- الملابس التراثية
- الأكلات التراثية
- الفلكلور والفن الشعبي
- الطراز المعماري
- الثقافة الشعبية والآداب العامة
إن التراث مرآة الشعوب وصورتها المنطلقة إلى العالم، إذ يعكس تاريخها وحضاراتها وثقافاتها وقيم وعناصر مجتمعاتها، ولهذا فيحظى التراث الشعبي عموماً؛ بمكانة جليلة وعالية السمو، وبأهمية كبيرة تكمن في استمداد الأجيال الحالية واللاحقة لعاداتها وتقاليدها الخيّرة والحسنة مِن أسلافهم ومَن سبقهم من الأجيال في مجتمعهم.
وفي هذا الصدد؛ فإنه يحظى التراث السعودي بعراقة موغلة في التاريخ ويتميز بعناصره الحضارية الكثيرة والقيّمة، وبملامحه البهيّة والمُشرقة، وفي هذا المقال؛ سنستعرض بعضاً من أهم جوانب ومرتكزات تراث السعودية عبر المرور بإيجازٍ وافٍ على أبرز خانات أو حقول تراث المملكة بما يشمل الزي السعودي التراثي، وأنماط بيوت تراثية سعودية، والتعرّف إلى أهم الأكلات التراثية السعودية، وسِمات الشعبي السعودي وما إلى هنالك من أهم عناصر وملامح التراث الشعبي السعودي عموماً.
أبرز عناصر التراث السعودي الشعبي
يتميز التراث الشعبي السعودي بتمازجٍ من الأصالة والمعاصرة، بما يحوز عليه من قيم اجتماعية ودينية وإنسانية عريقة ومتجددة وكريمة وفاضلة، مما يُضفي عليه طابعاً أغرّاً وفريداً وجذّاباً إلى حدٍ بعيد، وفيما يزخر تراث السعودية بالعناصر والأوجه المهمّة؛ فإننا نتناول تالياً بعضاً من هذه الأوجه والعناصر لنخوض فيها بإيجازٍ وافٍ:
الملابس التراثية السعودية
فيما تتمايز وتتباين أنواع وأشكال الزي السعودي التراثي تِبعاً لاختلاف المنطقة داخل المملكة العربية السعودية؛ فإنها تتشابه بدرجةٍ كبيرة في ما بينهما لتنم عن انتمائها للبيئة نفسه والثقافة ذاتها، وهي التي تتصف بالاحتشام والرتابة والأناقة إجمالاً.
وبالنسبة للرجال؛ فتتمثل عناصر الملابس التراثية السعودية بشكلٍ أساسي في كُلٍ من الثوب العربي، والثُمامة أو الطاقية، والشماغ أو الغترة، والعقال، يضاف إليها البشت أو المشلح في بعض الأحيان خصوصاً أثناء المناسبات المهمّة والاستثنائية، أما في الأقدام فعادةً ما يُلبس النعال العربي أو الشرقي المفتوح، مع إمكانية استبداله بالحذاء التقليدي أو “الكندرة”.
ويُذكر هنا أنه قد يأتي الثوب العربي بعدةِ تصاميم تختلف في ما يخص الياقة والأكمام والنقوش والألوان وما إلى ذلك من التفاصيل، كما تجدر الإشارة إلى أنه يُلبس فوق رداء داخلي يتكون من بنطال وسُترةٍ علوية، وكذلك فقد يتكلل الثوب بقطعٍ أخرى من أدوات الزينة مثل المحزم أو الصديري وغيرها من القطع الأخرى المشابهة، وذلك كما هو الحال بالنسبة لما قد يتم ارتداؤه من الملابس فوق الثوب العربي فقد يُستبدل البشت أو المشلح بالدُقلة أو غيرها من أنواع الثياب المشابهة.
وإجمالاً؛ فكما أوردنا سابقاً؛ أنها تختلف أنواع هذه العناصر وتصاميمها باختلاف المنطقة والمدينة والمجتمع داخل المملكة ككل.
