ما هي انماط التصميم المعماري في السعودية على مدى التاريخ، وكيف ساهمت في التطور العمراني ؟ ببساطة شديدة ، الطراز المعماري هو مجموعة من الخصائص والمميزات التي تمكننا من التعرف على أي مبنى بسهولة،وقد يشمل المواد المستخدمة في البناء أو حتى طريقة البناء.
الطراز المعماري السعودي يعكس ايدولوجيات المجتمع في القرون الماضية، أصبح الآن وسيلة فنية وتعبيرية. كما تتباهى كل من المدن الكبرى في العالم بمجموعة من الطرز المعمارية الخاصة بها والتي تعطي انطباعا مختلفا عن المدن الأخرى.
وقد نبعت هذه الأنماط من واقع التباين المناخي والإقليمي فيما بينها، كذلك من واقع اختلاف العوامل المؤثرة على هذه الأنماط سواء خارجية أو داخلية، إلا انه مهما اختلفت هذه الأنماط وتباينت، فهي تتحد جميعها في الثوابت المرتبطة بالقيم الإسلامية والتراث المحلي.
التطور العمراني في المملكة العربية السعودية
تاريخ التطور العمراني يبين لنا أن اتجاهات التصميم الداخلي في السعودية تتغير وفقا للمعتقدات، والأيديولوجيات، والتقنيات المتاحة في كل حقبة زمنية. في حين أن الهندسة المعمارية تستمر في النمو والتغيير، لا تزال بعض الطرز وأساليب البناء القديمة موجودة وبارزة حتى يومنا هذا ويمكن أن نراها في جميع أنحاء العالم، سواء في المباني أو المساجد أو المتاحف والمعارض الفنية.
يمكن التعرف على أنماط متميزة للمساكن التقليدية بالمملكة العربية السعودية ..
العمارة الإسلامية
بصفة عامة، يمكن التعرف على 3 أنماط متميزة للمساكن التقليدية الإسلامية بالمملكة العربية السعودية. وقد نبعت هذه الأنماط من واقع التباين المناخي والإقليمي فيما بينها، كذلك من واقع اختلاف العوامل المؤثرة على هذه الأنماط و التطور العمراني سواء خارجية أو داخلية، إلا إنه مهما اختلفت هذه الأنماط وتباينت ، فهي تتحد جميعها في الثوابت المرتبطة بالقيم الإسلامية والتراث المحلي. هذه الأنماط الثلاثة هي:
العمارة الحجازية
وهي تنتشر في الإقليم الغربي للمملكة حيث نجد المناخ الحار الرطب على الساحل الذي يتحول إلى المناخ الحار الجاف كلما اتجهنا شرقا إلى الداخل، نجد أن وجود مدينة جدة كميناء تجارية، كان له كبير الأثر على الطابع العام للعمارة الحجازية، فأثر التبادل التجاري مع الدول المتقدمة المختلفة على تقنيات البناء في مدينة الحجاز منذ أيام الحكم حيث ظهرت مواد بناء غير محلية، وأما عن أسلوب البناء فأبرز ما يميزها هي كل ما يلي:
- يشابه أسلوب بنائها بلاد الشام ومصر.
- يوجد استخداماً واضحاً للمشربيات (عنصر بناء إسلامي ويدل على حاجز مزخرف يوضع أمام الفتحات من أجل الخصوصية) الإبداعية الإسلامية والزخارف التي تم تركيبها على الفتحات والشبابيك، وذلك استوحي من العمارة المصرية.
- كون البيئة حارة ورطبة، فتميز هذا الأسلوب باستخدام الفناء الداخلي الذي يتخذ شكلاً منتظم مثل المربع والمستطيل، ويوجد به نافورة أو أي من مصادر المياه لتلطيف المناخ داخل المنزل.
- يشابه هذا النمط المعماري، النمط المصري القديم وقت الانفتاح على أوروبا، بمزيج مع الروح الإسلامية والخصوصية الأسرية، حيص ترتفع هذه المباني إلى 4 و 7 أدوار للتأقلم مع المناخ الحار والرطب، حيث يسمح بحركة الهواء من خلال الارتفاع.
- مادة البناء هي الطوب والحجر والجبس كمادة رابطة، أما الأرضيات والأسقف الداخلية فهي الخشب الذي كان يستورد قديماً من الخارج.
- التصميم الداخلي للمسكن يسمح بحركة الهواء خلال الغرف، كما توضح غرف النوم وغرف المعيشة في الطوابق العلوية لإعطائها أكبر فرصة لمرور الهواء من خلالها.
