في خضم سعيها الحثيث لحماية الحقوق في القطاع العقاري وتخفيض احتمالية حدوث نزاعات بين أطراف المعاملات العقارية وصولاً إلى الحد من هذه الاحتمالية؛ فلقد أصدر مجلس الوزراء السعودي نظام الوساطة العقارية الجديد بالمملكة في العام 1443 الموافق للعام 2022، بُغية المساهمة في رفع جودة الخدمات العقارية في السعودية وتنظيم إجراءات الوساطة في القطاع العقاري على نحوٍ متفوق ومواكب وسلس وكفؤ.
في هذا المقال؛ نوضح ما هو المقصود بمفهوم الوساطة العقارية، كما نسرد معلومات وافية ومتكاملة عن نظام الوساطة العقارية الجديد في السعودية، ونستعرض أبرز وأهم مواده وقوانينه.
الوساطة العقارية في السعودية
يُعرف مفهوم الوساطة العقارية عموماً على أنه التوسط بين البائع والمشتري أو المالك والمستأجر من في الصفقات العقارية من أجل إتمامها، إذ يعمل الوسيط العقاري مع أحد أطراف المعاملة أو كلاهما لتحقيق مبتغياتهم في بيع أو شراء أو تأجير أو استئجار عقار ما، بعد إيجاد هذا العقار المناسب لتفضيلات المشتري أو المستأجر، أو إيجاد المتشتري أو المستأجر الملائم لشراء أو استئجار عقارٍ ما، وبالتالي فتجمع الوساطة العقارية بين أطراف المعاملة أو الصفقة وتدير دفة المفاوضات بين الطرفين وصولاً إلى اتفاقهما وعقدهما الصفقة، ويأخذ الوسيط أجراً مالياً في المقابل حيال ما قام به من خدمات للمالك أو المشتري أو المستأجر وتُسمى الحصة المالية بالعمولة.
وفي ظل تطلع الجهات المعنية في المملكة العربية السعودية إلى تنظيم عمليات الوساطة العقارية والحد من محاولات الاحتيال ورفع الموثوقية وتعزيز السلاسة وحفظ الحقوق فيها؛ فلقد تم إطلاق نظام الوساطة الجديد في العام 2022 بـ24 مادة تضمن هذه التطلعات إلى حدٍ كبيرٍ وتساهم في ترسيخها بكفاءة وفاعلية عالية.
نظام الوساطة العقارية الجديد في السعودية
صدر هذا النظام عن مجلس الوزراء السعودي بمرسومٍ ملكي في العام 1443هـ الموافق للعام 2022م، ولقد جاء نظام الوساطة العقارية الجديد في المملكة ليلغي لائحة تنظيم المكاتب العقارية لعام 1398هـ ويحل محلها، كما أنه يُعد سارياً ومنطبقاً على الوسطاء العقاريين سواءً أكانوا أفراداً أو منشآت عقارية، وتضمن النظام الجديد فصولاً عدةً بما يشمل تعريفات النظام، وأهدافه، إلى جانب تركيزه على إلزامية الترخيص لمزاولة نشاط الوساطة العقارية، وكذلك توضيح صلاحيات الهيئة العامة للعقار، وصلاحيات مجلس إدارة الهيئة، كما بيّن التفاصيل والمعايير العامة لعقد الوساطة، واستعرض التزامات الوسيط العقاري، كما حدد شروط العربون وعمولة الوساطة، وأتى على توضيح مسؤوليات ومقتضيات الرقابة والتفتيش، وتحدث عن ضبط المخالفات، كما فصّل العقوبات بموجب الظام وقوانينه، وأشار إلى لائحة النظام، بالإضافة إلى تحديده موعد نفاد النظام وسريانه أيضاً وهو الذي جرى بعد 180 يوماً من صدور النظام آنذاك في العام 2022.
أبرز قوانين نظام الوساطة العقارية الجديد في السعودية
فيما تضمن النظام 24 مادة مٌفصّلة؛ فإننا نسرد في ما يلي بعضاً من أبرز ما جاء فيه من قوانين وتشريعات:
أبرز شروط مزاولة مهنة الوساطة العقارية في السعودية
يضع نظام الوساطة العقارية الجديد في المملكة شروطاً إلزامية لممارسة مهنة الوساطة العقارية ويخالف أو يعاقب كل من يخالف هذه الشروط الوارد أبرزها في كُلٍ من المادة الرابعة والمادة الثامنة من النظام، وهي التي تتمثل بالتالية:
المادة الرابعة
- لا تجوز ممارسة الوساطة العقارية ولا تقديم الخدمات العقارية إلا بعد الحصول على ترخيص من الهيئة. وتحدد اللائحة أحكامه، وشروطه، وإجراءاته، ومدته، وتجديده
- للوسيط العقاري تقديم خدمات عقارية مكملة، وفقاً للفقرة (6) من المادة (السادسة) من النظام، وذلك بعد الحصول على ترخيص من الجهة المختصة، ووفقاً لما تحدده اللائحة من ضوابط
المادة الثامنة
للوسيط العقاري التعاقد مع وسيط عقاري آخر أو أكثر؛ للتوسط في العقار محل عقد الوساطة وفقاً لأحكامه، ما لم ينص في العقد على غير ذلك.
