في دولة عملاقة مثل المملكة العربية السعودية بما تقوم عليه من مساحة جغرافية شاسعة، وما تضمه من تعداد سكّاني كبيرٍ نسبياً؛ ناهيك عن اتخاذها موقعاً جغرافياً حساساً ويُعد بمثابة عُرضة للتقلبات الاقتصادية والجيوسياسية وغيرها؛ فإنه لا بُد من وجود عديدٍ من التحديات التي تواجه مختلف المجالات والقطاعات، ولعلّ أحد أبرز القطاعات السعودية التي تأثرت على مدى السنوات الماضية وما زالت بالعديد من الظروف والتغيّرات والقرارات والعوامل الاقتصادية، والأحوال الاجتماعية والسياسية أيضاً؛ هو قطاع العقارات السعودي بطبيعة الحال.
لذا؛ فإننا نتحدث في هذا المقال بإيجازٍ وافٍ عن سوق العقارات في السعودية بشكلٍ عام، كما نوضح أهم التحديات التي تواجه القطاع العقاري السعودي، ونستعرض أبرز المخططات والحلول المُقترحة والسارية للتعامل مع هذه التحديات بالسعودية في إطار رؤية المملكة 2030.
نبذة عامّة عن سوق العقارات في السعودية
يعد السوق العقاري السعودي أحد أكبر الأسواق العقارية في الشرق الأوسط وأهمها نظراً لقيمته السوقية العالية، وحجم النمو المتسارع فيه، وزخم الطلب عليه تِبعاً للمساحة الشاسعة التي يقوم عليها وعدد السكّان الضخم في المملكة العربية السعودية، وفي حين أنه قد يمر بفترات فتور وتعثر وأنه قد يتأثر بهزات وأحوال متعددة نحو التراجع شيئاً قليلاً كما غيره من الأسواق العقارية في العالم؛ فإنه يشهد ارتفاعاً وتقدّماً ونموّاً مُطّرداً حالياً مع توقعات باستمرار هذه الوتيرة من النمو في السنوات المُقبلة، وذلك عطفاً على ما تشهده المملكة ويشهده القطاع العقاري فيها من اهتمامٍ وعملٍ دؤوب في مشاريع البنية التحتية الكُبرى بما يشمل تطوير المُدن الجديد وشبكات المواصلات والطرق وإيصال الخدمات وتوفير المرافق الاجتماعية ودعم القطاع العقاري وإنشاء العقارات الحديثة بطُرز متعددة ومختلفة وبأصناف متنوعة عموماً.
ضِف إلى ذلك تركيز المملكة على تنويع الاقتصاد والاعتماد على الموارد غير النفطية بما في ذلك كُلاً من الموارد التجارية والصناعية والسياحية وغيرها، هذا إلى تقديم الحوافز والتسهيلات للعاملين في القطاع العقاري والمستثمرين العقارين مما يجذب مشاريع الاستثمار العقاري ويشجع عليها كما يشجع على مشاريع الإعمار المحلية على حدٍ سواء.
وكذلك فلا بُد من الإشارة إلى الدور المهم الذي تقوم به الهيئة العامة للعقار في السعودية ووزارة الإسكان أيضاً من أدوار مهمّة تُسهم بشكلٍ كفؤٍ ورئيسي في تنظيم القطاع العقاري في المملكة وتيسير شؤونه على نحو مثالي ومتكامل بما يشمل أمور الترخيص والوساطة والإعلان والتسويق والاستثمار وإدارة الأملاك وغيرها من المهام الأخرى، جنباً إلى جنبٍ مع ما تُقدمه هذه الجهات من برامج فاعلة في نهضة القطاع العقاري السعودي واستدامة تطوره ونموه بما في ذلك برنامج “سكني” الذي تطلقه وزارة الإسكان السعودية على سبيل المثال بهدف رفع نسبة تملك السعوديين للسكن إلى 70% بحلول العام 2030، وتلبية الاحتياجات والمتطلبات السكنية لنحو 300 ألف أسرة سعودية عبر تأمين أكثر من 100 ألف وحدة سكنية متنوعة لهم، وما سوى ذلك من البرامج والمشاريع الأخرى في هذا السياق.
وهذا كله ما يُفضي بطبيعة الحال إلى زيادة العرض والطلب في سوق العقارات السعودي، وتعزيز الأمان والموثوقية فيه، ورفع قيمته السوقية، وترسيخ مكانته المتفوقة والنشطة بمختلف أصنافه سواءً السكنية أو التجارية، أو الصناعية، أو السياحية، أو الاستثمارية، وغيرها.
