عادةُ ما يرد إلى مسامعنا بين الحين والآخر؛ مصطلح التضخم في إشارةٍ إلى وضعٍ اقتصادي ذو حالةٍ وأبعادٍ خاصة وتأثيراتٍ كبيرةٍ ومهمّة تتطلب القيام بإجراءاتٍ متفاعلةٍ معه ومتفهمة لها ومُدركة الأسباب التي أفضت إلى حدوث التضخم، كما أنها واعية لما يحمله التضخم من تأثيرات، وما له من تبعات ومآلات، وفي حين يأتي التضخم على العديد من اقتصادات الدول المختلفة؛ فإن السعودية ليست بمنأىً أو بمعزلٍ عنه أيضاً، إذ يحجز التضخم لنفسه نصيباً من حالة الاقتصاد السعودي بين الحين والآخر أيضاً، وفي هذا السياق؛ فإننا نتناول الحديث في هذا المقال الحديث عن التضخم عموماً بما يشمل تعريفه، وأنواعه، والتطرق لأسبابه، وتأثيراته، وكيفية قياسه، كما سنوضح ونستعرض في الإطار ذاته؛ ما يخص التضخم في السعودية من معلومات وتفاصيل بما في ذلك التعريج على أسباب التضخم في السعودية وتبيان معدله ونسبته أيضاً.
ما هو التضخم الاقتصادي؟
يُعتبر التضخم أحد المصطلحات الأكثر تعقيداً وتداخلاً في القطاع الاقتصادي العالمي وذلك نظراً للعديد من العوامل والعناصر المؤثّرة والمُتحكمة به؛ وبينما ليس هنالك تعريفٌ واضح ومُتفق عليه بين الباحثين والمختصين بخصوص مفهوم التضخم على وجه التحديد؛ فإنها تختلف تعريفات الأمر عطفاً على الحالة التي يتوّلد فيها ويتمخض عنها إذ قد يحدث التضخم عادة وفقاً لأربع حالات متنوعة، سواءً كان متمثلاً بإحداها أو أكثر سويةً، وتتمثّل هذه الحالات الأربع إجمالاً بالتالية:
- الارتفاع المفرط في المستوى العام للأسعار
- تضخم الدخل النقدي أو عنصر من عناصر الدخل النقدي مثل الأجور أو الأرباح
- ارتفاع التكاليف
- الإفراط في خلق الأرصدة النقدية
وإجمالاً؛ فإنه يُمكن التعريف عن التضخم بمفهوم بسيط وواضح؛ بأنه الحالة الاقتصادية التي تتجلى بانخفاض القوة أو القدرة الشرائية شيئاً فشيئاً مع مرور الوقت وصولاً إلى إمكانية فقدانها واضمحلالها تماماً، الأمر الذي يعني عدم قدرة الأشخاص اليوم على شراء ما شروه بالأمس بنفس القدر من الأموال، وهذا ما يأتي على مختلف العناصر من المشتريات، ويُعبّر عنه عادةً بالتغيير السنوي في أسعار السلع والخدمات، وهو ما يحدث تِبعاً للعديد من الأسباب المختلفة من أبرزها ارتفاع التكاليف بما في ذلك تكاليف الإنتاج أو الاستيراد أو غير ذلك، والارتفاع الحاد والمفرط لأسعار السلع والخدمات، وارتفاع معدل الأجور أو الأرباح، والإفراط في طباعة العُملة المحلية.