محددات عقد الوساط الوساطة العقارية
يُعرف نظام الوساطة العقارية الجديد في السعودية عقد الوساطة على أنه اتفاق بين الوسيط العقاري والطرف المستفيد من الوساطة العقارية؛ لإتمام صفقة عقارية أو تقديم خدمة عقارية، ويفرض النظام محددات إلزامية حيال عقد الوساطة تتجلى بكُلٍ من المادتين السابعة والتاسعة من النظام، وهُنّ التاليتين:
المادة السابعة
- يجب أن يكون عقد الوساطة مكتوباً، وأن يودع الوسيط نسخة من العقد لدى الهيئة، ولا يُحتج به إلا بذلك، وتحدد اللائحة إجراءات الإيداع
- يجب أن يكون عقد الوساطة محدد المدة، وإذا لم يُتفق عليها في العقد فتكون (تسعين) يوماً من تاريخ إبرامه
المادة التاسعة
على الوسيط العقاري عند إبرام عقد الوساطة مع مالك العقار أو مالك المنفعة الحصول على صورة من إثبات ملكية العقار أو ملكية المنفعة، والمعلومات، والوثائق التي تحددها اللائحة.
أبرز مخالفات نظام الوساطة العقارية الجديد
يوضح نظام الوساطة العقارية الجديد بالسعودية في المادة الثامنة عشرة منه؛ بعضاً من أبرز مخالفات النظام وأكثرها شيوعاً، وهي التي يخالف ويعاقب عليها النظام بطبيعة الحال، وتتمثل بالتالية:
المادة الثامنة عشرة
- ممارسة نشاط الوساطة العقارية والخدمات العقارية دون ترخيص
- تقديم معلومات غير صحيحة للحصول على ترخيص لممارسة نشاط الوساطة العقارية والخدمات العقارية
- تقديم معلومات مضللة أو إخفاء معلومات جوهرية في شأن العقار محل الوساطة أو الخدمة العقارية
عقوبات نظام الوساطة العقارية الجديد
يفرض نظام الوساطة العقارية الجديد في السعودية عقوبات رادعة وصارمة حيال كل من يخالف أحكام النظام وفقاً للمادتين التاسعة عشرة والعشرون وهنّ اللتين تتضمنان ما يلي:
المادة التاسعة عشرة
- يعاقب كل من يخالف أي حكم من أحكام النظام، بعقوبة
أو أكثر من العقوبات الآتية:
أ- الإنذار.
ب- تعليق الترخيص لمدة لا تتجاوز (سنة).
ج- إلغاء الترخيص.
د- غرامة لا تتجاوز (200,000) مائتي ألف ريال. - تجوز مضاعفة الغرامة المحكوم بها في حال تكرار المخالفة خلال (ثلاث) سنوات من ارتكابها.
- تحدد اللائحة تصنيف المخالفات والعقوبات المقررة لها بناءً على الفقرة (1) من هذه المادة.
- يحق لمن أُلغي ترخيصه التقدم بطلب ترخيص جديد وفق الإجراءات النظامية بعد مضي (ثلاث) سنوات من تاريخ الإلغاء.
المادة العشرون
- تكوَّن بقرار من رئيس المجلس لجنة (أو أكثر) من ثلاثة أعضاء -على الأقل- يكون أحدهم من المختصين في الشريعة أو الأنظمة؛ تتولى النظر في مخالفات أحكام النظام، وإيقاع العقوبات المنصوص عليها في المادة (التاسعة عشرة) من النظام، وتصدر قراراتها بالأغلبية، ويعتمدها الرئيس التنفيذي للهيئة. وتحدد اللائحة إجراءات عمل اللجنة.
- يجوز لمن صدر بحقه قرار العقوبة التظلم منه لدى الجهة القضائية المختصة خلال (ثلاثين) يوماً من إبلاغه بقرار العقوبة.