أهم تحديات سوق العقارات في السعودية
على الرغم يضطلع به السوق العقاري السعودي من مميزات كثيرة ومتعددة تشمل كُلاً من الحوافز والتسهيلات والموثوقية والأمان والحركة الشرائية وتنوع السوق وتحقيق العوائد الاستثمارية والأرباح المالية؛ إلا أن هنالك حُزمة من التحديات التي تواجه سوق العقارات في السعودية بالمقابل ولعلّ من أهمها ما نسرد بإيجازٍ وافٍ تالياً:
- سلاسة ومرونة السياسات والأنظمة المتعلقة بالتشريعات العقارية
- اضرابات سلاسل الإمداد والتقلبات أو الأزمات الجيوسياسية في المنطقة
- النقص في أعداد المقاولين والأيدي العاملة
- التقلبات الاقتصادية وفي مقدمتها تقلبات أسعار العالمية
- التحولات الديموغرافيات التي تتعلق بتعداد السكّان في المملكة
- صعوبة الوصول إلى تحديثات البيانات والمعلومات والإحصائيات عن السوق العقاري وقطاعات الاقتصاد السعودي مما قد يؤثر بدوره على حال الاستثمار العقاري في المملكة
- الشروط والقيود المفروضة إصدار تراخص العمل في القطاع العقاري بالسعودية والتي قد يعدها بعض المستثمرين بمثابة عائق أمامهم
- الشروط المفرضة على التمويل العقاري وتغيّر أسعار الفائدة
- ارتفاع تكلفة المشاريع العقارية
- التنظيمات الحضرية والتنسيق العمراني وتوفر البنية التحتية ومرافق الخدمات الذي قد لا يكون متوفراً في بعض مناطق التطوير والاستثمار العقاري
- متطلبات مبدأ البناء المُستدام الذي تنتهجه المملكة للتحقق والتأكد من جودة المباني وسلامتها على أفضل نحو وبشكلٍ متفوق
- التغييرات في ضرائب ورسوم القطاع العقاري بالسعودية
- شروط وسياسات التملك العقاري
- التغيرات في الاحتياجات والتفضيلات العقارية سواءً السكنية أو التجارية أو غيرها
- الحاجة لتعزيز قطاع التسويق العقاري وزيادة عدد شركات التسويق العقاري الكفؤة
- التوجه إلى الاعتماد على الوسائل والحلول التكنولوجية أو التقنية الحديثة في القطاع العقاري
- التنافسية بين القطاعين العام والخاص
أبرز الحلول لمواجهة تحديات السوق العقاري السعودي
في مقابل ما يواجهه سوق العقارات في السعودية من تحديات متعددة ومختلفة؛ فإنها تعمل الجهات المختصة في هذا الشأن وفي مقدمتها كُلاً من الهيئة العامة للعقار ووزارة الإسكان السعودية على إقتراح وإيجاد الحلول المناسبة للتعامل مع هذه التحديات ومواجهتها، ولقد سرى بعضاً من هذه الحلول ودخل حيّز التنفيذ بالفعل في الآونة الأخيرة، ولعلّ أبرز ما يقابل هذه التحديات من الحلول المقترحة أو السارية بالفعل حالياً؛ هي التي نستعرضها بإيجازٍ وافٍ أيضاً في ما يلي:
- تنظيم القطاع العقاري غير الحكومي عبر وضع اللوائح والأنظمة المُنظمة للنشاط العقاري غير الحكومي بما يشمل إصدار التراخيص والتصاريح لممارسي الأنشطة العقارية
- الإشراف على القطاع العقاري عن طريق مراقبة ومراجعة أنشطة القطاع العقاري غير الحكومي لضمان الامتثال للأنظمة والمعايير، إلى جانب تتبع وتقييم أداء وامتثال ممارسي الأنشطة العقارية في المملكة
- تمكين و تطوير قطاع العقارات عبر بناء وتطوير قدرات القطاع البشرية وتحسين كفاءة الخدمات المقدمة للقطاع، ووضع إجراءات لاستدامة الأصول العقارية، وتوفير البيانات والإحصائيات العقارية لاتخاذ القرارات وتعزيز الشفافية
- تشجيع الاستثمار وتعزيز بيئته في القطاع العقاري من خلال تقديم مزيد من الفرص والتسهيلات للمستثمرين
