في أعماق جنوب السعودية، وسط الطبيعة الخلابة لمنطقة جازان، تقف جبال القهر شامخةً كتحفة جيولوجية مميزة، تحمل في طياتها أسرارًا ضاربة في عمق التاريخ، تتميز هذه الجبال بتضاريسها الوعرة وصخورها العملاقة التي تشكلت عبر ملايين السنين، مما جعلها مقصدًا لعشاق المغامرة والاستكشاف، وفي هذا المقال سنتعرف على كل ما يتعلق بهذه الجبال.
تعد جبال القهر، المعروفة سابقًا بجبل زهوان، من أبرز المعالم الطبيعية في المملكة عامة، تقع هذه الجبال في محافظة الريث بمنطقة جازان، جنوب غرب السعودية، وتبعد قرابة 130 كيلومترًا إلى الشمال الشرقي من جازان، ويصل ارتفاعها إلى أكثر من 2000 مترًا فوق سطح البحر، وتتميز بتكويناتها الصخرية الفريدة وأشكالها المخروطية المتناسقة، مما يجعلها وجهة مثالية لعشاق الطبيعة والمغامرة.
أهم المعلومات والتفاصيل حول جبال القهر
تعد هذه الجبال جزءًا من المرتفعات التهامية ضمن سلسلة جبال السروات، التي تمتد من الحدود الجنوبية مع اليمن وصولًا إلى شمال مدينة الطائف، وتصنف ضمن أعلى المرتفعات في السعودية وأكثرها تضاريسًا وتعقيدًا، كما أنها مأهولة بالسكان، حيث تنتشر فيها عدة قرى، يمر عبرها طريق معبد يربطها بالطريق العام عبر بلدة الحقو، والتي تتصل بدورها ببلدة بيش عبر طريق معبد آخر.
وتعد هذه الجبال واحدة من 9 مرتفعات جبلية بارزة في منطقة جازان، مما يجعلها معلمًا طبيعيًا مميزًا في المنطقة، كما تتميز هذه الجبال بتنوع وكثافة غطائها النباتي، حيث تحيط بها مجموعة من الأودية التهامية التي تصب في وادي لجب، ما يجعلها بيئة مثالية لنمو النباتات. ويزدهر هذا الغطاء النباتي على ضفاف الأودية، ويشمل مجموعة متنوعة من الأشجار، مثل الشطب، الذي يشبه النخيل، إضافة إلى العرعر وأنواع مختلفة من الصنوبريات، وفيما يلي أهم التفاصيل حول هذه الجبال:

موقع جبال القهر
سبق الذكر أنها تقع في الريث في جازان، تحدها من الشرق سلسلة من الجبال والأودية التي تفصلها عن محافظة الفرشة التابعة لظهران الجنوب في منطقة عسير، بينما تحيط بها من الغرب عدة أودية تصب في وادي بيش وجبل القهرة “المائدة”، أما من الشمال، فيحدها وادي بيش بروافده، ومن الجنوب يقع الجبل الأسود.
تسمية جبل القهر
تعزى تسميتها إلى صعوبة تسلقها، حيث أنها تقهر كل من يحاول الوصول إلى قممها بسبب انحداراتها الحادة وارتفاعاتها الشاهقة، بالإضافة إلى ذلك، يشار إلى أن التسمية قد تكون مرتبطة بحرب القهر التي وقعت في المنطقة، ورغم هذه التسميات، لا يزال البعض يطلق عليها اسم جبل زهوان.
جيولوجية جبال القهر
تعرف هذه الجبال بتكويناتها الصخرية الفريدة وأشكالها المخروطية المتناسقة، إلى جانب انكساراتها الحادة، وسفوحها الشاهقة، وأخاديدها العميقة، وأوديتها الضيقة، وتتكون من صخور صلبة للغاية، مما يجعلها مقاومة لعوامل التعرية الطبيعية، ومن الطرف الشرقي، ينحدر منها وادي لجب على شكل أخدود أو صدع انكساري، ويمتد لمسافة 11 كم من الشمال إلى الجنوب، حيث يلتقي بعد 3 كم بصدع آخر يمتد لمسافة 2 كم، مما يضفي عليها طابعًا جيولوجيًا مميزًا.