العربون والعمولة في نظام الوساطة العقارية الجديد
لم ينأى نظام الوساطة العقارية الجديد في السعودية عن توضيح ما يتعلق بأمور العربون والعمولة في عقود الوساطة العقارية وتحديدها، إذ أتى عليها بتفصيل في كُلٍ من المواد الثالثة عشرة، والرابعة عشرة، والخامسة عشرة أيضاً كما هو مُبيّنٌ تالياً:
المادة الثالثة عشرة
- يحدد مبلغ عربون الصفقة العقارية التي تتم عن طريق الوسيط العقاري، بالاتفاق بين أطرافها؛ بما لا يتجاوز (5%) من قيمتها، وفي حال تجاوز هذه النسبة عُدَّ المبلغ مقدم ثمن للصفقة.
- لا يعد المبلغ الذي دفعه المشتري أو المستأجر عربوناً إلا إذا نُصّ على ذلك كتابة، وإلّا فهو مقدم ثمن لا يستحقه البائع أو المؤجر إذا فُسخ العقد.
- على البائع أو المؤجر حال تسلم العربون إتمام الصفقة، وإذا تعثر إتمامها بسبب من المشتري أو المستأجر دون وجود عيب في العقار؛ فلا يعاد العربون، وإن كان سبب التعثر لا يعود إلى أي منهما، فيلزم إعادة العربون إلى من دفعه.
- لا يجوز للوسيط العقاري الاحتفاظ بالعربون ضماناً لحقه.
المادة الرابعة عشرة
- تتحدد عمولة الوساطة العقارية بنسبة (2.5%) من قيمة الصفقة إن كانت بيعاً، ومن قيمة إيجار السنة الأولى فقط إن كانت إيجاراً، ما لم يتفق أطراف عقد الوساطة -كتابةً- على غير ذلك.
- يتحمل دفع العمولة الطرف المتعاقد مع الوسيط العقاري في عقد الوساطة.
- في حال أبرم الوسيط العقاري عقد وساطة مع أكثر من طرف من أطراف الصفقة العقارية الواحدة؛ فلا يجوز أن يتجاوز مجموع ما يتقاضاه من عمولة النسبة المحددة للعمولة في الفقرة (1) من هذه المادة، وتحدد اللائحة طريقة تحمل الأطراف العمولة في هذه الحالة، ما لم ينص في العقد على غير ذلك.
المادة الخامسة عشرة
يستحق الوسيط العقاري العمولة في الحالات الآتية:
- إتمام الصفقة العقارية التي توسط بها، وفقاً لعقد الوساطة، أثناء مدة سريانه، أو خلال مدة لا تتجاوز (شهرين) من انتهاء العقد، على أن يثبت وساطته في هذه الحالة.
- عدم إتمام الصفقة العقارية، واستحقاق البائع أو المؤجر للعربون، وتحدد اللائحة النسبة والضوابط المتعلقة بذلك.
التزامات الوسيط العقاري وفق نظام الوساطة العقارية الجديد في السعودية
حدّد النظام أهم مسؤوليات والتزامات الوسيط العقاري في السعودية بشكلٍ جليّ الوضوح ليزيل أي لُبس قد يتعلق بالأمر، إذ جاءت المادة العاشرة من النظام توضح مسؤوليات والتزامات الوسيط العقاري كما يلي:
المادة العاشرة
- ممارسة نشاط الوساطة العقارية بنفسه إذا كان شخصا طبيعيًّا، أو بوساطة المدير المسؤول أو أحد تابعيه المرخص له إذا كان شخصا معنويًّا
- عدم القيام بأي فعل أو الامتناع عن أي فعل، يكون من شأنه الإضرار بمصالح المتعاملين معه، أو يتعارض مع أحكام النظام
- إبلاغ الهيئة عن أي تعديل أو تغيير متعلق بممارسة نشاط الوساطة العقارية
- عدم إفشاء سرٍّ من أسرار الصفقات محل الوساطة
- أن يبذل العناية اللازمة للتحقق من صحة المعلومات التي يحصل عليها بناءً على المادة (التاسعة) من النظام
- الإفصاح -عند عرضه للعقار- عن المعلومات التي حصل عليها بناءً على المادة (التاسعة) من النظام، وعدم تقديم أي معلومة مضللة بشأن العقار
- بيان اسمه ورقم الترخيص، في أي إعلان، أو منشور متعلق بالعقار
- ممارسة نشاطه بشفافية ومصداقية، وتقديم الخدمات بجودة وكفاية
بهذا نكون قد قدّمنا لك في هذا المقال معلومات وافية ومتكاملة عن نظام الوساطة العقارية الجديد في السعودية، كما استعرضنا أبرز وأهم مواده وقوانينه، بعد أن وضحنا وعرّفنا معنى الوساطة العقارية عموماً.
إذا كنت ترغب بالحصول على المزيد من المعلومات، وقراءة العديد من المقالات الأخرى المهمّة والشيّقة؛ فإننا ندعوك لتفقّد مدوّنة بيّوت السعودية والبقاء على اطّلاعٍ بكُلِ جديدٍ أولاً بأول.