بارتفاعه المهيب وتضاريسه الفريدة، يعد جبل رضوى رمزًا من رموز جبال المدينة المنورة ، ويستحق أن يكون على قائمة الأماكن التي يجب زيارتها في المملكة. فهو معلم طبيعي وتاريخي يجمع بين الجمال الطبيعي والتاريخ الثقافي. استعد للانطلاق معنا في رحلة تاريخية نتسلق فيها قمة هذا الجبل، ونكتشف موقعه بالتفصيل، تاريخه العريق، وتضاريسه المميزة. ولن نكتفي بذلك فقط، بل سنستعرض المزيد من الجبال التي تعانق هذا رضوى في الارتفاع وتجاورها في الموقع.
نبذة حول جبل رضوى
تمتلك جبال رضوى شهرة واسعة في منطقة المدينة المنورة. حيث تتميز بجمالها الطبيعي وكثافة غطائها النباتي، كما تنحدر من قممها العالية بعض الأودية والشعاب. وتشتهر هذه الجبال بإنتاج العسل الجبلي، وهو من أفضل أنواع العسل، إضافة إلى انتشار مزارع النخيل الموجودة فيها. أما بالنسبة لسكانها، فتتوزع مساكنهم على قمم الجبال، ويتمتعوا بالمنتزهات الطبيعية التي توفرها المنطقة. وفيما يتعلق بالحياة في هذه الجبال، فتعيش العديد من الحيوانات البرية في رضوى، منها النمر العربي والذئاب والثعالب. كما تنمو فيها مجموعة متنوعة من النباتات البرية مثل الزعتر البري والهيل.
أين تقع جبال رضوى؟
تقع جبال رضوى في منطقة المدينة المنورة، وتحديدًا في شمال شرق محافظة ينبع. تتميز هذه الجبال بموقعها الاستراتيجي وتأتي ضمن مرتفعات جبال الحجاز الممتدة من شمال محافظة الطائف بمنطقة مكة المكرمة حتى جنوب مدينة الوجه بمنطقة تبوك.
ارتفاع جبل رضوى
يُعد رضوى من بين الجبال الشاهقة في المملكة، حيث يبلغ ارتفاعه حوالي 2,282 مترًا فوق مستوى سطح البحر. هذا الارتفاع المهيب منحه موقعًا عريقًا في التاريخ والأدب، حيث ارتبطت به أمثال وأبيات من الشعر، ولعل أشهر ما قيل حول هذا الجبل ” أثقل من رضوى ” . حيث أن تضاريس جبال رضوى تعد ثقيلة الحجم وعالية الارتفاع.
تاريخ جبال رضوى
إلى جانب جمالها الطبيعي وتضاريسها المتنوع، تمتلك الجبال تاريخًا غنيًا ومثيرًا. حيث ذكرت في العديد من أشعار الأدباء القدامى مثل المتنبي وكثير عزة، وأبي العلاء المعري، مما جعل لها مكانة خاصة في الثقافة العربية القديمة. ولعل أشهر ما سطره التاريخ حول هذا الجبل هو لقاء رضوى، فما قصة هذا اللقاء؟
لقاء رضوى
هو اجتماع تاريخي جمع الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود، مؤسس المملكة العربية السعودية، والملك فاروق الأول، ملك مصر والسودان، يوم الأربعاء 10 صفر 1364 هـ الموافق 24 يناير 1945م. عُقد اللقاء في سهل منبسط بين مدينة ينبع وجبل رضوى المطل على البحر الأحمر شمال شرقي ينبع. جاء هذا اللقاء بهدف توطيد العلاقات بين البلدين ووضع أسس تأسيس جامعة الدول العربية، كامتداد لبروتوكول الإسكندرية الذي عُقد قبلها بعام واحد. شهدت القمة تنظيمًا استثنائيًا، حيث شُيدت ألفا خيمة مفروشة بالسجاد ومزودة بالأثاث، وجرى تقسيمها إلى معسكرين، أحدهما للملك فاروق ومرافقيه، والآخر للملك عبدالعزيز والأمراء والمسؤولين السعوديين. كما أُقيم استعراض عسكري ضخم بمشاركة 6,000 جندي، وتم توفير أكثر من 360 سيارة لنقل الضيوف.