- المباني عامة غنية بالزخارف الخشبية أو الجصية المنحوتة في خطوط هندسية أو نباتية ز خرفيه رائعة،وكل ذلك يعمل على توفير مسطحات كبيرة من الظلال على واجهات المباني مما يقوي من خاصية مقاومة المبنى للحرارة الخارجية.
- تبنى المباني متباعدة من بعضها البعض، وذلك للسماح بحركة الهواء من حولها ولإعطاء أكبر مسطح ممكن لعمل المشربيات التي تسمح بمرور الهواء داخل المبنى.
عمارة النجد في الإقليم الأوسط من المملكة
وهي طراز العمارة بالمناطق الصحراوية بشبه الجزيرة العربية الذي تتميز به المنطقة الوسطى من المملكة العربية السعودية، وهذه المنطقة ذات مناخ حار جاف. وأما الذي يميز هذا الطراز هو كل ما يلي:
- وجود الفناء الداخلي الذي لا يعمل كملطف مناخي فقط، بل يوفر أعلى درجات الخصوصية للأسرة داخل المسكن.
- تستمد عمارة هذا الإقليم طابعها من البيئة الصحراوية المحيطة وهي شبيهة بالبيئة الصحراوية في بعض مناطق تونس والمغرب وإيران التي تستخدم الأفنية كحل مناخي وينعكس ذلك في قلة الفتحات الخارجية – وعند وجودها تكون ضيقة – بينما تتوجه كافة الغرف والخدمات الأخرى إلى الفناء الداخلي للمسكن الذي تفتح عليه الأبواب والنوافذ المحمية بواسطة ممر مغطى حول الفناء وعادة تتخذ الأفنية أشكالا غير منتظمة تتجمع حولها الغرف
- تستخدم الحجارة مع الطين والحوائط السميكة توفر درجة عالية من الثبات الحراري داخل المبنى وعادة يستخدم الجبس والطين كمادة رابطة، ويستخدم الجبس في البياض أما الأسقف فتكون من الخشب أو جذوع وأفرع النخيل
- تكون من الداخل غنية بالزخارف والنقوش الهندسية الرائعة، كذلك تستخدم الألوان المختلفة في تزيين الأبواب والنوافذ والأسقف، مما يضفي على المنزل البهجة وسط البيئة الصحراوية من حوله.
- تتواجد المساكن متلاحمة مع بعضها بحيث تظلل على بعضها وهذا يأتي استجابة للطبيعة المناخية الشديدة الحرارة، وبساطة العمارة النجدية يمكن أن تعتبر نابعة من بساطة البيئة الصحراوية المحيطة، ومن ناحية أخرى يمكن اعتبارها انعكاسا لتعاليم الدين الإسلامي في احترام حرمة البيت وأهله.
العمارة الحديثة
كثيرا ما تنتقد العمارة الحديثة في المملكة العربية السعودية ، سواء في الصحف المحلية أو المجلات المتخصصة أو الكتب المعمارية . ويتركز هذا النقد على كون العمارة الحديثة عمارة مستوردة ، بعيدة عن ” العمارة الإسلامية ” وأنها لا تتلاءم مع بيئة المملكة الصحراوية الحارة ، وأنها أدت إلى اختفاء الطرز المعمارية التقليدية وضياع الهوية المعمارية في المملكة .
إذاً ماذا تعني العمارة الحديثة؟
هي فترة معمارية ذات اتجاه يضم مجموعة من المدارس والأساليب المعمارية التي لها خصائص متشابهة، والتي تشترك في المقام الأول بتبسيط الأشكال ونبذ الزخرفة مما يتعارض والأساليب المعمارية الإسلامية الأصيلة وجعلها تتعرض للانتقادات اللاذعة في المملكة العربية السعودية ولكن تكمن أهميتها في كونها طريقة للتواصل مع العالم الخارجي حيث أن العمارة الحديثة هي عمارة مشتركة بين كافة دول العالم المتقدمة، فلنتعرف سوية على أمثلة عن العمارة الحديثة في المملكة العربية السعودية
العمارة الاسلامية الحديثة
تلف المشهد قليلًا في عالم الممارسة المعمارية. جلب النصف الثاني من القرن التاسع عشر أول المهندسين المعماريين
الغربيين إلى مختلف العواصم الإسلامية الكبرى مثل إسطنبول والقاهرة ودلهي وطهران، وبعد ذلك بقليل إلى عواصم أصغر مثل الرباط ودمشق وبخارى.
عمل هؤلاء المعماريين للحكام المحليين أو لطبقة التجار الدوليين الصاعدة، والتي عمل بدورها في كنف القوى الاستعمارية. قدم بعضهم الأساليب الجديدة السائدة في أوروبا، مثل التصميمات النيوكلاسيكية والنيوباروكية وتصميمات الأرت نوفو (Art Nouveau) والأرت ديكو (Art Deco) وحتى التصميمات الحداثية، وربما كان ذلك لتأكيد حداثتهم – والأهم من ذلك – لتأكيد حداثة أربابهم ولحاقهم بما هو جديد.
