يُعد تصميم المباني أحد الأسس والركائز الأساسية التي تُسهم في تحقيق التمايز والاختلاف بين المُدن والمناطق والأحياء وحتى المباني نفسها من حيث الشكل والمظهر أو السمة العامة لها، ويقوم ذلك على عدة عناصر وعوامل بما يشمل كُلاً من شكل أو هيئة التصميم، ومتانة أو تماسك البناء، وتأدية المباني للأغراض أو الغايات المرجوة منها، وتلبية المباني لمعايير الأمان والسلامة العامة، وما سوى ذلك من العناصر أو العوامل الأخرى ذات الصلة.
وفي هذا السياق؛ فإننا نوضح في هذا المقال ما هو المقصود بمصطلح تصميم مباني أو عقارات، ونشرح بإيجازٍ كيفية التصميم وأسس ومعايير الأمر، كما نستعرض بعضاً من أبرز أنماط أو طرازات تصميم المباني أو العقارات، وكذلك فإننا نبيّن بعضاً من أهم المخالفات التي قد تقع على تصاميم مباني لم تستوفِ الشروط والمحددات المطلوبة لها.
ما هو تصميم المباني والعقارات؟
يشير المصطلح من حيث المعنى؛ إلى التطبيقات المعمارية الهندسية والتقنية الخاصة بالبناء بما يضع الخطوط العريضة لشكل التصميم آخذاً بعين الاعتبار كُلاً من المساحة، والتقسيم المناسب، والمظهر العام، وعدد الطوابق أو الأدوار، والمحددات القانونية للبناء، وتوزيع المداخل والمخارج والنوافذ، وضمان وصول الضوء والهواء للمباني، والحرص على تنفيذ معايير الأمان والسلامة العامة، واختيار الأدوات التي ينبغي أو سيتم استخدامها في البناء، والاهتمام بالسمات والعناصر الجمالية للتصميم، وما سوى ذلك من كل ما يتعلق بالانتهاء من إنجاز البناء على النحو الأسلم والأفضل والأمثل اعتماداً على العلوم والتطبيقات الهندسية، جنباً إلى جنبٍ مع الأفكار الإبداعية والخلّاقة للتصميم والتنسيق والديكور أيضاً.
ولا يقتصر المفهوم على هذا التعريف وحسب؛ وإنما يتأثر بمختلف العلوم والمعارف المتصلة بالإنسان؛ بما فيها الأنثروبولوجيا والتاريخ وعلم النفس والفلسفة والسياسة وغيرها، لتحاول فهم طرق تفكير الإنسان وسلوكياته وثقافته، والتعبير عن هذه العناصر بطريقة حضارية وخلّاقة أيضاً، كما يتأثر مفهوم تصميم المباني جوهرياً بأشكال الفنون الابداعية أيضاً، وهو الأمر الذي يعتمد على ثقافة المصمم أو المهندس المعماري ورؤيته الفنية والإبداعية التي تنعكس على طريقة عمله وأسلوب تنفيذ مشاريعه العقارية أو الإنشائية أو البنائية.
كيفية تصميم المباني والعقارات
تقع مسؤولية تصميم المبني على المهندس المعماري في المقام الأول، وهو الذي ينبغي أو يتشاور مع مالكي البنايات أو العقارات ويسمع منهم أو يستعرض ما لديهم من أفكار وتطلعات ومقترحات، من ثم يعرض عليهم ما يجول بخاطره من أفكار ورؤى، ليصلوا في نهاية المطاف إلى اتفاقٍ على الإطار العام لكيفية التصميم لأي مبنى أو العقارات بما يراعي أسس ومعايير ومحددات البناء وفقاً للطريقة الأسلم والأفضل والتي تلبي المتطلبات على النحو الأمثل بناءً على خبرة ومعارف المهندس المعماري ورؤيته، ولدى الانتهاء من وضع الخطوط العريضة لأفكار التصميم؛ فإنه يترجم المهندس المعماري بنفسه هذه الأفكار إلى رسومات ومخططاتٍ على الورق أو ينقل هذه المهمة لشخصٍ مختصٍ برسم مخططات التصميم ليجري نقلها في ما بعد إلى المهندس المدني أو المقاول الذي سيشرف على تنفيذ هذه المخططات على أرض الواقع استعانةً بأيدي ومهارات المهنيين والحرفيين والبنائين.