تاريخ جبل القهر
يعود تاريخ جبال القهر إلى حقب زمنية موغلة في القدم، حيث اكتشف الباحثون هياكل عظمية وجثامين ملفوفة بجلود طبيعية ومحفوظة داخل غرف صخرية يعود عمرها إلى أكثر من 3,000 عامًا، كما تم العثور على آثار أقدام، رسومات، ونقوش فنية متقنة تعكس براعة الحضارات التي استوطنت هذه المنطقة قديمًا، كما أنها تضم نقوشًا صخرية قديمة تروي تاريخ الحضارات التي استوطنت المنطقة عبر العصور، وتشير الدراسات إلى أن هذه الجبال كانت ممرًا استراتيجيًا للقوافل التجارية في الماضي، مما يعكس أهميتها الاقتصادية والاجتماعية.
ووفقًا لدراسة أجراها الدكتور زراق الفيفي، عضو هيئة التدريس بقسم الأحياء في جامعة جازان، تشير الشواهد الجيولوجية في جبل القهر إلى أنها كانت مغمورة تحت مياه البحر في العصور الماضية، ويستدل على ذلك بوجود بقايا هياكل وأحافير لكائنات بحرية، مثل المراجين الحجرية، وأصداف القواقع البحرية الملتصقة بالصخور، والتي تعيش عادةً في أعماق البحار والمحيطات، كما تم العثور على ترسبات كلسية عند قاعدة الهياكل المرجانية، بالإضافة إلى حبيبات الملح البحري المترسبة في بعض الطبقات الرسوبية، مما يؤكد أصلها البحري القديم.

السياحة في جبال القهر
بفضل موقعها الجغرافي المميز، أصبحت هذه الجبال مقصدًا مثاليًا لعشاق السياحة والمغامرة، حيث توفر أجواءً باردة ونقية، وفرصة لتسلق جبالها الأسطوانية، واستكشاف دروبها ووديانها، كما أنها تتيح لزوارها فرصة التمتع بالمناظر الطبيعية الخلابة وسط أجواء هادئة. وإلى جانب جمالها الطبيعي، تحتضن الجبال شواهد تاريخية ونقوشًا أثرية تعود لآلاف السنين، مما جعلها وجهة مميزة لمستكشفي الجبال وعلماء الآثار من داخل المملكة وخارجها.
بالإضافة إلى ما سبق فإنها تستقطب أهالي المحافظة والزوار على مدار العام، لما تزخر به من معالم طبيعية ساحرة، ويشير أحمد الوبراني إلى أن أبرز هذه المعالم تشمل وادي لجب، الحدائق المعلقة، والكهوف العملاقة، التي تعد مقصدًا مثاليًا لعشاق المغامرات والتخييم. ومن جانبه، أكد فيصل الريثي على الارتباط العميق بين الأهالي وهذه الجبال، مشيدًا بجهود هيئة التراث في توثيق النقوش الصخرية وتطوير المنطقة للحفاظ على إرثها التاريخي والثقافي.
وفي الختام تم التعرف على جبال القهر وهي جبال واقعة في محافظة الريث في مدينة جازان، ويعد من أبرز المعالم التاريخية فيها، وهو ضمن سلسلة جبال السروات، بالإضافة إلى ذلك، تم الحديث أكثر حول الجبال من حيث موقعها، سبب تسميتها، تاريخها، جيولوجية جبل القهر، وكذلك السياحة فيها، كما تم ذكر المزيد من التفاصيل الأخرى.
إذا أردت التعرف على معلومات أخرى حول جبال فيفا في جازان، يمكنك الاطلاع على مدونة بيوت السعودية.