فيما حاول آخرون الحالة إلى العمارة التاريخية في تصميماتهم كوسيلة للتواصل مع ثقافة وتاريخ الأماكن التي وجدوا أنفسهم يعملون فيها. وطلبًا لإدراك هذه الغاية فقد استعاروا عناصر معمارية وزخرفية من عدد من التقاليد المعمارية التاريخية، بعضها إسلامي وبعضها وُجد قبل الإسلام، وأدمجوها في مجموعة من الأساليب الجديدة (neo-styles):
فهناك النيو مملوكية، والنيو مغاربية، والنيو إسلامية (أو الهندوسية-الساراسينيكية)، وكذلك النيو فرعونية والنيو ساسانية والنيو حثّية (نسبة إلى الحيثيين). لكن هؤلاء المعماريون، مثلهم كمثل الباحثين الذين كانوا على اتصال بهم، رأوا أن هذه التقاليد المعمارية، بما في ذلك العمارة الإسلامية، هي تقاليد عفا عليها الزمن إذ لم يُكتب لها أن تقفز بشكل أو بآخر إلى العصر الحديث. وبالتالي كان لا بد من توثيقها وتحليلها وتصنيفها قبل دمج أي من عناصرها الشكلية أو المكانية في مراجع تصميمات الأساليب الجديدة.
اتبعت عملية التحليل المعماري تلك المعايير الغربية المعمول بها، وبخاصةٍ عمارة الفنون الجميلة (Beaux-Arts) القادمة من روما واليونان. كانت الأساليب “الإحيائية” الناتجة مشابهة عمليًا لأعمال المعماريين الغربيين الإحيائيين، وربما كان الاختلاف الوحيد هو رجوعهم لمراجع “إسلامية”.
العمارة ما بعد الحداثة في السعودية
كان التحول التاريخي الهام التالي في مجال العمارة الإسلامية هو التعبير عن أيديولوجية ترى “الإسلام” هوية.
وقد حثّ على هذه العملية المُساء فهمها والتي ما زالت قيد التطور ظاهرتان، على الأقل، مختلفتان اقتصاديًا وتاريخيًا وسياسيًا، على الرغم من كونهما ضد بعضهما بعضًا.
كانت الظاهرة الأولى هي ظهور حركات سياسية إسلامية مختلفة في سبعينيات القرن الماضي في معظم البلدان الإسلامية، بعد سكون واضح دام حوالي ثلاثين عامًا قبلها.
في أعقاب الثورة الإسلامية الإيرانية المظفرة عام 1979، سعت الحركات السياسية الإسلامية إلى العودة، بحسب زعمهم، إلى أسس أكثر أصالة للحوكمة في الأمة الإسلامية. وقد كان يُنظر إلى هذه الحركات كرد فعل على إخفاقات الدول القومية في مواجهة التدخلات الأجنبية والفساد الأخلاقي. ومع ذلك، رغم هجماتهم العنيفة والضارية على ما رأوا في جميع الواردات الثقافية الغربية من فساد، فإن هذه الحركات السياسية تجاهلت بشكل غريب الملامح المفاهيمية للعمارة، بما في ذلك العمارة الدينية التي شُيدت باسم العمارة الإسلامية.
أما أكثر الأعمال تنوعًا فكان عمل هؤلاء المهندسين المعماريين الذين انغمسوا في وفرة ما بعد الحداثة لإنتاج تراكيب شكلية صاخبة. وهو الاتجاه الذي تُوج بالبنى الهائلة التي تنتجها الشركات العالمية الكبرى العاملة في الخليج.
كيف تحولت العمارة في السعودية إلى إسلامية معاصرة؟
إذ قام هؤلاء المصممون الأجانب بإعادة تفسير الرموز البصرية والزخارف التاريخية واستخدموها في تصميمات بالغة الأناقة، مثل صالة الحجاج العملاقة في مطار جدة، والتي صممتها شركة SOM في عام 1982، وهي مستوحاة من الخيمة البدوية.
تظل علاقة العمارة الإسلامية و التطور العمراني بنظيرتها الغربية هي في الواقع المشكلة الرئيسة التي لا يزال يتعين عليها حلها كي تحصل على مكانها الصحيح كعنصر نشط ومساهم في المعمار العالمي.