في ما يخص الزي السعودي التراثي للنساء؛ فإنه يقوم بصفةٍ أساسية على الستر والاحتشام إلى أقصى حدٍ؛ وهو ما يتمثل بالعباءة الطويلة والواسعة، والحجاب أو الخمار أو غطاء الوجه، وقد تتسم العباءة التي تُمثّل الملابس التراثية السعودية للنساء بخاماتٍ مختلفة كالحرير وما سوى ذلك، كما قد تترصع بتطاريز ونقوش وخيوط متنوعة بشكلٍ أنيق وبهي، ومن أمثلة العباءات النسائية التراثية في السعودية كُلاً من العباءة السوداء التقليدية، والثوب الهاشمي، والدرّاعة، والمكمم، والخرقة، والسمط، واللازم، والجرس، والخروص، والمطال، والخاتم، والحرز، والدنعة، والمقطع، وتختلف كُلاً من هذه الأزياء التراثية النسائية في تصاميمها وشكلها، وتحمل كُلاً منها دلالاتٍ على المنطقة التي تنحدر منها المرأة السعودية أيضاً.
وبالنسبة لعناصر الزينة الأخرى النسائية التراثية في السعودية؛ فتتمثل بالحُلي والحناء والمشغولات اليدوية والقطع الذهبية التي تُزيّن الألبسة وأغطية الرأس واليدين أيضاً.
الأكلات التراثية السعودية
يمتاز المطبخ التراثي السعودي بوجبات الطعام العائلية أو الجماعية تِبعاً للصبغة القبلية والعشائرية والعائلية المتماسكة التي يتصف بها المجتمع السعودي كما سواه من المجتمعات العربية والإسلامية، وفيما تختلف وتتنوع الأطباق أو المأكولات التراثية السعودية من منطقة إلى أخرى داخل المملكة أيضاً؛ فإنها تُعبّر بالمجمل عن طبيعة المنطقة، ومنُناخها، وبيئتها الزراعية، وأسلوب الحياة في الجزيرة العربية بشكلٍ عام وما طرأ عليها من تحديثاتٍ بفعل الاحتكاك والتبادل الثقافي مع الثقافات والمجتمعات الأخرى خصوصاً المجاورة منها أو القريبة.
ولعلّ من أشهر الأكلات التي تجدر الإشارة إليها على أنها تراث سعودي تناقله الأجيال؛ هي كُلاً من الكبسة السعودية بطبيعة الحال، والمندي، والثريد، والفريك، والمطبق، والسليق، والمعصوب، والجريش، والحنيذ، والقرصان، والسويق، والمطازيز، والعريكة، والحنيذ، وما إلى هنالك من الأكلات الأخرى الشهية والرائعة التي تعدها وتتناولها مختلف الطبقات والشرائح الاجتماعية في السعودية منذ سنوات طويلة حتى اليوم.
الفلكلور والفن الشعبي السعودي
تميزت المملكة العربية السعودية بتراثها الفني الشعبي المرتبط بطبيعة المجتمع والنابع منه أو المستوحى من عادات المجتمع وتقاليده وطقوسه وأحواله، ولقد توارثت الأجيال هذه الفنون الشعبية جيلاً بعد آخر في المملكة العربية السعودية حتى غدت فلكلوراً شعبياً، وإن كان مصطلح الفلكلور هنا يشير لكل ما يجري توارثه من عاداتٍ وتقاليد وثقافاتٍ وفنون حضارية، فإن الفن الشعبي أحد أهم وأبرز هذه العناصر التي تشكّل الفلكلور الشعبي مجتمعةً.
ويقوم الفن الشعبي السعودي عموماً؛ على مجموعة متنوعةٍ من الأغاني والعروض والرقصات والألعاب التي تُميز كُل منطقة عن الأخرى، وتتباهى بها أبناء هذه المناطق بوصفها سبيلاً للتعبير عن مجتمعهم ووحدتهم، إذ تقوم الفنون الشعبية التراثية في السعودية إجمالاً على أساس الوحدة والجماعة، وتعود أصول العديد من هذه الرقصات والعروض الغنائية إلى تأديتها قديماً في المناسبات الاجتماعية المهمّة كالتحضّر للإغارة على الأعداء وبث الرعب لديهم من خلال هذه الترديدات والرقصات المهيبة، أو الاحتفال في الأعراس ومناسبات الزواج، أو تحقيق الإنجازات والنجاحات، وما إلى ذلك من الأسباب والمناسبات الأخرى.