- تقديم الخدمات المبتكرة وتوطيد العلاقة بين المستثمر والمستفيد
- الفهم العميق للسوق العقاري والتحليل المستمر عبر إجراء الأحبات المتكاملة والمتواصلة عن القطاع العقاري في السعودية وصولاً لفهم دقيق حول العرض والطلب، واتجهات السوق، والتحولات في التفضيلات العقارية، إلى جانب متابعة التطورات الاقتصادية والسياسية وتحليل كيفية تأثيرها على السوق العقاري واتخاذ الاجراءات الملائمة حيال الأمر بناءً على التحليلات الدقيقة
- تنويع مصادر الاقتصاد وبناء الشراكات الاقتصادية المتينة
- التأكد من وضوح وسلاسة اللوائح الحكومية والتنظيمية السارية وإجراء التحديثات بشكلٍ مستمرٍ عليها والتأكد من فهمها والالتزام بها على نحوٍ يسير، إلى جانب الاستعانة بمستشارين قانونيين متخصصين في العقارات لضمان الامتثال للقوانين وتجنب الأخطاء أو التجاوزات والنزاعات القانونية
- موازنة أعداد المشاريع العقارية مع حجم الطلب بناءً على تعداد السكّان
- تنويع المحفظة الاستثمارية العقارية بين الأصناف العقارية المختلفة بما يشمل السكنية والتجارية والصناعية والسياحية منها
- تسهيل الوصول إلى مصادر البيانات والمعلومات على السوق العقاري والقطاعات الاقتصادية في المملكة
- تنويع مناطق أو أماكن الإنشاءات والاستثمارات العقارية في أرجاء المملكة
- تسهيل إصدار تراخيص العمل في القطاع العقاري شريطة مطابقة الشروط الضرورية
- تسهيل عمليات اعتماد التقنيات الحديثة والابتكار في العمل العقاري وجعل وسائلها في المتناول
- إيجاد الحلول المناسبة والبدائل في ما يتعلق بالتمويل العقاري
- تطوير استراتيجيات لإدارة المخاطر والتخطيط المالي بما يشمل التمويل والتأمين، وإعداد الخطط المالية الصائبة مع التوقع الدقيق للتكاليف المحتملة، والعائدات، وسيناريوهات السوق المختلفة
- السعي لتخفيض تكاليف المشاريع العقارية عبر توفير الموارد اللازمة
- استقطاب المقاولين والأيدي العاملة وبناء شبكة علاقات استراتيجية متينة مع الجهات الحكومية، والمستثمرين، والمقاولين، والوكلاء العقاريين، وكذلك التعاون مع شركاء محليين للحصول على فهم أفضل للسوق وزيادة فرص النجاح
- تسريع وتيرة تحسين البنية التحتية وتوفير المرافق الاجتماعية والخدماتية خصوصاً في المناطق التي تشهد إقبالاً في ما يخص إنشاء المشاريع العقارية
- ترغيب المستثمرين بالاهتمام في تطوير مشاريع عقارية مبتكرة ومستدامة وتسهيل الأمر عليهم
- تحديد الضراب والرسوم في القطاع العقارية بشكلٍ ثابت وملائم
- عقد شراكات استراتيجية طويلة الأمد تضمن توفير سلاسل الإمداد
- تسهيل وتوضيح شروط التملك العقاري
- الاستثمار في تنمية القوى العاملة وتطويرها
- الموائمة بين المشاريع العقارية في القطاعين العام والخاص
- تعزيز دور المنصات العقارية الرقمية وتقنيات الواقع الافتراضي
- تنمية ومساعدة شركات التسويق العقاري وتقديم الحوافز والتسهيلات لها
بهذا نكون قد قدّمنا لك في هذا المقال؛ معلومات وافية ومتكاملة عن سوق العقارات في السعودية بما يشمل تقديم نبذة عامّة عنه، وتوضيح أهم التحديات في سوق العقارات السعودي وأبرز الحلول المُقترحة أو المُطبّقة حيال هذه التحديات.
إذا كنت ترغب بالحصول على المزيد من المعلومات وقراءة العديد من المقالات الأخرى المهمّة والشيّقة؛ فإننا ندعوك لتفقّد مدوّنة بيّوت السعودية والبقاء على اطّلاعٍ بكُلِ جديدٍ أولاً بأول.