حتى ثمانينيات القرن الماضي على الأقل، لطالما كان السرد الزمني للمعمار الغربي و التطور العمراني ، من أصوله الكلاسيكية المزعومة إلى ذروته المظفَّرة في العصر الحديث، هو ما يشكل النواة الحية للخطاب المعماري، دافعًا معمار الثقافات الأخرى إلى أماكن هامشية في تسلسله الهرمي المحدد مسبقًا.
علاوة على ذلك، فقد شجع التأريخ الرسمي للعمارة الغربية (وهي عادة ما تسمى عمارة فحسب)، نزرًا لتراثها الموقر وقوتها المؤسسية، بل طلب، دراسة التقاليد المعمارية الأخرى لحصرها في أزمنة ومساحات وثقافات محظورة بوضوح.
وهكذا اعتُبرت العمارة الإسلامية، مثلها مثل العديد من التقاليد المعمارية الأخرى غير الغربية (ويوضح المصطلح نفسه بجلاء المأزق التصنيفي لهذه التقاليد) نقيضًا للعمارة الغربية: فهي محافظة في حين كون العمارة الغربية تقدمية؛ أنواعها الشكلية ثابتة، مقارنة بأنواع العمارة الغربية ذاتية التطور؛ كما أنها تعكس الضرورات الثقافية لا الذاتية الفردية الإبداعية التي تُعزى إلى العمارة الغربية.
ولكن، أولًا وقبل كل شيء، فإن العمارة الإسلامية كان يُنظر لها باعتبارها تقليدًا ذا مسؤولية جماعية، يندر فيه المطالبة بالإبداع في التصميم، باستثناء الحالات القليلة المشهورة مثل المعماري العثماني الكبير سنان (1489-1588).
لذلك، فقد كانت العمارة الإسلامية عمارة من الصعب دراستها وفق الخطوط المفاهيمية للعمارة الغربية؛ ومع ذلك، فما من منظور منهجي آخر تم تطويره لاستيعاب مسارها الخاص أو تناسقها الداخلي مع مراعاة تنوعها الإقليمي أو الإثني أو الوطني.
أمثلة على العمارة التراثية في السعودية
قرية تبوك
يحاكي تصميم قرية منطقة تبوك التراثية، التي تقع على مساحة 6500 متر مربع جغرافية وتاريخ المنطقة، وتجسد محافظاتها الداخلية والساحلية من ناحية التراث العمراني والألوان والفنون،
البيت الجوفي
تميز بيت منطقة الجوف التراثي الذي استغرق إنشاؤه عاماً كاملاً، ويقع على مساحة إجمالية بلغت 8400 متر مربع، بنموذج مسجد عمر بن الخطاب الذي يتضمن أول مأذنة في الإسلام، والأدوات المستخدمة في بنائه أبرزها الحجر الطبيعي الذي تشتهر به المنطقة، كما روعي في تصميمه الطبيعة الجغرافية للمنطقة وتاريخها العريق وما تتميز به من موروث شعبي وثقافي إلى جانب المواقع الأثرية التي تنتشر في مختلف المواقع وتمثل حضارات متعاقبة لها خصوصيتها في الطراز المعماري وأيضاً في الألوان الشعبية والأزياء.
قرية الباحة
جذبت قرية الباحة التراثية زوارها بتصميمها الفريد والمستمد من بيئتها المحلية فمدخل القرية والتصميم والشكل الجمالي يوحي للزائر بأنه وسط منطقة الباحة، حيث تم تصميمها على شكل حصنين عاليين تم بناؤهما بطريقة هندسية مميّزة مستوحاة من تراث المنطقة وتم ربطهما مع بعضهما بممر.
قرية عسير
تمتاز قرية عسير بالجنادرية ببناء هندسي مميز وفريد يمثل إلى حد كبير جميع مناطق عسير سواء الجبلية أو النواحي الشرقية (السهول) ومنطقة تهامة.
لقد مرت المملكة العربية السعودية بعصور مختلفة وتراث عريق جعلها من البلدان الأساسية في تكوين الشرق الأوسط ودعم الوطن العربي، وما تزال عمارتها القديمة و التطور العمراني حاضراً شاهداً على ذلك، وعمارتها الحديثة معلماً يدل على رفعتها وحرصها الدائم على التقدم ومجاراة العصر والنهضة، لعل تاريخنا الزمني عن التطور العمراني في المملكة العربية السعودية قد أثار بك الفضول نحو اكتشاف هذا العالم الشاسع من عناصر معمارية قديمة وحديثة وكيف شكلت السعودية اليوم مجتمعة معاً، إن أعجبك هذا المقال اطلع على مواضيع مشابهة في مدونتنا مثل التراث العمراني في السعودية، ومشروع برج الساعة في مكة المكرمة وغيرها من المواضيع الشيقة للغاية.