ولا بُد في هذه الصدد من الإشارة إلى التمايز والتباين اللذين تحفل بهما مناطق المملكة العربية السعودية بما تعتمده وتتميز به من فنون شعبية تراثية أصيلة وخاصة بها، ومن هذه كُلاً من العرضة النجدية في الرياض والقصيم والمنطقة الوسطى عموماً، والمجرور في مكة المكرّمة والمدينة المنورة والمنطقة الغربية بشكلٍ عام، والعرضة والمعشى والسيف والخطوة والمعراض في عسير ونجران وجازان وعموم المنطقة الجنوبية، والدحة والهجيني في الجوف والمنطقة الشمالية، ودق الحب والليوة والحصاد والفريسة والفجري والخماري في المنطقة الشرقية، وفي تتعدد هذه الفنون الشعبية وتختلف من منطقة إلى أخرى في السعودية، فلعلّها تتفق مناطق المملكة جميعها على عروض المزمار الشعبي والعديد من عروض الغناء والرقص والاستعراض الشعبي من التي تجري تأديتها في مناطق المملكة كافةً بوصفها مُعبراً جامعاً وعاماً عن التراث السعودي في هذا السياق.
الطراز المعماري التراثي السعودي
في حين تطوّرت واختلفت فنون العمارة في السعودية بعد اكتشاف واستخراج النفط بدءً من ثلاثينيات القرن الماضي لتصبح متشابهةً إلى حدٍ بعيد في مختلف المناطق والأقاليم؛ فإنه يُمكن للرائي ملاحظة وإدراك التمايز والتباين في الطرازات والأنماط المعمارية تِبعاً لاختلاف المناطق وطبيعتها وتكوينها لدى مشاهدة ومعاينة بيوت تراثية سعودية قديمة أو بيوت جديدة مُصممةً على الطراز التراثي السعودي، إذ تميّزت البيوت والأبنية التراثية في السعودية بكونها مستوحاةً من طبيعةِ المناطق والأقاليم التي تُبنى فيها داخل المملكة، ومما تحوز عليه كُلاً من هذه المناطق من عناصر وموارد طبيعية وتركيبةٍ جغرافية.
فلقد اتسمت مناطق وسط وشمال السعودية قديماً بالبيوت والمنشآت المبنية من الطين عطفاً على الطبيعة الصحراوية لهذه المناطق ومن الأمثلة على ذلك؛ كُلاً من حصن المصمك وقصر المربع في الرياض، وبرج الشنانة في القصيم، وقلعة القشلة في حائل، وتجدر الإشارة هنا إلى أنها قد تترصع البنايات في الشمال والشمال الغربي من السعودية في بعض الأحيان باشتمالها على اللِبن والحجر جنباً إلى جنبٍ مع الطين، وذلك تِبعاً لطبيعة المناطق وبيئاتها، ومن الأمثلة على ذلك؛ كُلاً من مسجد الخليفة عمر بن الخطاب، وقلعة مارد وبلدة العُلا القديمة.
من ناحية أخرى؛ فلقد بدت البيوت والأبنية التراثية في المنطقة الغربية من السعودية، قائمة بالاستعانة بالحجر المنقبي البحر، كما تيّزت المنازل في هذه المنطقة بنوافذ الرواشين وتميزت بتعدد الأدوار في عديد من الأحيان، وذلك كما يمكننا أن نلحظ في كُلٍ من منطقة مكّة المكرّمة، ومنطقة جدة التاريخية وعموم المناطق الغربية المُطلة على البحر الأحمر.
طبيعة الخليج العربي من جانبٍ آخر؛ كان لها تأثيرها الواضح على الطراز المعماري في المناطق الشرقية المُطلة على بحر العرب؛ فلقد تميّزت المساكن والعمارات التراثية في المنطقة الشرقية باستخدام الحجر الجيري المرجاني في بنائها، وتوظيف عناصر ومكوّناتٍ معمارية من قبيل “ملاقف الهواء” والنقوش الجصية المحفورة، وجذوع النخيل في الأسقف، وغيرها من العناصر الأخرى، ومن الأمثلة على هذه الأنماط المعمارية؛ كُلاً من بيت البيعة والمدرسة الأميرية في الهفوف وعموم الأحساء، وكذلك البيوت التراثية التقليدية في كُلٍ من القطيف ووسط الدمام أيضاً.