وفي ضوء ما سبق؛ فإننا نستعرض تالياً بعضاً من أهم الأسس والمعايير التي يتعين اتباعها والالتزام بها في سياق تنفيذ التصميم:
أسس التصميم والعقارات
فيما تختلف طُرق تصميم المباني السكنية عن تصميم المباني التجارية أو الصناعية أو حتى المباني الحكومية أو الصحية أو التعليمية أو الدينية أو غيرها؛ فإن هنالك بعض القواسم المشتركة التي تُعد أسساً لتصميم كُل من أنواع أو أصناف المباني والعقارات، ولعلّ أبرز هذه الأسس هي التالية:
- اختيار موقع البناء؛ وهو الذي يُمكن اختاره أولاً أو تأخيره حتى يتم الانتهاء من إعداد خطة البناء والتصميم
- تقدير الميزانية المرصودة للبناء والتصميم، وتقدير التكلفة الإجمالية التي سترافق تنفيذ التصميم المُختار للبناء
- إعداد خطة التصميم والبناء؛ وهي التي يُمكن وضعها في بادئ الأمر وقبل كل شيء أو الانتظار حتى تحديد الموقع والميزانية والتكلفة من ثم الشروع في إعدادها مع أخذ المحددات القانونية واعتبارات السلامة العامة وملائمة التطلعات بعين الاعتبار بطبيعة الحال
- فحص نوع التربية ومستوى منسوب المياه في المنطقة
- إصدار التصاريح والموافقات القانونية اللازمة للبناء من الجهات الحكومية المعنية بالأمر
- البدء بأعمال البناء وتنفيذ المخططات والتصاميم والتي عادةً ما تُستهل بأعمال الحفر والتسوية والردم اللازمة لإعداد الموقع، من ثم توصيل خطوط الكهرباء والماء والصرف الصحي، وتحديد مرافق التخزين المؤقتة، وإعداد أماكن إنشاء المرافق
- رفع الأساسات الخرسانية وبناء هياكل العقارات عليها
- وضع القوالب وعناصر التعزيز للبناء
- فحص أعمال التعزيز بشكلٍ دوري من المقاول ومن المهندس المسؤول
- إنشاء البُنية الفوقية بمجرد اكتمال أعمال البُنية التحتية
- بناء أسقف وجدران العقارات اعتماداً على الهيكل التأسيسي
- تركيب الأبواب والنوافذ المناسبة
- تمديد خطوط الكهرباء والمياه والصرف الصحي والغاز وما سوى ذلك من خطوط المرافق الأخرى
- تركيب عناصر التدفئة، والتهوية والتكييف
- القيام بأعمال العزل المائي والحراري للأسقف والجدران والأرضيات
- تنفيذ أعمال التبليط والأرضيات
- تشطيب الحوائط والأسطح
- إنجاز أعمال الدهانات الداخلية والخارجية
- فحص المباني أو العقارات من مختلف جوانبها الإنشائية من قِبل المقاول والمهندس المسؤول، وإعداد قائمةً لتصحيح الأخطاء إن وجدت والقيام بالتحسينات اللازمة
أبرز معايير التصميم وإنشائها
كانت العقارات قديماً؛ تُبنى من الطين والطوب الأحمر لتتطور أعمال البناء لاحقاً ويُصبح كُلاً من الإسمنت والحديد والخرسانة من الادوات المستخدمة في التصميم الحديث للمباني أو العقارات الجديدة، حتى غدى ذلك إحدى أهم معايير البناء الحديث، وكذلك الأمر فإنها تتطور وتختلف معايير أخرى للبناء بين حينٍ لآخر بما يضمن تنفيذ أبنية وعقارات آمنة ومريحة وبديعة ومميزة، وفي ما يلي نسرد بعضاً من أبرز معايير البناء الحديث:
- الأمان والسلامة الهيكلية: بحيث يكون تصميم المبنى آمنًا من الناحية الهيكلية بما يُفضي لمقاومته للزلازل والظروف الجوية القاسية والكوارث الطبيعية إن حدثت لا سمح الله، وكذلك فيوصى بتركيب أنظمة الحماية والأمان مثل كاميرات المراقبة، وأبواب الأمان، وأنظمة التحكم في الوصول أيضاً
