هل تساءلت يوماً كيف كانت الحياة في قرى المملكة قبل مئات السنين؟ وكيف كانت تبنى هذه البيوت، وما هي العادات والتقاليد التي حكمت حياة الناس في تلك الفترة؟ تمثل قرية الكلادا التراثية نموذجاً حيً لتراث عريق وطريقة حياة توارثتها الأجيال. فكيف استطاعت هذه القرية المحافظة على هويتها عبر الأزمان؟ وما الذي يجعلها من الوجهات السياحية المميزة لاستكشاف أسرار التراث السعودي؟ نستعرض في هذا المقال تاريخ القرية ونستكشف تقاليد أهلها ونتعمق في الأنشطة السياحية الموجودة فيها، لنعيد إحياء روح الماضي.
قرية الكلادا التراثية
تعد قرية الكلادا من الوجهات السياحية الواقعة في جبال منطقة عسير في المملكة، وتعتبر من المواقع التي تبرز التراث الثقافي والمعماري للمنطقة الجنوبية من السعودية. وتعكس القرية طابع الحياة القديمة في المنطقة وذلك من خلال تصاميمها التقليدية واستخدامها لمواد بناء طبيعية كالحجارة والطين والخشب.
وتعود أصول القرية لمئات السنين، حيث كانت تعتبر من قرى عسير الأساسية في تجسيد أسلوب حياة أهل المنطقة في الماضي. وقد كان سكان القرية يعتمدون على الرعي والزراعة وتجارة المنتجات اليدوية كأعمال رئيسية، وقد كانت معروفة أضاً بزراعة الفاكهة والحبوب بسبب التربة الخصبة والمناخ المناسب. وساعدت تلك الأنشطة على نمو مجتمع متعاون ومتماسك يحافظ على التراث عبر الأجيال.
موقع قرية الكلادا التراثية
قرية الكلادا هي قرية تاريخية تقع في منطقة عسير، وتعد منطقة جبلية تتميز بطبيعتها الخضراء ومناخها المعتدل مقارنة ببقية مناطق المملكة. ويحيط بالقرية العديد من المناظر الطبيعية الخلابة والتي تشمل الغابات والجبال، وهو ما يجعلها من الأماكن المثالية للتنزه والاستمتاع بالطبيعة.
القبائل والعائلات
تعد قرية الكلادا التراثية أكبر قرى بني سعد الواقعة على جبل وسط وادي السياييل، وتتمتع القرية بالنموذج المعماري الفريد للعمارة الحجرية والتي تشتهر بها منطقة جنوب الطائف. وتضم قرية الكلادا حصنين دفاعيين يتوسطان البيوت الأثرية، وساحة للاجتماعات، ومسجداً. ويعود تاريخ القرية إلى عصر الإسلام، ويعود اسمها في عدد من الروايات إلى قبيلة كلدة التي سكنتها. وكان يوجد بها مدخلات أحدهما السبيل الأعلى والآخر يسمى السبيل الأسفل، ويؤدي كلاهما إلى بيوت القرية.
الهندسة المعمارية في القرية
تتميز الكلادا بهندسة معمارية فريدة، والتي تعتمد على الطبيعة الجبلية للمنطقة. وتبنى منازل القرية على شكل طبقات متناسقة يمكنها الاستفادة من التضاريس الجبلية لزيادة المتانة والاستقرار. وتبنى جدران المباني من الطين والحجر الرملي المدعوم بأخشاب العرعر، ما يجعلها مقاومة للظروف المناخية المتغيرة، وخاصة الرياح والأمطار. وتتميز الأسقف بأنها مسطحة ومغطاة بطبقة من الطين الممزوج بالقش بهدف عزل الماء. وتم تزيين الواجهات بألوان زاهية وزخارف تقليدية تعرف باسم “القط العسيري”.
الحياة الاجتماعية في القرية
تشتهر قرية الكلادا التراثية بنظام الحياة الاجتماعية فيها، حيث عاش سكانها معاً في تعاون ووئام، وشاركوا بعضهم في الأنشطة اليومية من زراعة وتربية المواشي. وقد تمت المحافظة على طابع الحياة الاجتماعي التقليدي، حيث يستمر سكان القرية في إقامة الأعياد الدينية والمناسبات الاجتماعية والاحتفالات بأسلوبهم التراثي، وهو ما يجذب الزوار للتعرف على تقاليد وثقافة أهل عسير عن قرب.
الأنشطة السياحية في قرية الكلادا التراثية
تعد القرية الوجهة المفضلة للزوار من مناطق المملكة المختلفة، والتي توفر تجربة سياحية متكاملة تشمل المطاعم الشعبية التي تقدم أشهى الأطباق التقليدية الجنوبية والجولات الاستكشافية. وقامت الحكمة السعودية بـ العناية بالآثار في قرية الكلادا والمواقع الأثرية مما يعزز من مكانة القرية كمعلم سياحي مهم. ويتم العمل على العديد من مشاريع تطوير البنية التحتية في المنطقة وذلك لضمان راحة سكان القرية وزوارها.
وتشمل الجهود تجديد المنازل التراثية، وإنشاء مرافق عامة جديدة، وتوفير وسائل النقل لسياح القرية، وتنظيم العديد من الفعاليات الموسمية التي تبرز ثقافة المنطقة. ويتوفر في قرية الكلادا عدداً جيداً من الأنشطة المتنوعة التي تتيح لزوارها تجربة الحياة التقليدية لمنطقة عسير، ومن أبرز هذه الأنشطة:
الجولات الثقافية
تتضمن الجولات الثقافية في القرية زيارة البيوت القديمة، مع مشاهدة ورش الحرف اليدوية، بالإضافة إلى التعرف على طرق بناء المنازل التراثية.
الفنون الشعبية
يتم عرض العديد من الفنون الشعبية في القرية والتي تتيح للزوار تجربة الأجواء الفلكلورية والتي عادة ما يتم تقديمها في المناسبات والأعياد، مثل الزامل، والعرضة الجنوبية، والدبكة العسكرية.
التجارب التفاعلية
يمكن التفاعل مع سكان قرية الكلادا الذين يحبون شرح تاريخ قريتهم وعادات المنطقة للزوار، مثل تجربة حلب الأغنام، أو تحضير الخبز على الطريقة التقليدية.
التسوق في الأسواق الشعبية
يمكن جلب العديد من التذكارات والهدايا التذكارية من أسواق القرية، حيث يباع في السوق عدداً من المنتجات المحلية مثل الحرف اليدوية والعسل والأدوات المصنوعة من الفخار والأقمشة المطرزة.
تمثل قرية الكلادا التراثية أكثر من موقع تاريخي، بل نافذة على ماضي السعودية وثقافة أهلها الأصليين، حيث يجتمع الجمال الطبيعي والتاريخ والتقاليد في مشهد واحد. وتجسد القرية أسلوب حياة الأجداد بكل التفاصيل، من العمارة التقليدية للحرف اليدوية. حيث تزخر القرية بقصصها وتفاصيلها التي تجعلها تستحق زيارتها، وتجلعنا نفخر بذلك الإرث العريق والمتجذر في جبال عسير. وإن كنت من المهتمين بالتراث يمكنك الاطلاع على بيت البيعة في الأحساء من خلال زيارة مدونة بيوت السعودية التي تقدم لك كل جديد.