ولقد طغت كذلك الطبيعة الزراعية في المناطق الجنوبية على النمط والطراز المعماري فيها؛ وناهيك عن كون الأبنية كانت معتمدةً على الحجر وتعدد الأدوار أو الطوابق؛ فلقد استخدمت الألوان المستخرجة من الأصباغ النباتية في النقوش الداخلية، وهو ما غدى يُعرف بالفن العسيري على المستوى العالمي، وتبرز البراعة والمهارة كما يبرز التميّز بطريقة البناء في كنف الجبال الزراعية والخضراء في المناطق الجنوبية من السعودية، ومن الأمثلة على ذلك كُلاً من قرية العكاس والجبل الأخضر في أبها، وقرية رُجال التراثية في رجال ألمع، والقرية القديمة في منطقة النماص، وقرية ذي عين في الباحة.
وإجمالاً؛ فإن هذا ما يدُل على ما تزخر به المملكة من أنماط وطُرزٍ معمارية فريدة ومتميزةٍ بشكلٍ مُذهل ينم عن التنوع الجغرافي والثقافي الذي تحوز عليه البلاد، وتجدر الإشارة في هذا الصدد إلى استخدام “المشربية” في بيوت تراثية سعودية من مختلف المناطق داخل المملكة، وتُعرف المشربية بكونها فن معماري فريد وأنيق ومتميز انطلق من المنطقة العربية إلى العالم أجمع حتى اليوم، وهي تُستخدم كنظام تبريد للتخفيف من الحرارة العالية وتتخذ من إطارات النوافذ خصوصاً العالية منها مكاناً لها.
الثقافة الشعبية والآداب العامة التراثية السعودية
لا يقتصر التراث السعودي على ما سبق وأوردناه من عناصر رئيسية ومهمّة؛ وإنما يتجاوز ذلك ليغطي شتى الجوانب الاجتماعية والحضارية تقريباً، ومن ذلك الثقافة الأدبية وفنون الشعر والخطابة التي تُفعم الجزيرة العربية تاريخياً بقوالبهما وأنواعهما حتى اليوم، ومن ذلك الغزل، والمدح، والهجاء، والفخر، والرثاء، والغزل العذري، والمقال، والخاطرة، والخطبة، والقصص، والحكايا، والأمثال الشعبية البليغة والمليئة بالتوصيف والحكمة بإيجازٍ في عديدٍ من الأحيان، وإلى ما هنالك من الفنون الأدبية والشعرية الأخرى.
وفي سياقٍ آخر؛ فترتبط الشؤون الحياتية والاجتماعية كافةً بطقوسٍ وآداب وعاداتٍ وتقاليد ومحدداتٍ مكتسبةٍ من الموروث الحضاري العريق والموقّر بما في ذلك الضيافة، والزيارة، والمشاركة في الأفراح والأتراح، والعمل أو التجارة، والعلم أو التعلم والتعليم، والزراعة، والصحة، والحرب، والسلم، والدين وما إلى هنالك من القطاعات والمجالات الأخرى حتى أن الأمر يطال طريقة تحضير القهوة وتقديمها وشربها، وهو الأمر الذي يتصل بطقوسٍ وعاداتٍ إيجابيةً يُفضل اتباعها عادةً.
بهذا نكون قد قدّمنا لك في هذا المقال؛ معلومات وافية ومتكاملة عن أبرز عناصر التراث الشعبي السعودي العريق والأصيل والحضاري المتميز والذي يزخر بالقيّم الإيجابية الفضيلة والرائعة.
إذا كنت ترغب بالحصول على المزيد من المعلومات وقراءة العديد من المقالات الأخرى المهمّة والشيّقة؛ فإننا ندعوك لتفقّد مدوّنة بيّوت السعودية والبقاء على اطّلاعٍ بكُلِ جديدٍ أولاً بأول.