تزخر السعودية بالعديد من الأسواق التراثية التي تعكس مدى أصالة هذه الثقافة وعراقتها، حيث تعتبر هذه الأسواق بمثابة نافذة مطلة على التاريخ القديم والتراث الذي عاش عليه أجدادنا طويلاً، إذ نقدم كم اليوم في مقالنا سوق حليوة التراثي الذي يُعد من أهم الأسواق التراثية على مستوى المملكة، و نأخذكم بين المحال والمتاجر في جولة تفصيلية يملؤها المتعة والمرح، تابعوا أبرز التفاصيل.
حول سوق حليوة
يعتبر سوق حليوة أحد الأسواق التراثية العريقة في السعودية والذي تم بناؤه عام 1350هـ/1931م، حيث اشتهر هذا السوق باحتوائه على العديد من الدكاكين التي تعرض منتجات تراثية ترجع بنا الزمن الجميل في بدايات تأسيس المملكة، حيث أصبح هذا السوق أشهر من نارٍِ على علم في الرياض نظراً للميزات العديد التي يحتويها بين أزقته ومحاله التجارية.
كما بدأ هذا السوق باكتساب شهرته الواسعة منذ تأسيسه لمواكبة العمليات التجارية الواسعة في محافظة شقراء، فضلاً عن تجمع الباعة والدلالين ليكون مركزاً ومرجعاً تجارياً يخدم المواطنين وجُل سكان المنطقة، كما يُقدم سوق حليوة في الأيام الحالية كوكبة شاملة من البضائع التراثية مثل المنسوجات والأزياء التقليدية، بالإضافة إلى الجلديات والمنحوتات الخشبية والمعدنية والأثاث التقليدي.

ولعل أبرز ما يميز هذا السوق هو مناسبته لجميع الفئات العمرية المكونة للأسرة السعودية من صغارها وحتى كبارها، علاوةً على اعتباره مركزاً يوفر لعشاق المقتنيات التراثية وهواة التراث جميع المعروضات اللازمة للشراء والتمتع بجمال التراث السعودي الغني؛ مع جميع هذه الخصائص الاستثنائية ترتب عليها اعتبار السوق أحد أشهر معالم المحافظة التاريخية التي تعود بالزوار إلى الماضي الجميل وحياة الأجداد.
موقع سوق حليوة
يقع سوق حليوة شمالي شرقي شقراء إحدى محافظات الرياض، حيث يُعد السوق ذو موقع استراتيجي مميز وسط شبكة من الطرق المؤدية، مما يضفي خاصية سهولة الوصول إليه، فضلاً عن إحاطة العديد من المرافق السياحية الأخرى مثل متحف المخطوطات، بالإضافة إلى قصر الشيخ عمر بن مقرن الأثري وخندق شقراء.
تسمية سوق حليوة التراثية
يعود حقيقة تسمية سوق حليوة بهذا الاسم نسبةً إلى بستان حلوة، وأُطلق هذا الاسم بمعنى نسخة مصغرة مما حولها، فضلاً عن حمله عدة أسماء أخرى مثل حليوة أو دكاكين حليوة.
بناء سوق حليوة التراثية
يُعد هذا السوق من أغنى الأسواق التراثية بالمحال التجارية، حيث يحتوي على ما يزيد عن 70 دكان تختلف بضائعهم كما ذكرنا سابقاً بتصميم يعكس التراث السعودي الأصيل، فضلاً عن تخصيص ساحة غير مسقوفة شاسعة المساحة لبيع الأغنام وعدة أنواع أخرى من المواشي، كما يضم ستة من المداخل والمخارج المسقوفة ليستظل الناس بها من أشعة الشمس والأمطار في فصل الشتاء، فضلاً عن تخصيص واحد من هذه الأبواب للتحميل والإنزال.
تاريخ سوق حليوة
تأسس سوق حليوة في عام 1350هـ/1931م كما ذكرنا سابقاً، إذ يعتبر من الأسواق التراثية حديثة الولادة نسبياً، لكن مع ذلك فرض حليوة هيمنته وسيطرته على الأسواق التجارية الأخرى في تلك الفترة نظراً إلى النشاط التجاري الكبير الذي شهده، بالإضافة إلى مساحته المهيبة المكونة من أعداد دكاكين هائلة والساحات الكبيرة، مما أدى إلى توقف الحركة التجارية في الأسواق الأخرى في المنطقة بسبب تفضيل التجار والمواطنين هذا السوق.
ومنذ تلك الفترة أصبح هذا السوق التجمع التجاري الأكثر إقبالاً حتى يومنا هذا، إذ أصبح نقطة جذب للسياح والتجار والمستهلكين على مدى عقود، كما لعب دوراً أساسياً سابقاً في التأثير على تحديد الأسعار وخلق التوازنات الاقتصادية بين العرض والطلب، وقد أسهمت بنيته التحتية المتطورة آنذاك في تعزيز الاقتصاد التجاري في المملكة كأحد المحركات الرئيسية.
تجديد سوق حليوة التراثية

مع الاهتمام المتزايد من قبل القيادة الرشيدة والسلطات المسؤولة في المملكة العربية السعودية تم تجديد هذا السوق وإنشاء توسعات وعمليات ترميم، وتم هذا العمل الدؤوب في عام 1401هـ/1981م في اشتماله ضمن مشاريع بلدية محافظة شقراء، وعلى الرغم من هذا التجديد، إلا أنه ما زال نصب أعين التوسعة والتحديث تماشياً مع رؤية 2030 التي تركز على الارتقاء بالمواقع السياحية السعودية نحو العالمية والاهتمام بها.
أهمية سوق حليوة التراثي
يمثل سوق حليوة جزءً لا يتجزأ من التاريخ الثقافي والتجاري للرياض كاملة وليس فقط في محافظة شقراء، حيث يعتبر من أقدم الأسواق التقليدية السعودية الحية والناقلة لهذا الكنز الوطني، كما يعكس الحياة الاجتماعية والتجارية السائدة في العقود السابقة، ويتم ذلك من خلال عرض المنتجات والبضائع القديمة مثل الأقمشة التقليدية والمشغولات اليدوية، بالإضافة إلى الأدوات الزراعية التي تعبّر عن هذا التراث والثقافة الأصيلة.
كما يجسد السوق رمزاً من رموز التراث الشعبي والاقتصادي في شقراء وليس مجمعاً تجارياً فقط، بل هو نافذة مطلة على التراث العريق وجسر يعبر منه الزوار إلى تاريخهم المشرف والغني، فضلاً عن تقوية العلاقات الاجتماعية، حيث يُعد مُلتقى للأسر والعائلات المتوافدة للاستمتاع بالتسوق وشراء المنتجات التي تروي قصص الماضي وتحاكي الحاضر.
ختاماً، كما ذكرنا سابقاً يعتبر سوق حليوة أكثر من كونه مجمعاً تجارياً تتم فيه عمليات البيع والشراء، بل هو شاهدٌ حيٌ على التراث العريق لهذه الأرض المباركة، كما تتمركز في رحاب المملكة العديد من المناطق التراثية الأخرى الغنية بالثقافة والأصالة والتي يمكنكم اكتشافها على مدونة بيوت السعودية مثل قصر مرضية التراثي في الأحساء.