استمر اللقاء ثلاثة أيام، تخللتها زيارة الملك فاروق للمسجد النبوي في المدينة المنورة، وأسفر عن توقيع اتفاقية “قمة رضوى” التي شكلت حجر الأساس لتأسيس جامعة الدول العربية. يُذكر أن هذا الحدث تم ترتيبه بعناية فائقة، حيث أُضيئت الخيام بالكهرباء وزُودت بالماء الساخن والبارد، ووصفت الخيام الملكية بأنها تضاهي أفخم الفنادق. ويُعد هذا اللقاء محطة تاريخية بارزة، ساهمت في تعزيز التعاون العربي المشترك ووضع اللبنات الأولى للوحدة بين الدول العربية.
وفي هذا النطاق اكتشف جبل احد المعلم الديني التاريخي في قلب المدينة المنورة.
سلسلة جبال السروات
جبال السروات هي واحدة من أبرز السلاسل الجبلية في المملكة، وتمثل الجزء الجنوبي من المرتفعات الغربية التي تمتد من حدود الجمهورية اليمنية جنوبًا حتى شمال مدينة الطائف. تبدأ السلسلة بتلال ساحلية منخفضة ترتفع تدريجيًا كلما تقدمت نحو الشرق، حيث تُعرف منطقة الالتقاء بين التلال والسفوح الغربية بـ”الحُبَاطة”. تتميز السفوح الغربية بانحدارها الحاد نحو الغرب، مما يؤدي إلى تكوّن أودية ضيقة ذات جوانب مرتفعة تصب في البحر الأحمر. أما المرتفعات العالية، فتبدأ من خط تقسيم المياه، حيث تتجه الأودية إما غربًا نحو تهامة أو شرقًا نحو المناطق السهلية الداخلية، ما يجعل هذه الجبال غنية بالتنوع التضاريسي والجغرافي.
قمم جبال السروات
تضم جبال السروات العديد من القمم المرتفعة التي تُعد من أبرز المعالم الجغرافية في المملكة. من بين هذه القمم جبل السودة، الذي يبلغ ارتفاعه 3,015 مترًا، ويُعد الأعلى في السلسلة، يليه جبل فِرْواع (3,004م)، وجبل نطفاء (2,971م)، بالإضافة إلى جبال المجاز، الصهلاء، ومنعا. وتنبع من هذه الجبال أودية عميقة ذات مجارٍ مميزة، من أشهرها أودية خلب، جازان، ضمد، بيش، حلي، الليث، والأحسبة. كما تغطي بعض أطراف هذه الأودية طفوح بازلتية تُعرف بالحرات، مثل حرة نواصف، البرك، والسراة، ما يضفي على جبال السروات طابعًا جيولوجيًا متنوعًا وجمالًا طبيعيًا يجذب الزوار ومحبي الاستكشاف.
وصلنا إلى نهاية مقالنا حول جبل رضوى الذي تناولنا في بدايته نبذة تعريفية حول الجبل، موقعه، وارتفاعه الشاهق. ثم تناولنا التاريخ العريق الذي يمتاز به، أخيرًا تعرفنا على سلسلة جبال السروات التي تعد جبال رضوى جزء منها. للاطلاع على مزيد من المقالات المفيدة التي تقع ضمن هذا الإطار وغيره من المواضيع الشيقة ننصحك بزيارة مدونة بيوت السعودية لتجد فيها كل ما يثير اهتمامك. على سبييل المثال يمكنك الاطلاع على مقال جبال فيفا جازان … أعجوبة طبيعية من صنع الخالق.