من كونها ذات مساحة صغيرة نسبياً، إلا أنها تحتوي على كوكبة واسعة من الآثار المتعلقة بالزراعة مثل المدرجات الزراعية وسط القرية وبين بيوتها.

تتربع هذه القرية كأيقونة من الماضي، إذ تلتقي ملامح الماضي بأطياف الحاضر وتروي لنا قصص الأسلاف وحياتهم اليومية، فضلاً عن حكايات الصراع من أجل البقاء في بيئة صعبة نسبياً على أعالي الجبال، كما تعتبر فرصة استثنائية للتعلم ومركز جذبٍ للباحثين في التاريخ والآثار من جميع أقطار العالم، مما جعل منها منطقة سياحية بامتياز يتهافت عليها السياح خصوصاً في فصل الشتاء لاستغلال مشاهدة الطبيعة البكر وسحر خضرتها.
موقع قرية بران
تمتاز قرية بران بالموقع الاستراتيجي المميز، بحيث يحاوطها العديد من الأماكن السياحية الأخرى والتي تجعل من زيارتها جزء من رحلة متكاملة لعدة اماكن سياحية، كما ذكرنا سابقاً، تقع بين مدينة الباحة في السراة ومحافظة قلوة في القطاع التهامي جنوب غرب المملكة العربية السعودية، إذ تبعد عن مدينة الباحة قرابة 90 كم، فضلاً عن أن طريق عقبة بن خالد هو السبيل الوحيد للوصول إلى هذه القرية الاستثنائية مروراً بمنطقة حصن الحبس.
مكونات البناء في قرية بران
تجتمع العديد من المكونات المستنبطة من البيئة المحيطة في بناء قرية بران التراثية وتصميمها، حيث تضم القرية مبانٍ ذات ارتفاع شاهق يصل إلى 3 أو 4 طوابق، علاوةً على تصميمها الفريد المكون من الاحجار الطبيعية وحجر المرو الأبيض خصيصاً، بالإضافة إلى استخدام أخشاب السدر في تشييدها، أما من الناحية الفنية، تضم المباني زخارف هندسية تنقل لنا مدى التطور الفني في التصاميم المعمارية عند الحضارات العربية القديمة، فضلاً عن النقوش المعمارية التي زينت الأبواب والأعمدة والنوافذ.

وبالانتقال إلى الطرق المتفرعة في القرية، فور التنقل فيها يمكن استشعار أسلوب الحياة الرائج في هذه القرية وسبب تأسيسها، إذ يتراوح عرض الممرات بين 2م و 3م ويتناثر على أطرافها وزواياها بعض المدرجات الزراعية التي كانت تشكّل مصدر الرزق لسكان القرية، مما يعني اعتماد الأهالي على الزراعة بشكل عام لكسب قوت يومهم.
السياحة في قرية بران
تشمل قرية بران عدة ميزات سياحية هامة تجعل منها في طليعة الخيارات السياحية التي يرغب الجميع بزيارتها، ولعل أشهر هذه المميزات هي ما ذكرنا سابقاً من التاريخ العريق التي تحتويه مبانيها والنقوش الساردة لحكايات الأسلاف، لكن في الواقع، ميزة الطبيعة الخلابة تضفي لها طابع الاسترخاء والاستجمام أيضاً بعد رحلة تسلق طويلة إلى قمة الجبل الواقعة عليه، علاوةً على المشاهد الرائعة خلال غروب الشمس من هذه القمة.
هذا وشهدت القرية على بعض أعمال الترميم إثر الاهتمام المتزايد من قبل السلطات المسؤولة من القيادة الرشيدة نتيجةً للإقبال الكبير من قبل السياح في السنين الأخيرة، حيث تندرج هذه القرية أيضاً من ضمن خطة رؤية 2030 التي تسعى إلى جعل المملكة العربية السعودية في أولى مراتب الدول السياحية في الشرق الأوسط.
إلى هنا نكون قد وصلنا إلى نهاية مقالنا عن قرية بران العريقة وما تحتضنه من تاريخ مهيب، لكن نود القول أيضاً بأنها كنز وطني يعبّر عن مدى أصالة المملكة وتحمل بين جنباتها إرثًا حيًّا يتنقل من جيل إلى جيل، إلى جانب عدة مواقع أثرية أخرى يمكنك التعرف عليها في مدونة بيوت السعودية مثل قرية العكاس التراثية في قلب عسير، بالإضافة إلى قرية الحبلة المعلقة التي تخطف بجمالها الأبصار.