التضخم في السعودية
فيما ارتفعت نسبة التضخم بالسعودية بانتهاء شهر يونيو من العام 2024 بمعدل 1.5 في المجمل مقارنةً بما كان عليه حال التضخم الاقتصادي في السعودية أثناء شهر يونيو من العام الماضي 2024 وفقاً لبيانات الهيئة العامة للإحصاء في المملكة؛ فإنه يحافظ معدل التضخم في السعودية عموماً على مستوىً معقول ونِسب متوازنةً بالمقارنة مع معظم الدول في العالم، ويعود هذا الاستقرار والاتزان لمتانة الاقتصاد السعودي وكفاءة وفاعلية الإجراءات المتخذة والمتبعة حيال احتمالات تفاقم التضخم في المملكة، وفي حين توضح وكالة “كابيتال إيكونوميكس” البحثية أن مؤشرات التضخم بالسعودية تُشير إلى بقائه منخفضاً عموماً بالمقارنة مع ما سوى السوق السعودي من الأسواق الناشئة وصولاً إلى العام 2025 بشكلٍ مبدأي؛ فإنه لا بُد من النظر في أسباب التضخم في السعودية ومعايير قياسه وتأثيراته أيضاً، وهذا ما نستعرضه ونأتي عليه تالياً:
أبرز اسباب التضخم في السعودية
تتمثل الأسباب الأكثر شيوعاً وتأثيراً لحدوث التضخم في الأسواق العالمية عموماً؛ بكُلٍ من ارتفاع الطلب على السلع والخدمات من قِبل المستهلكين مع توفر الملآئة المالية أو القدرة الشرائية، إلى جانب حالات انخفاض توفر السلع والخدمات، وبالتالي تفوق حجم الطلب على قدر المعروض من السلع والخدمات، مما قد يُفضي غالباً إلى ارتفاع الأسعار من ثم حدوث التضخم، ضِف إلى ذلك ما قد يطرأ من ظروف طارئة وضغوطاتٍ على قطاعات الخدمات؛ بما في ذلك العزوف عن الطلب على قطاعاتٍ بعينها والانتقال إلى الطلب على قطاعاتٍ أخرى؛ مما قد يتسبب بالكساد والتضخم في بعض الأحيان، وكذلك فيُمكن أن تتبدّى أسباب التضخم الاقتصادي بظروفٍ وتطورات غير ذات صلة بالظروف الاقتصادية على وجه التحديد، بما في ذلك الإنتاج المحدود من المشتقات النفطية على سبيل المثال، أو المشاكل في سلاسل التوريد العالمية، أو الحروب والنزاعات بين الدول، وما سوى ذلك من الأسباب الأخرى المشابهة، وهذا ما يُمكن أن يقود من طريق أو آخر إلى توضيح أبرز أنواع التضخم التي تتمثّل بكُلٍ من التالية:
- تضخم الأسعار: والمقصود منه الارتفاع المُفرط في أسعار السلع والخدمات
- التضخم في الدخل: وهو الذي يتبدّى بارتفاع الأجور أو الدخول، وازدياد الأرباح
- تضخم التكاليف: وهو الارتفاع في حجم وأسعار التكاليف في مختلف القطاعات
- التضخم النقدي: ويٌعبّر عن الإفراط في إصدار العملة النقدية المحلية
- تضخم الائتمان: وهو الارتفاع في حجم الائتمانات المصرفية
وبالعودة إلى اسباب التضخم في السعودية؛ فإنها قد تختلف من حينٍ لآخر؛ إلا أنها تتجلى أبرز وأهم هذه الأسباب؛ بارتفاع أسعار السلع والخدمات، بما يشمل في الطليعة كُلاً من أسعار المساكن أو أسعار العقارات في السعودية سواءً في حالة الشراء أو الاستئجار، ونفقات الكهرباء والغاز والأنواع الأخرى من الوقود، ذلك إلى جانب ارتفاع أسعار الأغذية والمشروبات والخضروات أو المحاصيل الزراعية عموماً، ضِف إلى ذلك الارتفاع في أسعار خدمات الضيافة مثل الفنادق والمطاعم والشقق المفروشة، والارتفاع قي تكاليف رسوم التعليم كذلك، وبدورها فإنها تُفضي الارتفاعات في أسعار السلع والخدمات من هذه القطاعات في إحداث نوعاً من التضخم بالسعودية خصوصاً إذا كان حجم الطلب عليها أكبر من قدر العرض الموجود منها.