- الاستدامة: بما يعني تصميم المبنى بطريقة تقلل من استهلاك الطاقة وتحسن كفاءة استخدام الموارد، وذلك ما يمكن تحقيقه عن طريق اتباع تقنيات البناء المستدام التي تتمثل أبرزها باستخدام مواد صديقة للبيئة وتصميم نوافذ وعوازل حرارية فعالة، وتوظيف تقنيات بناءٍ مستدامة، وتركيب أنظمة توفير طاقة،ى وغير ذلك من العناصر الأخرى ذات الصلة
- توجيه الإضاءة والتهوية الطبيعية: بمعنى الاستفادة بأكبر قدر ممكن من عوامل التهوية وعناصر الإضاءة الطبيعية، ما من شأنه التقليل من استهلاك الكهرباء والطاقة، وتعزيز الراحة والصحة العامة أيضاً
- تخطيط مساحات الغرف: بحيث يكون تقسيم مساحات الغرف والمرافق قائماً على طريقة متناسقة ومثالية تُلبي احتياجات السكان بشكل فعّال وعملي ومريح
- التصميم الداخلي: وهو ما يُقصد به تصميم الديكور الداخلي بنمطٍ يتماشى مع أسلوب الحياة وأذواق أو تطلعات وتفضيلات السكان، وذلك بما يراعي الجوانب العملية مثل توفير مساحة تخزين كافية مثلاً
وأيضا:
- تقنيات البناء والعزل: يُنصح باتباع تنفيذ تقنيات بناء عالية الجودة ومواد عازلة للصوت والحرارة لضمان راحة السكان والحفاظ على الخصوصية
- المتانة والصيانة: لا بُد من الاهتمام بمتانة البناء وتقليص متطلبات الصيانة بأكبر قدرٍ ممكن، مما يُسهم في تقليل التكاليف اللاحقة وضمان عمر طويل للمبنى، وتعزيز راحة وسلامة السكّان فيه، ويُنصح عادةً بأن تكون هنالك جهة أو هيئة إدارية في البنايات تتولى أمور الصيانية وجمع رسومها أو تكاليفها وإدارة الخدمات في العقارات أيضاً
- الامتثال للوائح والقوانين المحلية: يتعين على المختصين بتصميم وتنفيذ الأبنية والعقارات؛ الحرص على الالتزام بجميع القوانين واللوائح المحلية المتعلقة بالبناء والسلامة العامة بما يشمل الالتزام بالإطار التخطيطي المُقرر إن وُجد، والتماشي مع الرؤية الحضرية والمتطلبات الحكومية، إلى جانب إصدار التصاريح والموافقات اللازمة للبناء من أجل ضمان السلامة من الناحية القانونية أيضاً
وأيضا:
- التوافق مع احتياجات السكان: ينبغي تصميم المباني بما يراعي احتياجات السكان الحالية والمستقبلية مثل إضافة غرف إضافية للعائلة المتنامية أو توفير مساحات للتخزين وما سوى ذلك من الاحتياجات والمتطلبات الأخرى
- النمط التصميمي أو المعماري: يوصى عادةً بضرورة الالتفات إلى النمط أو الطراز المُختار لتصميم المباني والعقارات والاهتمام بأن يكون مميزاً ومُعبراً عن أسلوبٍ بديع قد يكون معاصراً أو تقليدياً أو تاريخياً أو ذو صِبغةٍ فنية أو ثقافية أو إبداعية تقليدية أو تاريخية أو معاصرة، إلا أنه يُنصح أحياناً أيضاً بأن يكون نمط تصميم المباني منسجماً ومتكاملاً مع المحيط أيضاً
- التكلفة والميزانية: لا بُد من رصد ميزانيةٍ لأعمال تصميم المباني وتنفيذها، جنباً إلى جنب مع تقدير أو تحديد التكلفة المطلوبة للأمر، والعمل وفقاً للميزانية والتكلفة المُتفق عليها بين المالكين من جهة ومصممي العقارات ومقاوليها أو مهندسيها من الجهة الأخرى
مخالفات تصميم المباني والعقارات
تضع كل دولة قوانين ومعايير ومحددات مُعينة في ما يتعلق بأمر البناء بما يضمن السلامة والصحة العامة، وعدم التعدي على حقوق الآخرين، والحماية من المخاطر المحتملة، وقد تختلف هذه القوانين من دولة إلى أخرى؛ إلا أنه بمعزلٍ عمّا هي الدولة التي يجري البناء فيها؛ فإنه يترتب على انتهاك أو مخالفة قوانين وشروط البناء عواقب جسيمة قد تشمل الغرامات المالية أو السجن أو غير ذلك من العقوبات الأخرى، وكذلك الأمر في المملكة العربية السعودية بطبيعة الحال، وفي ما يلي نُدرج بعضاً من أبرز المخالفات التي قد تقع بشكلٍ عامٍ على عاتق مصممي ومنفذي بناء العقارات:
- تنفيذ أعمال البناء دون إصدار التراخيص والتصاريح والموافقات اللازمة، أو انتهاء مدة هذه التصاريح والتراخيص قبل الشروع في أعمال البناء
- قيام المقاول بأعمال تشييد أو توسعة أو خلافه دون حصول المالك على ترخيص بذلك
- عدم الالتزام بتصميم أو توصيف أو تنفيذ أو اعتماد متطلبات الأعمال الانشائية في المنشأة أو المبنى
- عدم الالتزام بتنفيذ الاشتراطات والمتطلبات الفنية لأعمال عزل وحماية المنشآت والمبانى من تسرب الأمطار والمياه السطحية وفق كود البناء
- ترك أو إلقاء مخلفات أعمال الحفر ومواد البناء في الورش أو الأراضي
- المخالفات الخاصة بالمباني والمنشآت ذات الطراز المعماري المختلفة
- تغيير الاستخدام للمناطق التي صدرت لها مخططات تفصيلية معتمدة من الجهات الإدارية
التصميم الداخلي للمباني والعقارات
في حين يتولى المهندسون المعماريون ومصممي العقارات تصميم المباني من الخارج؛ فيُفضل العديد من مالكي العقارات الاستعانة بالمصممين الداخليين أيضاً، إذ يضطلع المصمم الداخلي بمهمة تصميم العقارات أو الأبنية من الداخل، واختيار نمط أو أسلوب مميزٍ وخاصٍ لها، بما يشمل تنسيق الغرف والمرافق، والجدران واختيار ألوان دهانها أو طلائها، إلى جانب اختيار المفروشات وقطع الأثاث في العقارات أيضاً، وذلك بما يعكس التوافق بين المصمم الداخلي وأصحاب العقارات، وبما يفضي لتحقيق نمطٍ أو أسلوب بديع ورائع ومميز
وتتباين طرز التصميم والديكور الداخلي تِبعاً لعوامل متعددة تُسهم في ذلك أبرزها رؤية المصمم، وتفضيلات الأشخاص أو أصحاب العقارات، وما تُستوحى منه ملامح وأنماط الديكور والتصميم الداخلي،
سواءً تمثلت موارد الإيحاء هذه بعناصر طبيعية، أو ثقافية، أو دينية، أو حضارية، أو تراثية، أو رياضية، أو فنية، وما إلى هنالك من العناصر الأخرى.
وبناءً على ذلك؛ فلقد أضحى هنالك العديد من القوالب الجاهزة للتصميم الداخلي والتي يُمكن إجراء تعديلات أو تحديثات عليها لدى تنفيذها وتطبيقها من قِبل شركات تصميم داخلي أو مختصين في هذا القطاع،
ولعلّ أبرز هذه القوالب والأنماط أو الأساليب وأشهرها هي التالية:
- تصميم داخلي تقليدي
- تصميم داخلي معاصر
- وتصميم داخلي نيو كلاسيك
- تصميم داخلي كلاسيكي
- تصميم داخلي يوناني
- وتصميم داخلي حديث
- تصميم داخلي فيكتوري
- تصميم داخلي أندلسي
- وتصميم داخلي بسيط / الحد الأدنى – مينيماليست
- تصميم داخلي بنمط آرت ديكور
- تصميم داخلي ساحلي
- وتصميم داخلي فرنسي
- تصميم داخلي بنمط الشابي شيك
- تصميم داخلي صناعي
- وتصميم داخلي اسكندنافي
- تصميم داخلي ريفي
بهذا نكون قد قدّمنا لك في هذا المقال؛ معلومات وتفاصيل وافية ومتكاملة عن تصميم المباني بما يشمل التعريف عن الأمر، وتوضيح كيفية تصميم المباني وأسسها ومعاييرها، وسرد أبرز مخالفات تصميم المباني والعقارات، وكذلك الحديث عن التصميم الداخلي للمباني والعقارات أيضاً.
إذا كنت ترغب بالحصول على المزيد من المعلومات، وقراءة العديد من المقالات الأخرى المهمّة والشيّقة؛ فإننا ندعوك لتفقّد مدوّنة بيّوت السعودية والبقاء على اطّلاعٍ بكُلِ جديدٍ أولاً بأول.