سواءً في حالة الشراء أو الاستئجار، ونفقات الكهرباء والغاز والأنواع الأخرى من الوقود، ذلك إلى جانب ارتفاع أسعار الأغذية والمشروبات والخضروات أو المحاصيل الزراعية عموماً، ضِف إلى ذلك الارتفاع في أسعار خدمات الضيافة مثل الفنادق والمطاعم والشقق المفروشة، والارتفاع قي تكاليف رسوم التعليم كذلك، وبدورها فإنها تُفضي الارتفاعات في أسعار السلع والخدمات من هذه القطاعات في إحداث نوعاً من التضخم بالسعودية خصوصاً إذا كان حجم الطلب عليها أكبر من قدر العرض الموجود منها.
معايير قياس التضخم في السعودية
كغيرها من العديد من دول العالم؛ فإنه يُقاس معدل التضخم في السعودية بناءً على مراقبة الجهات والهيئات المختصة والخبراء المتخصصين القائمين عليها؛ لمؤشرات أسعار السلع والخدمات في المملكة، جنباً إلى جنبٍ مع دراسة مؤشرات النفقات والقدرة أو القوة الشرائية في السوق السعودي، ذلك إضافةً إلى حساب مدى توافر السلع والخدمات، وموازنة حجم العرض والطلب، والبقاء بمأمن من مخاطر الضرر التي قد تلحق بسلاسل الاستيراد والتصدير، والمخاطر والأزمات الأخرى التي قد تكون سبباً في حدوث التضخم.
تأثيرات التضخم في السعودية
بشكلٍ عامٍ؛ فإن لارتفاع معدل أو مستوى التضخم تأثيرٌ سلبي يتجلى في ارتفاع الأسعار، وارتفاع حجم الفوائد البنكية، وفي المقابل الانخفاض في سعر صرف العملة المحلية، والانخفاض بقيمة أسعار سوق الأسهم في البلد أو الدولة التي يصيبها التضخم، إلا أنه ومن ناحية أخرى وفي بعض الحالات الاستثنائية، فقد ينطبق المثل القائل “رُب ضرّة نافعة” على حال التضخم؛ إذ قد يُفضي الذي يأتي بارتفاعٍ مُعتدلٍ في الأسعار؛ إلى زيادةٍ في الأجور ونموٍ للوظائف، وبالتالي الخروج من أزمة التضخم بفائدة عُقب التعافي منها، وفي هذا الصدد فإن الأثر نفسه إجمالاً سواءً السلبي منه أو الإيجابي في الحالات الاستثنائية؛ هو الذي يُمكن أن يطال السعودية في حال ارتفاع نسبة التضخم في السعودية اقتصادياً، ولعلّ المطمئن بالأمر في هذا الإطار؛ أنه وفي ظل موجات الارتفاع العالمي في معدلات التضخم التي تصيب دولاً كثيرة في العالم في الآونة الأخيرة ومن بينها دولاً متقدمة؛ فإنه يراوح التضخم في السعودية مكانه عند الحدود المتوازنة والمنضبطة والمستقرة إلى حدٍ بعيدٍ، وهذا ما يعزيه الخبراء والمحللون الاقتصاديون إلى ديناميكية وحيوية الاقتصاد في المجتمع السعودية، جنباً إلى جنبٍ مع تمكّنه من حماية نفسه من الأزمات المحتملة.
بهذا نكون قد قدّمنا لك في هذا المقال؛ معلومات وافية ومتكاملة عن حال التضخم في السعودية بعد التعريف عن التضخم وتوضيح مفهومه بوجهٍ عام، كما أننا بيّنا معدل التضخم في السعودية حالياً، وأشرنا إلى استقرار نسبة التضخم في السعودية عند الحدود المعقولة والمتوازنة، وكذلك فأوردنا في هذا المقال بعضاً من أبرز وأهم أسباب التضخم الإقتصادي في السعودية ومعايير قياسه وتأثيراته أيضاً.
إذا كنت ترغب بالحصول على المزيد من المعلومات وقراءة العديد من المقالات الأخرى المهمّة والشيّقة؛ فإننا ندعوك لتفقّد مدوّنة بيّوت السعودية والبقاء على اطّلاعٍ بكُلِ جديدٍ أولاً بأول.